الحكومة اللبنانية أقرّت خطة ترحيل النفايات إلى الخارج

الحريري يتهيّأ لـ «تعويم» ترشيح فرنجية مطلع السنة الجديدة

1 يناير 1970 02:02 ص
• «حزب الله» توعّد بالانتقام للقنطار «كيفما كان وأينما كان وبالطريقة المناسبة»
تخلّصت الحكومة اللبنانية أخيراً، من أحد أسوأ الأعباء التي أُلقيت على عاتقها، والتي عانت طويلاً قبل ان تجد حلاً موقتاً لها، وهي أزمة النفايات التي شكّلت، وحدها، في الأشهر الخمسة الأخيرة، عنوان الفشل الحكومي والسياسي، الذي واكب تَراكُم جبال النفايات في بيروت، وعدد كبير من مناطق جبل لبنان.

وتوصّلت الحكومة منتصف ليل الإثنين - الثلاثاء الى إقرار خطة تصدير النفايات الى الخارج، التي سيُباشر تنفيذها مبدئياً منتصف الشهر المقبل، وذلك خلال الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الوزراء، والتي اتّسمت بدلالة بارزة، تمثّلت في تَجاوُز معيار التوافق الجماعي لاتخاذ القرار، إذ أُقرّت الخطة رغم اعتراض مكوّنيْن حكومييْن عليها، هما «التيار الوطني الحر» (يتزعّمه ميشال عون) وحزب «الكتائب».

وبدا واضحاً ان موافقة «حزب الله» والقوى الأخرى على خطة ترحيل النفايات شجّعت رئيس الحكومة تمام سلام على المضيّ في إقرار الخطة قبل نهاية السنة، خشية إطاحتها بالكامل، في حال استسلامه لاعتراضات الوزراء العونيين والكتائبيين. علماً ان «حزب الله» كانت لديه، بدوره، تحفّظات، ولكنه فضّل التخلي عنها لإقرار الخطة بسرعة.

وأبلغت أوساط وزارية مطلعة «الراي» ان «الجلسة الحكومية - وهي الاولى منذ 9 سبتمبر الماضي، وستكون الأخيرة حتماً في السنة الحالية - جاءت بعد جولة الحوار النيابي الموسّع التي سبقتها بساعات قليلة (الإثنين) وأثبتت ان القوى السياسية الوازنة تتصرف على اساس ترحيل مجمل الاستحقاقات الداخلية الى فترة غير قصيرة من مطلع السنة المقبلة».

وقالت هذه الأوساط التي شاركت في اجتماع الحوار كما في الجلسة الحكومية إن «الأحاديث الجانبية بين ممثلي القوى السياسية كادت تُجمِع على ان فرصة التسوية الرئاسية التي وفّرها الرئيس سعد الحريري والتي حملت اسم زعيم (تيار المردة) النائب سليمان فرنجية مرشحاً للرئاسة لا تزال مطروحة بجدية في مقابل ترشيح منافِسه ضمن الفريق الواحد (8 آذار) اي عون، الذي لا يُبدي اي تهاون حيال ترشيحه، ولكن من دون ان يبرز اي أفق زمني واضح في شأن إعادة تحريك حيوية الاستحقاق الرئاسي وبأي ظروف جديدة».

ورأت الأوساط نفسها انه «حين يسهّل (حزب الله) بتّ خطة النفايات في مجلس الوزراء، فإن ذلك يعني انه يرغب في احتواء بعض الجوانب المأزومة داخلياً من طريق تعويم جزئي للحكومة، فيما هو متريّث في بتّ خياراته الرئاسية».

وفي هذا السياق، تعتقد الاوساط الوزارية ان «الأنظار ستتركز تكراراً بعد رأس السنة الجديدة على ما يمكن ان يفعله الرئيس الحريري لتفعيل مبادرته في شأن ترشيح فرنجية، اذ يُعتقد انه يهيئ لشيء ما أكيد في هذا السياق، وانه ليس في وارد التراجع عن ترشيح زعيم (المردة) وأن التريث الحالي في الخطوات الجديدة ليس إلا عملية تقويم هادئة لمجمل تطورات هذه التسوية، استعداداً للمرحلة الآتية التي تعقب مرحلة (الصدمة الاولى) داخل (14 آذار) كما (8 آذار) التي سادت بعيْد طرْح (خيار فرنجية)».

وأوضحت الأوساط عيْنها، أن «إعلان ايران، اول من امس، ان هناك مساعي لإحياء حوار بينها وبين السعودية على القضايا الاقليمية، أنعش آمال قوى داخلية عدة، تراهن منذ زمن على بدْء حوار كهذا لإطلاق عملية جدّية تنتهي بانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، باعتبار ان من الصعوبة تَصوُّر إمكان البتّ في مثل هذا الملف بمعزل عن (حرب النفوذ) المستعرة على امتداد خريطة المنطقة، والتي تشكّل كل من طهران والرياض محوريْن رئيسيْن فيها».

وإذ لاحظت الأوساط انه «لا يزال من المبكر التسرّع في إطلاق توقّعات قبل معرفة طبيعة الحوار الايراني - السعودي وجدّيته»، أشارت الى ان «الأسابيع الأولى من الشهر المقبل ستكون كفيلة ببلورة الكثير من الغموض الحالي الذي يسود مصير المعركة الرئاسية، وهو الأمر الذي ردّده أكثر من قطب شارك في الجولة الاخيرة (اول من امس) من الحوار الذي يرعاه الرئيس نبيه بري».

وفي موازاة ذلك، لم تنته في بيروت تداعيات اغتيال إسرائيل للقيادي في «حزب الله» سمير القنطار قرب دمشق، ولا سيما في ضوء المواقف التي أطلقها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، ليل اول من امس، وكرر فيها معادلة «عندما تعتدي إسرائيل أينما كان وكيفما كان وفي أي وقت كان، فمن حق المقاومة أن ترد أينما كان وكيفما كان وفي أي وقت كان»، مؤكداً ان «في حل قتْل أي كادر من كوادر (حزب الله) فسنحمّل إسرائيل المسؤولية وسنعتبر أن من حقنا ان نرد في اي مكان أو زمان وبالطريقة المناسبة، واليوم أقول للعدو والصديق: الشهيد سمير القنطار واحد منا، وقد قتله الإسرائيلي يقيناً، ومن حقنا أن نردّ على اغتياله في المكان والزمان المناسبيْن، وبالطريقة المناسبة».

واذا كان كلام نصر الله حمل حسْماً لناحية تحميل تل ابيب مسؤولية عملية الاغتيال، رافضاً ما أعلنه بعض من وصفهم بـ «الجماعات المسلّحة السورية» لجهة تبنّي اغتيال القنطار «فهذا التبنّي يصبّ في مصلحة إسرائيل»، كان البارز ان الامين العام لـ «حزب الله» تفادى التطرّق الى ما إذا كان قصْف المبنى الذي كان القنطار في داخله في جرمانا السورية قد تم من داخل او خارج الاجواء الاقليمية السورية، مكتفياً بالاشارة الى ان العملية نفذّتها «طائرات معادية استخدمت صواريخ موجهة وعالية الدقة»، علماً ان هذه النقطة الإشكالية طغت منذ اعلان مصرع عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، وسْط اسئلة عن «غض طرْف» او «تواطؤ» روسي، أتاح لإسرائيل تسديد هذه الضربة على بُعد 5 كيلومترات من مركز دمشق، خارقةً «الدرع الجوي» الذي توفّره منظومة صواريخ «إس - 400» الروسية، التي سبق ان نشرتها موسكو في سورية.