هل تَتكرّر تجربة 2008 في الـ 2016؟
فرنجية رئيساً للبنان مع «وقف التنفيذ» بانتظار اكتمال شروط التسوية؟
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
02:03 ص
هل تتكرّر في لبنان تجربة العام 2007 - 2008 في الملف الرئاسي بحيث لا يكون التفاهم على اسم رئيس الجمهورية كافياً لإنهاء الشغور في الموقع الدستوري الأوّل؟
هذا السؤال تستحضره في بيروت هذه الأيام أوساط سياسية في ظلّ الانطباع بأن زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي بادر زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري الى طرح اسمه كمخرج للملف الرئاسي، بات «رئيساً مع وقف التنفيذ»، وان كل ملامح «الفرْملة» للتسوية المتصلة بانتخابه لن تفضي الى «دفْن» هذا الخيار الذي يتكىء على تقاطُع مصالح اقليمية - دولية مرتبطة بالرؤية للواقع اللبناني في ضوء التطورات التي تقف على مشارفها الأزمة السورية، كما على عناصر محلّية تجعله «قابلاً للحياة» رغم «جبهة الاعتراض» المسيحية التي قد لا تبقى على «وحدتها».
وفي رأي هذه الأوساط انه حتى لو ساهمت «الممانعة» الداخلية في تأجيل انتخاب فرنجية، فان الصعوبات الكبيرة التي تقف امام توافق الاطراف المسيحيين الوازنين على خيار آخر، الى جانب صعوبة تَصوُّر ان يفرّط «حزب الله» بالمكسب الاستراتيجي الذي يشكّله وصول زعيم «المردة» الى الرئاسة، تجعل من الأخير الورقة غير القابلة للاحتراق ولو تم «تعليقها» لبعض الوقت بانتظار اكتمال «مستلزمات» التسوية.
وتذكّر الأوساط نفسها بأنه بعد انتهاء الولاية الممدَّدة للرئيس اميل لحود في نوفمبر 2007 كان تم التفاهم بغطاء دولي واقليمي على اسم قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان لتولي الرئاسة الاولى. غير ان اشتراط قوى 8 آذار الحصول على ضمانات من سليمان تتصل بالثلث المعطّل في الحكومة الجديدة وقائد الجيش الجديد كما على «سمات» قانون الانتخاب، أرجأ وصول سليمان الى قصر بعبدا 6 أشهر، وهو «عمر» الفراغ الرئاسي الذي لم تكسره الا أحداث 7 مايو 2008 العسكرية التي أفضت الى اتفاق الدوحة الذي كرّس عملياً شروط 8 آذار.
وتتوقف الاوساط عينها عند مفارقة ان النائب فرنجية هو الذي كان تولى مفاوضة العماد سليمان على شروط 8 آذار حينها، وبعدما لم يتجاوب قائد الجيش آنذاك، أبلغ زعيم «المردة» الى الرئيس السوري بشار الاسد، كما كشف الرئيس سليمان في حديث الى «الراي» (قبل نحو عام): «هذا الزلمي مش ماشي معنا ومن الافضل تأجيل الانتخابات (الرئاسية)». وهكذا كان رغم الالتزامات التي كانت دمشق قدمّتها لعواصم القرار. وتكشف وقائع تلك المرحلة ان أحداث 7 مايو 2008 لم تكن الا وسيلة لانتزاع الشروط التي لم تسلّم بها 14 آذار «على البارد»، وهو ما عاد وأكده فرنجية نفسه.
وبـ «إسقاط» على الواقع الحالي، تشير الأوساط المطلعة الى ان اسم فرنجية اليوم يحظى بتفاهم خارجي، عبّرت عنه مصادر سياسية كشفت لـ «الراي» ان «دورة» التوافق الاقليمي - الدولي على زعيم «المردة» مرّ بمجموعة من العواصم، منها لندن والرياض فالقاهرة وموسكو وطهران وصولاً الى بيروت، في تطوّر لاقى «تبنٍّياً» من أطراف اساسية مثل الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط.
وبحسب هذه الأوساط، فان انكسار اندفاعة «خيار فرنجية»، لا يعني سقوط المبادرة لترشيحه، وسط اقتناع بأن الأمر ما زال يحتاج الى إنضاج ظروف التسوية التي قد تتم على «البارد» او على «الساخن»، وتحديداً لجهة التفاهم على سلّة البنود المتصلة بتركيبة الحكومة الجديدة وتوازناتها وبيانها الوزاري، والأهمّ قانون الانتخاب الذي يريده «حزب الله» مدخلاً لإدارة اللعبة السياسية وفق «موازين» جديدة.
واذا كان صمت «حزب الله» يُعتبر في رأي البعض المؤشر الأبرز الى عدم اكتمال شروط تسوية فرنجية، فإن دوائر على صلة بالملف الرئاسي ترى ان «مفتاح» إعادة الزخم لخيار زعيم «المردة» يتمثل بالنسبة الى «حزب الله» في مجيء الحريري الى بيروت ليعلن رسمياً دعم فرنجية للرئاسة، وهو الأمر الذي يشكّل ترجمة لجدّية هذه المبادرة التي بات «نصابها» العددي في البرلمان متوافراً بمعزل عن أصوات «حزب الله» الذي يلتزم ولاعتبارات «ادبية» بعدم التخلي عن العماد ميشال عون المتمسك بعدم الانسحاب من السباق الرئاسي.
وفيما يبقى الاعتراض المسيحي «رقماً صعباً» في وجه إمرار تسوية فرنجية، تبرز تساؤلات حول مدى امكان القفز فوق هذا الاعتراض بحال بقي يشتمل على كل من عون والدكتور سمير جعجع وحزب «الكتائب»، وسط انطباع بأن سير ايّ من هؤلاء بخيار زعيم «المردة» سيكون كفيلاً في ظل غطاء الكنيسة بتوفير «الميثاقية» لانتخاب فرنجية.
وقد ارتفعت امس وتيرة الاتصالات المكوكية بين المكونات المسيحية، اذ سُجلت زيارة لافتة للنائب هادي حبيش (من كتلة الحريري) للعماد عون، فيما كان وزير «الكتائب» سجعان قزي يلتقي جعجع. اما فرنجية فواصل عبر موفديه، ولا سيما الوزير ريمون عريجي ونجله طوني فرنجية حركة المشاورات مع الأفرقاء المسيحيين، وخصوصاً المتحفظين على انتخابه لاعتبارات تتصل بتموْضعه السياسي من ضمن «خط» النظام السوري و«حزب الله».
وفي هذا السياق كشفت معلومات لـ «الراي» ان فرنجية، يبلغ «القلقين» من مجيئه، مسيحيين وغير مسيحيين، انه صديق للرئيس بشار الأسد ولكن لبنان وطنه، مؤكداً انه حين يترأس طاولة حوار وطني فإنه سيكون حكَماً وليس طرفاً.
وفي غضون ذلك، وفي ظلّ التسليم بأن جلسة انتخاب الرئيس المحددة الاربعاء المقبل لن تشهد «النهاية السعيدة» لمسلسل الشغور المستمر منذ نحو عام وسبعة اشهر، وسط انطباع بأن «الرئيس الجديد» رُحل الى الـ 2016، فان القائم بالاعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز يواصل في بيروت حركته الحثيثة التي تحض على انتخاب رئيس «الآن»، إما على اساس تسوية فرنجية «المنطقية» او وفق خيار آخر لا مفرّ من التوصل اليه. وهو زار امس رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة غداة لقائه الدكتور جعجع مساء اول من امس.