بري رشّحه ضمناً ودافع عن «الحيثيات»... وعودة الحريري ستعطي «الضوء الأخضر»
مسار إيصال فرنجية إلى رئاسة لبنان في دائرة التمهّل... لا التراجع
|?بيروت - «الراي»?|
1 يناير 1970
02:03 ص
بين اعتبار بعض غلاة المتشائمين او «غير المتحمّسين» للتسوية الرئاسية في لبنان ان خيار زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية صار في «خبر كان»، وتَذرُّع أطراف آخرين بـ «جرعة زائدة» من التفاؤل للتعاطي مع جلسة 16 الجاري الانتخابية على انها ستكون «خاتمة» الشغور في الموقع الدستوري الأوّل المستمر منذ 25 مايو 2014، يبدو الملف الرئاسي في «مخاضٍ» فعلي، فإما تكون المعوقات التي ما زالت تعترض اعتماد «خيار فرنجية» على طريقة «اشتدّي أزمة تنفرجي»، او ان «جبهة الاعتراض المسيحية» ستكون كفيلة بإجهاض هذه التسوية التي نجحت في توفير تقاطُعات اقليمية - دولية جعلتها بمثابة «أمر واقع» لا مفرّ منه.
ورغم ملامح «الفرْملة» التي شهدها الملف الرئاسي في الساعات الأخيرة على مستوى «اندفاعة التفاؤل» التي سادت منذ كشف مبادرة الرئيس سعد الحريري الى طرْح زعيم «المردة» كخيارٍ «مباغت»، إلا ان زخم الاتصالات التي تَواصلت في بيروت كما في الرياض ظهّرت ان المسار الرئاسي بات أصعب من إمكان وقفه، في ظلّ القرار الدولي الاقليمي «بالخطّ العريض» بوجوب إنهاء الفراغ الرئاسي، وصعوبة التفاهم على اسمٍ غير فرنجية يمكن ان يوازيه في درجة «الإغراء» لفريق «8 آذار» ولا سيما «حزب الله»، رغم اكتفاء الأخير حتى الساعة بموقف «المتفرّج» على قاعدة «لا نترك العماد ميشال عون».
وتتعاطى مصادر سياسية في بيروت مع ترنُّح «بورصة» الملف الرئاسي بين «هبّة باردة» وأخرى «ساخنة»، على انها من عُدّة مرحلة التفاوض الذي يسبق إبرام «الصفقة» التي تبدو في «خيوطها» متشابكة مع الملفات «اللاهبة» في المنطقة ومحاولات «إخمادها» كما مع حسابات قوى اقليمية تريد إما الحدّ من الخسائر التي تطلّ برأسها من أكثر من «ساحة اشتباك» او اقتناص مكاسب مبكّرة ولو اتخذت «لبوس» التسوية «المتوازنة» في لبنان.
وبهذا المعنى، ترى هذه الأوساط عبر «الراي» ان مسألة ترشيح فرنجية للرئاسة بالغة الجدية ومن الصعوبة بمكان تَصوُّر ان يفوّت «حزب الله» فرصة ايصال مرشّحه الفعلي الى الرئاسة، ولا سيما ان تقارير تحدثت عن ان خيار زعيم «المردة» الذي «باركته» الرياض وكانت في جوّه طهران التي تفوّض هذا الملف الى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، يشكّل فعلياً اختباراً لامكان البناء عليه في توافقات أخرى بين السعودية وايران اللتين كشفت معلومات في بيروت انهما أطلقتا «مشروع حوار» بينهما على هامش اجتماعات فيينا حول الأزمة السورية ما زالت طريقه شائكة.
وانطلاقاً من هنا، تعتبر الأوساط نفسها أن ما يجري على تخوم الملف الرئاسي الآن هو عملية «عضّ أصابع» تتصل بالتفاهمات التي تحمي «خيار فرنجية» والتي تحتاج الى بعض الوقت لمقاطعتها، في ظلّ تداخُل هذه التفاهمات مع العلاقات بين مكوّنات كل من تحالفيْ «8 و 14 آذار»، كما مع محاولة الفريقيْن تحصيل ما أمكن من مكاسب تتّصل بمرحلة ما بعد انتخاب فرنجية ولا سيما على صعيد قانون الانتخاب الذي سيشكّل الناظم للتوازنات السياسية في العهد الجديد باعتبار انه سيفضي الى ولادة البرلمان الذي سيتحكّم بمفاصل اللعبة السياسية.
وترصد دوائر سياسية هذا الاسبوع محطة بارزة من شأنها إعطاء زخم لـ «خيار فرنجية» او إطالة فترة التريث التي قد تقتضي إرجاء جلسة الانتخاب الرئاسية من 16 الجاري الى 22 منه.
