حوار / «مناهل الرافدين لا تنضُب... رحل ناظم وحلّ كاظم»
علاء الهادي لـ«الراي»: أنا أول مطرب يغنّي في الكويت بـ «جواز عراقي»!
| حاوره فيصل التركي |
1 يناير 1970
06:19 ص
• الغناء العراقي يمرض ولا يموت وهو الآن على فراش المرض
• «القروبات» وراء تراجع مستوى الأغنية العراقية في الوقت الحالي
«مناهل الرافدين لا تنضب، وإن كان ناظم الغزالي رحل، فقد حل مكانه كاظم الساهر، ليرفع من بعده راية الغناء العراقي الأصيل». هكذا شدّد الفنان العراقي علاء الهادي على أن الفن في بلاده لا يموت، وإن كان يرقد حالياً على فراش المرض، بسبب (الفوضى الخلّاقة) التي تغلغلت في كل أركانه خلال السنوات الأخيرة، وأسلمته إلى الحال التي يعاني فيها حالياً. وحمّل الهادي ما أسماها التكتلات التجارية ومن على طرازها المسؤولية الكاملة في تراجع مستوى الأغنية العراقية في الوقت الحالي، وهي التي ازدهرت وتألقت لسنواتٍ طوال بالرغم من الظروف التي مرّت بها.
الهادي وفي حواره مع «الراي» كشف عن زياراته المتكررة إلى الكويت، مؤكداً أنه يقيم فيها منذ بضعة سنوات، ويُمارس من خلالها أعمالها التجارية ويُحيي حفلاته بيسر وسهولة، مشيراً إلى أنه أول فنان عراقي دخل الكويت بجواز سفر بلاده، ووقف على مسارحها الوطنية وشدا في حفلاتها الرسمية، والتفاصيل في هذه السطور:
• في البداية، نود أن نتعرف على سبب زياراتك المتكررة إلى الكويت؟
- زيارتي الأولى للديرة كانت من باب التجارة، لكننّي لم أمكث طويلاً في الكويت كوني كنت أحمل تأشيرة زيارة، ثم عدتُ إلى بغداد لترتيب بعض الأمور الخاصة، قبل العودة إلى الكويت مرة أخرى ولكن هذه المرة للإقامة فيها، وتسنّى لي ذلك عن طريق شركة تجارية كويتية يديرها أحد الأصدقاء، عبر العمل معه.
• وكيف وجدت العمل في الكويت؟
- لا يخفى على أحد أن الكويت «درة الخليج» وبلد الخير والعطاء، كما أن العمل والاستثمار فيها ناجح جداً، وهذا ما تلمسته من خلال تجربتي التجارية التي تكللّت بالنجاح وأثمرت بالربح «والحمدلله».
• وماهي الأعمال الفنية التي قدمتها خلال وجودك هنا؟
- أحييت العديد من الحفلات الغنائية الرسمية، التي لاقت أصدقاء طيبة ومشجعة، منها على سبيل المثال لا الحصر حفل أحييته مطلع العام الحالي، ضمن مهرجان القرين الثقافي الواحد والعشرين، حيث قدمت من خلاله باقة غنائية زاهية الألوان من الفولكلور العراقي الأصيل، وأغانٍ خالدة لعمالقة الطرب في بلاد الرافدين بعضها من اللون البغدادي الذي اشتهر بأدائه الفنان الكبير ناظم الغزالي، وأغانٍ أخرى من اللون الريفي للفنان داخل حسن وغيره، كما أحييت أكثر من حفل في دار الآثار الإسلامية، علماً بأنني أول مطرب يحمل جواز سفر عراقيا ويغني في حفلات رسمية كويتية.
• كيف تدّعي بأنك أول فنان عراقي يغني في الكويت، في حين أن الفنان ماجد المهندس سبقك بالغناء من خلال مشاركته في مهرجان «هلا فبراير» قبل بضع سنوات؟
- بالطبع، فإن الفنان ماجد المهندس هو أول مطرب عراقي يزور الكويت بصفة رسمية بعد أغسطس في العام 1990، وهو أيضاً أول من غنّى على مسارحها، ولكن المهندس لم يدخل الكويت بجواز سفر عراقي بل بجوازه السعودي، وهذا ليس تقليلاً من شأن المهندس على الإطلاق ولا يُعتبر كلامي مزايدة عليه في وطنيته وهويته العراقية، وإنما هو للتوضيح فقط.
• حسناً، ذكرت أنك أديت في حفلاتك أكثر من لون غنائي عراقي، فهل لديك القدرة على التلّون في الأداء؟
- لاشك أن الألوان الغنائية العراقية متعددة الاتجاهات، فهي تتنوع ما بين البغدادي والريفي والشعبي وغيرها، ومن الصعب جداً إتقان جميع هذه الألوان بحرفية شديدة، ولكننّي كعراقي تربيت منذ طفولتي على أغاني متعددة الألوان، ولفنانين كبار أمثال ناظم الغزالي ومحمد القبنجي وحضير بو عزيز وداخل حسن وسعدي البياتي والقائمة طويلة، لذا فإنني لا أجد صعوبة في أداء اللون الريفي أو اللون البغدادي أو أي لون آخر.
