بري «فرْمل» الاعتراضات على مشاركة لبنان في «التحالف الإسلامي» وربَطها بمجلس الوزراء

«ترحيل» الانتخابات الرئاسية إلى 2016 و«خيار فرنجية»... باقٍ

1 يناير 1970 12:22 ص
... حُسمت، ولا رئيس للبنان قبل الـ 2016.

هذه الخلاصة غير المفاجئة أطلّت امس مع إرجاء رئيس البرلمان نبيه بري الـ «لا جلسة» الرقم 33 لانتخاب رئيس للجمهورية الى 7 يناير المقبل.

وهكذا سيطوي لبنان الـ 2015، كما فعل العام 2014، بلا رئيس للبلاد، وستحتفل الجمهورية «المقطوعة الرأس» مجدداً برأس السنة في ظلّ أزمة سياسية لاحت «بارقة أمل» بإمكان طيّها مع مبادرة الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري غير الرسمية بعد، الى طرْح اسم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة كـ«خيار موجِع» لإنهاء الفراغ ومحاولة سحب البلاد من «فم» الأزمات اللاهبة في المنطقة.

ورغم ان سقوط آخر أوراق روزنامة 2015 لن يحمل «عيديةً» أمِل بها البعض على صعيد الملف الرئاسي، الا ان أوساطاً سياسية اعتبرت ان هذا لا يعني بأي حال، «سقوط ورقة» ترشيح فرنجية التي تبقى الأقوى والأكثر «قابلية للحياة» حين «تدقّ ساعة» الاستحقاق «على توقيت» حزب الله، لافتة الى ان «التوازن السلبي» الذي ساد البلاد منذ 25 مايو 2014 كرّس معادلة ان لا إمكان للقفز، وفق الموازين الداخلية، فوق «ممانعة» الحزب انتخاب رئيس من خارج فريق «8 آذار».

وتشير هذه الأوساط عبر «الراي» الى انه بعد إعطاء الحريري نفسه إشارات أكدت عدم تراجُعه عن خيار فرنجية، فإن زعيم «المردة» سيتولى في إطلالته التلفزيونية اليوم تأكيد عدم انسحابه من «السباق الرئاسي»، على ان «يسير بين النقاط» لجهة تفادي إعلان ترشيحٍ قد «يحرق المراكب» في علاقته مع حليفه - الخصم المرشح الاول في فريق «8 آذار»، اي العماد ميشال عون، وايضاً تجنُّب إدارة الظهر لمقاربة «حزب الله» لمبادرة الحريري التي تقوم على نقطتيْ ارتكاز تعكسان رغبة الحزب في ألا يقوم فرنجية بـ «حرْق المراحل» وان يضبط سرعة الاستحقاق الرئاسي على إيقاع مقتضيات المعركة الاستراتيجية التي تدار على طريقة «الاوعية المتصلة». والنقطتان هما: ان عون ما زال المرشح رقم واحد لـ «8 آذار»، وان السعودية غير جدية في رغبتها بإيصال زعيم «المردة» الى الرئاسة.

وحسب المعلومات، فان فرنجية سيتولى في سياق المقابلة التلفزيونية الردّ على استفسارات القوى المسيحية المعترضة «سياسياً» على انتخابه رئيساً ولا سيما «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، ليكرّر ان دوره «إقناع حلفائه وطمأنة الفريق الآخر» والوصول الى أرضية مشتركة «نلتقي معها في منتصف الطريق».

ومن خلف الصورة السلبية التي ارتسمت في «ساحة النجمة» (حيث مقر البرلمان) مع إرجاء جلسة الانتخاب، فان البارز كان محاولة قوى «14 آذار» ولا سيما «القوات» و«تيار المستقبل» تظهير مشهدية تؤكد ان تحالفهما «صامد» رغم «الاهتزاز» الذي أصابه بفعل طرْح زعيم «المستقبل» خيار فرنجية، وهو ما عبّر عنه المؤتمر الصحافي المشترك بين كل من النائب جورج عدوان والرئيس فؤاد السنيورة الذي لفت إلى «ان هناك تواصلاً من الرئيس الحريري مع عدد من الأفرقاء والأفكار تطرح ولكن لم تصل بعد إلى حدود المبادرة».