وتتمثّل هذه المحطة، في ترقُّب اذا كان الحريري سيعود الى بيروت في الايام المقبلة لإعلان ترشيح فرنجية رسمياً وقيادة اتصالات داخل قوى «14 آذار»، خصوصاً في محاولة لمعالجة الاعتراض المسيحي من حليفيه سمير جعجع والنائب سامي الجميّل.
وفي رأي هذه الدوائر، ان مجيء الحريري سيكون كفيلاً بإطلاق إشارة العدّ العكسي للمسار الجدي لايصال زعيم «المردة» الى قصر بعبدا، وإن كان «الفيتو» المسيحي الوازن القائم حتى الساعة يشي بعقبة غير سهلة. ذلك ان بمجرّد تسمية الحريري لفرنجية، يكون تظهّر وجود نصاب دستوري - سياسي لانتخابه من شأنه إحراج عون بحال رفض سحب ترشيحه وتحميله مسؤولية «تطيير» فرصة إنقاذ البلاد من الفراغ الرئاسي لأسباب شخصية، وسط انطباع بأنه متى قام زعيم «تيار المستقبل» بخطوته سيكون من الصعب منْع توفير نصاب جلسة الانتخاب، لتصبح المعادلة حينها: إما ان يقاطع عون ويتضامن معه «حزب الله»، وربما حزب الكتائب في حال شعر بأن ثمة فرْضاً لخيارٍ على المسيحيين، وفي هذه الحال يكون «حزب الله» وفى بوعده لعون بأنه لن يتخلى عنه، فيما يكون رئيس البرلمان نبيه بري من مكمّلي النصاب والمصوّتين لفرنجية، وإما يصرّ عون على المضي بترشّحه بوجه فرنجية، وهو ما تبرز امامه صعوبة تَصوُّر زعيم «التيار الحر» يخوض منازلة يعرف سلفاً انها خاسرة ولو منحته «القوات اللبنانية» اصواتها، علماً ان ثمة مناخاً يشير الى تراجُع حظوظ ان تقدم «القوات» قبل ذلك على تبني ترشيح عون.
وفي حين كانت بيروت تترقب باهتمام نتائج لقاءات الحريري في الرياض مع كل من وزير العدل اللواء أشرف ريفي والنائب أحمد فتفت وشخصيات أخرى من «تيار المستقبل» وخارجه، برز الترشيح الضمني الاول من نوعه لبري لفرنجية من خلال رفضه المقولة التي يروّجها معارضو ترشيح فرنجية ومفادها أن الأطراف الإسلامية تحاول فرض اسم رئيس الجمهورية الماروني على المسيحيين، لافتاً الى ان الحريري «لم يرتكب جريمة» بمبادرته لطرح فرنجية «ولا السيد حسن نصرالله ايضاً عندما أيد ترشيح العماد ميشال عون»، موضحاً «ان الحريري سبق ان رشح سمير جعجع الذي نال 48 صوتاً فلماذا الاعتراض على دعمه فرنجيه اليوم؟» مضيفاً: «ألزمنا انفسنا بلائحة المعايير الرئاسية التي وضعت في بكركي (مقر الكنيسة المارونية) فهل المطلوب ان يختار المسيحيون رئيسا من دون المسلمين، او المسلمون من دون المسيحيين؟ وهل من تشكيك في مارونية الاربعة؟ ولو اتفق الاقطاب على واحد منهم هل كان في امكان المسلمين ان يعترضوا على هذا الخيار ويقولوا ان المسيحيين هم من يأتون بالرئيس؟»، ناصحاً الحريري «بأن يلحظ هذه الوقائع إذا أراد الإعلان عن ترشيح فرنجية رسمياً، حتى لا يجري تحوير الأمور وتحريفها».
«المستقبل» و«القوات» طلبا من المناصرين تفادي «التعرّض» للحريري أو جعجع
سارعت قيادتا «تيار المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» الى احتواء «التراشق الكلامي» الذي شقّ طريقه الى مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري الفريقيْن على خلفية دعم الرئيس سعد الحريري ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية واعتراض سمير جعجع على هذا الخيار.
وفسرت اوساط مطلعة عبر «الراي» دعوة كل من «المستقبل» و«القوات» للمحازبين والمناصرين الى تجنّب التعرض لكل من الحريري وجعجع في إطار رغبة الطرفين في عدم «حرق المراكب» في العلاقة بينهما، حرصاً منهما على عدم هدم «روح» ثورة «14 آذار» التي قامت على التلاقي المسيحي - الاسلامي على مشروع مشترك.
وكانت الأمانة العامة لـ «القوات اللبنانية» أصدرت تعميماً طلبت فيه عدم التعرض لقيادات «14 آذار».