ملفه يتفاعل قضائياً وسياسياً... وما قصة «تبييض» 5 مليارات دولار؟
تجاذبات حول رفض وزير العدل اللبناني طلب دمشق تسليمها هنيبعل القذافي
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
02:02 ص
تَفاعَل رفْض وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي طلب النيابة العامة التمييزية السورية استرداد هنيبعل القذافي، نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي الموقوف في بيروت بجرم إخفاء معلومات في قضية تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، ولم يتأخّر هذا القرار في الدخول على خط التجاذبات السياسية الداخلية كما المتصلة بالموقف من نظام الرئيس بشار الاسد. وفيما أطلّ قرار ريفي على السياسة من خلال «الارتياب» الذي عبّر عنه من وجود نية لدى دمشق «بعرقلة التحقيق القضائي الجاري في لبنان» واعتباره انه «كان على الجهة مرسلة الطلب، وقبل المسارعة في طلب تسليم المدعو هنيبعل القذافي بعد منحه اللجوء السياسي لديها، أن تضعه بتصرف السلطات القضائية اللبنانية للاستماع إليه بجريمة إخفاء الإمام الصدر لما قد يكون لديه من معلومات قد تساعد بكشف الحقيقة»، فإن تداعيات خطوة وزير العدل سرعان ما برزت من خلال «المعركة غير المألوفة» التي فتحتها محامية القذافي بشرى الخليل باتهامها ريفي بالضلوع في عملية خطف هنيبعل من داخل الاراضي السورية الى لبنان (قبل ان يسرّحه الخاطفون في بعلبك وتعثر عليه شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي). وجاء ذلك على وقع «النأي بالنفس» الذي تعتمده قوى 8 آذار ولا سيما الثنائي الشيعي «حركة أمل» (أسسها الصدر) و«حزب الله» حيال قضية توقيف القذافي التي شكّل دخول النظام السوري على خطها عاملاً مربكاً لحلفائه (في لبنان) الذين لم يتخلوا عن متابعة ملف «إمام المقاومة» باعتبارها مسألة «تمس كرامة الوطن والامة» ولطالما ضغطوا في اتجاه كشف مصير الصدر على مستويات عدة ولا سيما بعد سقوط نظام «العقيد» الذي يحمّله لبنان مسؤولية خطف الإمام ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين خلال زيارة لطرابلس الغرب العام 1978.
وقد ردّ ريفي امس على المحامية الخليل التي كانت اشارت في تصريح صحافي الى أنها توصلت الى أسماء الأشخاص الذين خطفوا القذافي «وهم لبنانيون»، مؤكدة أنها ستدّعي على هؤلاء في اليومين المقبلين، ومعتبرة أن «لريفي دوراً في عملية الخطف»، ومضيفة: «في البداية لم أصدق ما سمعته. إلا أن ردة فعل ريفي العنيفة والسريعة وغير القانونية تجاه الطلب السوري باسترداد القذافي والمزايدة
على الفاعليات الشيعية، أضفت صدقية على ما وردني».
واعلن وزير العدل انه «بالأمس راهن البعض على بشرى سارة للنظام السوري من خلال قبول تسليم المدعو هنيبعل القذافي، إلا ان ما فات هؤلاء أن لبنان اليوم يرتكز على قضاء يعمل على أسس العدالة والسيادة المفقودة لديهم، وهو ما أفقدهم صوابهم فراحوا يوزعون التهم يمنةً ويسرةً ظناً منهم أننا ما زلنا نعيش في زمن الوصاية»، وقال: «يبدو أن قرار وزير العدل خلق لدى البعض أزمة (...) اذ حافظ على رمزية وقدسية ووطنية قضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وهذا ما سبب خوفاً لدى بعض الحالمين بإبقاء هذه القضية ضمن دائرة المذهبية الضيقة، هم أنفسهم الذين أخافهم الإمام المغيب بخطابه المنفتح ولغته التي تخطت حدود الطائفة».
واذ كشف انه «وجّه كتاباً للنائب العام التمييزي طلب بموجبه فتح تحقيق فوري بقضية خطف القذافي والاستماع لكل من لديه معلومات تتعلق بها»، اعلن انه يضع كلام المحامية بشرى الخليل «في عهدة نقيب وأعضاء مجلس نقابة المحامين في بيروت لجهة ما تضمنه من اتهام مباشر لوزير العدل بالتورط في عملية الخطف، في سابقة خطيرة تمس أسمى المبادئ التي تقوم عليها مهنة المحاماة»، وختم: «أن هذا الاتهام يفتقد للحد الأدنى من الجدية ولا يرتكز على أي أساس واقعي أو قانوني، وإذ نتفهم حالة التخبط التي يعيشها البعض من تداعيات قرار الأمس فإننا نؤكد مجدداً أن القرار الأول والأخير والكلمة الفصل تبقى للقضاء اللبناني في إبقاء
المدعو هنيبعل القذافي قيد التوقيف أو إطلاق سراحه، أما تسليمه للسلطات السورية فهو حلم لن يبصر النور».
وكان ريفي استند في قرار رفض تسليم القذافي للنظام السوري الى ان الطلب «لم يتضمن اعتبار المدعو هنيبعل القذافي مجرماً مطلوب تسليمه للتحقيق أو المحاكمة وبالتالي فإن طلب تسليمه يخرج عن القواعد المنصوص عنها في الاتفاقية القضائية المعقودة بين لبنان وسورية في العام 1951 والتي وضعت قواعد ونظمت أصول تسليم المجرمين بين البلدين». وبعد رفْض لبنان تسليم القذافي الذي طلبت دمشق استرداده باعتباره لاجئاً سياسياً لديها وخُطف من سورية «حيث كان يقيم بصورة مشروعة»، افادت تقارير امس أنه بعدما تقدم وكلاء عائلة الامام الصدر بشكوى امام النيابة العامة التمييزية ضد هنيبعل القذافي بجرم كتم المعلومات بخطف الإمام، احيلت الشكوى الى المحقق العدلي في القضية القاضي زاهر حمادة لاجراء المقتضى القانوني.