بعض اعضاء مجلس امتنا العتيد يبحثون عن المنصب والمال والسلطة بأي طريقة كانت، بالحيلة والنصب والرشوة، وقد لبس بعضهم مسوح القبيلة او الدين او العائلة، ونراهم هذه الايام يتراكضون في الدفاع عن وزير الكهرباء والنفط في شأن المصفاة الرابعة حيث منافعهم الذاتية تتطلب ذلك، وقد انبرى من له مصلحة مباشرة في ترسية المناقصة الخاصة في المصفاة بأمر الوزير، دون مرورها في القنوات والاجراءات القانونية المطلوبة، كديوان المحاسبة، واللجنة المركزية للمناقصات، وادارة الفتوى والتشريع، في الدفاع عنه دفاع الشرس المستميت عن فريسته قبل ان يخطفها من هو اقوى منه، وقال احدهم في معرض تبريره ان التأجيل يؤدي إلى تعطيل مشروع تنموي وحيوي مهم، كما قلل من دور ديوان المحاسبة في هذا الشأن واعتبر رأيه غير ملزم للحكومة، وقد منح هؤلاء القوم الوزير الحق في الترسية بالامر المباشر دون المرور بالاجراءات اللازمة لمشروع يكلف الدولة سبعة مليارات وخمسمئة مليون دينار كويتي، في الوقت الذي تطلب فيه اللجنة المركزية للمناقصات وديوان المحاسبة من الوزارات بالا تتجاوز اوامر الشراء المباشر اكثر من خمسة الاف دينار فقط لا غير دون اخذ الموافقة المسبقة منها، وليس سبعة مليارات وخمسمئة مليون دينار.
وبما ان الوضع حدث على هذه الصورة من السيد وزير الطاقة والمستفيدين من هذا الموضوع المريب الذي يدخل الشك اليقيني في قلب كل مواطن شريف، فهناك إلى جانب المفسدين في الارض يوجد ايضا الصالحون فيها الذين لم يرتضوا ان تكون البلاد واموالها لقمة سائغة في ايدي حفنة من اصحاب المصالح الخاصة، فبادروا إلى الدفاع عن اموال الشعب وتصدوا لمنع الفساد من ان يتمم مساره في هذا المسلك، وطلبوا من السيد الوزير ان تأخذ الدورة المستندية القانونية طريقها الصحيح في الترسية والموافقة اللازمة لمثل هذه الامور، وعليه فقد رضخ الوزير للمطالب العادلة لهؤلاء الرجال من اعضاء مجلس الامة المحترمين، كأمثال العضو المحترم السيد احمد السعدون و«كتلة العمل الشعبي»، وكذلك العضو المحترم السيد روضان الروضان واخرين لهم مواقف عظيمة في الدفاع عن المال العام والمحافظة على ما تبقى منه من السرقة والاستيلاء، وطلبوا ان تتم ترسية مشروع المصفاة الرابعة بالطريق القانوني السليم وليس بما تهواه قلوب المنتفعين والمدافعين عنه. وقد ذكر بعضهم ان هذه الترسية ليس لديوان المحاسبة اي دور فيها لان الشركات النفطية لا تخضع للرقابة المسبقة له، حتى ولو كان الوضع على هذه الصورة التي يريد احد هؤلاء الاعضاء المستفيدين من الدفاع عن وزير الطاقة في تصرفاته ان يطبق، فيجب عليه ان يكون ملتزما بدينه وليس بدنياه فقط لكي يقف موقفا حقيقيا في دفاعه عن المال العام ويخلق القلق حوله ويوحي للآخرين بالسرقة والنهب، لا ان يقف في موقف المدافع عن الوزير من ناحية الانتماء الديني والمادي، فايمان الانسان ينبع من اعماق ذاته وليس من مصلحته الدنيوية الزائلة، فالمظاهر الدينية لا تؤدي إلى الجنة ولكن ما يؤدي اليها ما بداخل الفرد من هوى ايماني صادق عميق، ونحن لا نتهم الوزير بأي اتهام ولكن كان يجب عليه ان يبعد الشبهة عنه منذ البداية ويبادر إلى اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة في هذا الشأن ليريح ويرتاح، هذا اضافة إلى قول احد اصحاب المراكز المرموقة في الدولة الذي انبري مدافعا عن الوزير من الناحية القبلية والانتماء البغيض الذي شتت الشعب الكويتي إلى جزر متعددة متعصبة، فأخذ يستصغر هذا ويطعن في الاخر متهما اياهم بالجبن والخوف والذعر، حيث لم يستطع هؤلاء استجواب احد الوزراء السابقين من حيث الانتماء الاسري وان خوفهم نابع من هذا الانتماء، وهذا القول يدل دلالة كبيرة على ضعف وقلة حيلة هذا الذي يشغل من الاسف الشديد موقعا كبيرا في الدولة، ومنطقه النهائي يتشكل على هذه الصورة من التصريح الذي لا قيمة له ولا معنى من حيث الاستفادة منه، وهو مجرد قول مرسل لا يحمل اي معان لها تأثير عند الناس.
لقد وضح من الحديث في هذا الموضوع ان هناك بعض الجهات الرسمية في الدولة لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة ولجنة المناقصات المركزية كبعض الشركات النفطية التي اشار اليها المدافعون عن وزير النفط، وكذلك البنك المركزي فهو ايضا لا يخضع للرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، وهذا الامر يؤول إلى تأويلات ليست في صالح الشعب الكويتي، فطالما ان هذه الجهة حكومية المنبع والمصب وتحت يدها خزائن الدولة وتسييرها للبنوك التجارية القائمة في البلاد تسييرا قد يصاحبه هوى فيجب ان يخضع البنك المركزي لرقابة ديوان المحاسبة ولجنة المناقصات المركزية ليتم ابعاد أي شبهة تحوم حول عمل هذا البنك وتنال منه بالسوء.
كاتب كويتي
[email protected]