• رحل ناظم الغزالي، فمن حمل راية الطرب العراقي من بعده؟
- مناهل بلاد الرافدين لا تنضُب، وإن غيّب الموت عمالقة الطرب في العراق، فإن هناك العديد من المبدعين الذين يولدون كل يوم، وإذا كان ناظم الغزالي رحل فقد حل محله كاظم الساهر، لاسيما أن الأخير أعاد إلى الأغنية العراقية قيمتها التاريخية وأضفى إليها جمالية خاصة ومميزة.
• ماعدد الأغنيات في رصيدك الغنائي؟
- لديّ أكثر من 40 أغنية تقريباً، صوّرت منها مايقرب من 7 أغنيات على طريقة الفيديو كليب، والتي كان آخرها أغاني مثل «ودوني» و«دزولك رسالة ورد وعتاب» و«أطلبك دين» و«تنكر العشرة»، فضلاً عن جملة من المواويل التي قدمتها خلال مشواري الفني.
• وما سبب توقفك عن إنتاج الأغاني الخاصة في الوقت الراهن؟
- لأنه لا توجد شركة إنتاج تتبنىّ الفنان مثلما كان عليه الحال في السابق، خاصة أن الإنتاج الخاص أضحى مكلف جداً، وبالرغم من ذلك فقد قدمت عدد كبير من الأغاني والألبومات على حسابي الخاص.
• في رأيك لماذا تراجع مستوى الأغنية العراقية حالياً، وهي التي تسيّدت الغناء العربي لفترات طويلة؟
- الأغنية العراقية تمرض ولكنها لا تموت، وإن تراجعت اليوم فسوف تتألق غداً، ولكن أنا أحمّل «التكتلات التجارية» التي تدعي بأنها «قروبات فنية» هدفها الارتقاء بالفن، أحملها مسؤولية هذا التراجع، ففي حقبة الرواد كانت الأغنية تمر بمرحلة «غربلة» أي «فلترة» فهي لا تخرج إلى النور ما لم تُجزها الإذاعة والرقابة وجهات أخرى كثيرة وصارمة، فيما في الوقت الحالي نجد كل من هب ودب صار فناناً، ويصدر الألبومات والأغاني حتى وإن كان صوته «نشاز» ولا يصلح للغناء، أو كانت أغنياته هابطة ودون المستوى.
• ماذا تقصد بقولك «التكتلات التجارية»؟
- أقصد تكتلات بعض الفنانين والملحنين أمثال نصرت البدر من جهة، وياسر عبد الوهاب من جهة أخرى، وآخرين غيرهم، فلكل من هؤلاء الفنانين تكتل تجاري يسمونه هم «قروبات فنية»، لكنها أبعد ما تكون عن هذا المسمى، حيث إن الفنان المستقل الذي يعتزم التعاون مع هذه التكتلات التجارية، لابد وأن يرضخ أولاً لحزمة من القوانين والشروط التي تفرض عليه في إطار حاسم وغير قابل للنقاش، كتصوير الأغنية مع مخرج بعينه دون سواه، أو الغناء من كلمات شاعر معين، أو توزيع الأغنية من خلال موزع موسيقي واحد فقط، وهذا ما لا أقبل به على الإطلاق. وقد طلب مني الفنان والملحن نصرت البدر أن أقوم بتصوير أغنية مع شقيقه المخرج رأفت البدر، كان قد لحنها لي نصرت في وقت سابق، ولكننّي رفضت طلبه وصورت الأغنية مع مخرج آخر.
• لماذا أصبحت الأغنية العراقية لا تعيش أكثر من بضعة أيام ثم تفارق الساحة الفنية، على عكس الأغاني القديمة والخالدة لعمالقة الطرب في بلادك؟
- لاشك أن هناك بونٌ شاسع ما بين هذه وتلك، ففي السابق كان الشاعر يعيش بمعزل عن الناس لأسابيع وربما لشهور من أجل كتابة أغنية واحدة، والأمر ذاته ينطبق على الملحن والفنان، حيث يعكف الجميع وقتذاك على عمل بروفات مكثفة من أجل ظهور العمل الغنائي في أبهى صورة، بينما الأمور تغيرت الآن، حيث أصبح بمقدور الفنان أن يسجل ألبوم غنائي كامل في أيام قليلة، من خلال التقنيات الحديثة التي باتت في متناول الجميع. فالأغاني أصبحت تأتي إلى الفنان جاهزة ومعلبة، وكل ما يتوجب على الفنان فعله هو تركيب صوته على الأغنية فقط، حتى وإن لم يلتق المطرب الشاعر أو الملحن أو الموزع الموسيقي لهذه الأغنية، لاسيما أن كل شيء أصبح جاهزاً ومعد سلفاً على الكمبيوتر، الأمر الذي أدى إلى فوضى خلاقة في الساحة الغنائية العراقية والعربية بشكل عام.
• في الختام، ما هي مشاريعك الفنية المستقبلية؟
- سأعود قريباً إلى بغداد لتسجيل أغنيتين جديدتين، ثم آتي إلى بلدي الثاني الكويت، لاستئناف أعمالي الفنية والتجارية أيضاً.