وكان لافتاً في السياق نفسه، استقبال رئيس «القوات» سمير جعجع نادرالحريري، مدير مكتب زعيم «المستقبل» ومستشاره الإعلامي هاني حمود، بعد ايام قليلة على الاتصال المطوّل الذي جرى بين الرئيس سعد الحريري وجعجع وخلص الى استمرار التباين حيال الملف الرئاسي والتوافق على «تنظيم الخلاف».

ولم تكن الخلاصات غير الايجابية التي انتهى اليها يوم الـ «لا انتخاب» في البرلمان هي الوحيدة التي خيّمت على المشهد السياسي الذي دهمته «هبّتان» سلبيتان، واحدة تمثّلت في مناخٍ اعتراضي يمارسه فريق العماد عون ويُخشى ان يعرقل «حلّ الترحيل» الذي اعتمدته الحكومة لملف النفايات (المفتوح منذ 5 أشهر) والذي بلغت التحضيرات للسير به مراحلها الأخيرة، الأمر الذي يستدعي عقد جلسة للحكومة «العاطلة عن العمل» منذ أشهر.

أما «الهبةّ» الثانية فتجلّت في استعادة حال الاستقطاب السياسي الحاد على خلفية الموقف من مشاركة لبنان في التحالف الاسلامي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية لمحاربة الإرهاب.

ورغم تركيز رافضي انضمام لبنان الى هذا التحالف على «الجانب الشكلي» وتحديداً ان قراراً بهذا الحجم لا يتخذه رئيس الحكومة منفرداً بل يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء وربما من مجلس النواب، فإن البُعد السياسي لحال الاعتراض بدا انعكاساً للتجاذب الايراني - السعودي في المنطقة والذي له تعبيراته في لبنان، وهو ما تجلى في وضْع وسائل إعلام قريبة من «حزب الله» قرار إقامة التحالف في سياق «التغطية على الهزيمة في اليمن»، منتقدين «مخالفة الاصول» في إشراك لبنان به.

ووسط علامات استفهام رُسمت في دوائر قريبة من «8 آذار» عن «تعريف الارهاب» الذي سيتصدى له التحالف بقيادة السعودية، تساءلت قناة «المنار» التابعة لـ «حزب الله»: «وفق أي قائمة للارهاب سيعمل الحلف المزعوم؟ هل وفق محاضر الاجتماعات والمؤتمرات الدولية؟ أم وفق القوائم الأميركية؟ وماذا عن أفذاذ لبنان، هل هم مستعدون لاستيراد المزيد من الأزمات؟».

الا أن رئيس الحكومة تمام سلام شدد على ان «من حقي أن أتخذ موقفاً مبدئياً وأولياً من الدعوة السعودية الى المشاركة في التحالف الإسلامي ضد الارهاب، ومن حق مجلس الوزراء لاحقاً أن يوافقني الرأي إذا أقنعته به، أو أن يرفضه إذا لم يقتنع، لكن حتى ذلك الحين كان لا بد من إتخاذ موقف، خصوصا ان مجلس الوزراء لا يجتمع».

وأضاف في تصريح صحافي: «لا يوجد في إطار التحالف الإسلامي ما يلزم لبنان بأي مشاركة عسكرية، إلا ان ذلك لا يمنع اننا نستطيع ضمن التحالف الجديد ان نقدم خبرات أمنية او ان نستفيد من خبرات كهذه، لاسيما ان أجهزتنا الامنية والعسكرية تخوض معركة مفتوحة ضد الارهاب».

وفي سياق متصل، برز موقف للرئيس بري خفّف فيه من اندفاعة الاعتراض في هذا الملف، اذ اكد في لقاء الاربعاء النيابي «ان التحالف الاسلامي فكرة مستمدة من طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولكن تحتاج الى مناقشة داخل مجلس الوزراء». وقال: «لو كان مجلس الوزراء يجتمع لما كنا وصلنا إلى لغط في شأن التحالف الإسلامي بوجه الإرهاب»، موضحاً «أعتقد ان هناك جلسة في اليومين المقبلين في شأن ملف النفايات يمكن طرح موضوع التحالف الاسلامي وعليه ان يكون موقف واضح للبنان من هذه الفكرة والبناء على اساسه»، مضيفاً: «موقفنا واضح لجهة المقاومة ضد اسرائيل اينما كان وعدم تصنيفها بالارهاب».