«المعركة» قد تنتهي بين عون وفرنجية في البرلمان و«حزب الله» يصوّت لزعيم «التيار الحرّ»
هل يتجاوز «قطار» الرئاسة في لبنان «الفيتو» المسيحي؟
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
02:04 ص
بدا عشية أسبوع جديد من التحركات والاتصالات والمشاورات المحمومة في لبنان ان من غير الممكن الجزم بأيّ اتجاه واضح بعد للمسار الذي تسلكه عملية ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في ظل تَزايُد العقبات المسيحية في وجه هذه العملية من جهة، واستمرار الغموض الكثيف الذي يغلف موقف «حزب الله» من جهة ثانية.
وفي وقت تردّدت معلومات عن اتجاه الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري الى العودة الى بيروت في منتصف الاسبوع الجاري، للقيام بالاتصالات واللقاءات المباشرة من أجل استكمال فصول التوافق حول التسوية انطلاقاً من اعلان الحريري بنفسه ترشيح فرنجية رسمياَ، فان الساعات الاخيرة حملت معطيات زادت الغموض حول هذا الاتجاه وخصوصاً في ضوء سفر وزير العدل اللواء أشرف ريفي الى الرياض للقاء الحريري، علماً ان ريفي دأب على اعلان مجاهرته برفض ترشيح فرنجية، عاكساً المعارضة داخل «تيار المستقبل» نفسه لهذه الخطوة التي بادر اليها الحريري.
وتحدّثت معلومات اخرى عن ان الحريري قد لا يحضر الى بيروت إلا اذا ضمن الحد الأدنى من تحقيق تقدم على صعيد إقناع حلفائه المسيحيين، ولا سيما منهم زعيم «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بإمكان التعامل بمرونة مع ترشيح فرنجية وكذلك حزب «الكتائب»، وان هذا الأمر لا يزال يرخي بظلال التوتر الشديد على العلاقة الناشئة بين الحريري وجعجع الذي يؤكد قريبون منه انه رفض السفر للقاء زعيم «المستقبل».
وفي انتظار بلورة الاتجاهات التي سيسلكها الحريري في الأيام المقبلة، قالت أوساط سياسية معنية بالاتصالات المحمومة الجارية على كل الصعد والمستويات السياسية انها تستبعد حسماً وشيكاً لمصير هذه التسوية، ما دامت مواقف القوى المسيحية الرئيسية لكل من زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون وجعجع وحزب الكتائب أقامت ضمناً او علناً حلفاً مسيحياً لا يمكن تجاهله امام المضي في ترشيح فرنجية، والسعي الى تمرير انتخابه قبل عيد الميلاد او نهاية السنة.
وتؤكد هذه الأوساط لـ «الراي» ان العقبات التي تعترض انتخاب فرنجية ليست عددية لان مؤيدي ترشيحه يوفرون الاكثرية الدستورية اللازمة لانتخابه والتي تضم كتل «المستقبل» والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ومستقلين وربما ايضاً نواباً غير حزبيين من قوى 14 آذار مبدئياً وحتى من داخل كتلة عون نفسها، لكن المسألة بدأت تقف عند محاذير ميثاقية ووطنية يصعب معها المضي في انتخاب فرنجية قبل معالجة عقدة الفيتوات المسيحية التي تصوّر العملية كأنها فرض لرئيس اختاره الزعماء المسلمون على الأكثرية الساحقة من القوى المسيحية الاكثر تمثيلاً.
ودفع هذا الواقع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اليومين الاخيرين الى رفع الصوت بالدعوة الى توافق مسيحي ولبناني واسع حول شخص المرشح للرئاسة، بعدما تبلغ مباشرة او مداورة رفض القوى الثلاث لترشيح فرنجية والطريقة التي اتُبعت في طرْح ترشيحه، مع ان المعطيات الواضحة تشير الى تأييد البطريرك لهذه التسوية بل خشيته من تفويتها في ظل عوامل الدعم الدولي والاقليمي التي تحملها التسوية. وهو كان واضحاً في عظة الأحد امس حين اكد انه «بعد سنة وسبعة أشهر، عجزت خلالها الكتل السياسية والنيابية عن القيام بدورها الوطني في انتخاب رئيس للجمهورية بقرار من الداخل، تأتي مبادرة جدية من الخارج، لا من شخص فرد»، مكرراً «توجيه الدعوة إلى الكتل إياها للتلاقي من أجل درس جدي لهذه المبادرة والتحاور والتشاور بشأنها وجهاً لوجه، بروح من المسؤولية الوطنية الرفيعة، بغية الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية بقرار وطني موحد وشامل بحيث لا يُفرض فرضاً، وليعلم الجميع أن البلاد لا تستطيع تحمل أي تأخير في تعطيل عمل المؤسسات الدستورية، والدولة مهددة اقتصاديا ونقديا واجتماعيا وامنياً».
ولا تستبعد الأوساط ان يمضي «حزب الله» في تريّثه وصمته ليترك الواجهة للمشهد المسيحي وتفاعلاته الحارة، وفي ظل نتائج هذا التفاعل يقرّر وجهة موقفه النهائي من المضي في دعم العماد عون او الاضطلاع بدور ما بين عون وفرنجية. وتبعاً لذلك بات في حكم المستبعد ان تُحسم الامور في وقت قريب على ما كان غلاة المؤيدين للتسوية يتوقعون، وخصوصاً من خلال رهانهم على قوة الدفع الخارجية للتسوية بما يتيح تمريرها بسرعة وربما في موعد الجلسة النيابية الانتخابية المقررة في 16 الجاري، فالأمر لا يزال يحتاج الى الكثير من الجهود لان انتخاب فرنجية، في حال استمرت فرصته متقدمة، يستلزم توسيع التفاهمات وايجاد ضمانات كبيرة للمعارضين خارجية وداخلية في الحد الادنى، بما يعني نزع طابع العجلة الذي ساد هذه العملية في أسابيعها الاولى وتسبّب بتعقيدها.
ورغم هذا المناخ، فإن مصادر سياسية واسعة الاطلاع ترى ان «قطار» الرئاسة وُضع على سكة لا عودة عنها، راسمة السيناريو المرجّح للملف الرئاسي على قاعدة انه «اذا مضى الرئيس الحريري في دعم ترشيح فرنجية وجاء الى بيروت لإعلان هذه المبادرة رسمياً، فسيكون الأمر بمثابة إشارة حاسمة الى وجود دعم سعودي أكثر وضوحاً لخيار التسوية».
وقالت هذه المصادر لـ «الراي» انه «في حال فشل فرنجية في إقناع العماد عون بفتح الطريق أمامه عبر الانسحاب من السباق الرئاسي، فستكون المعركة بنهاية المطاف في البرلمان بين مرشحيْن هما ميشال عون وسليمان فرنجية».
وتحدّثت المصادر عيْنها عن ان «حزب الله» أبلغ الى فرنجية كما الى عون انه في حال قرّر زعيم «التيار الوطني الحر» النزول الى البرلمان كمرشّح في وجه زعيم المردة، فإن أصوات الحزب ستذهب الى عون.
وأشارت المصادر الواسعة الإطلاع الى ان«حزب الله، الذي حسم خياره بالتصويت للعماد عون، سيترك لحلفائه في جلسة الانتخاب حرية التصويت، وهي الإشارة الى تعني ضمناً ان الرئيس نبيه بري سيصوّت لفرنجية».
ولم تستبعد هذه المصادر ان يحسم جعجع موقفه لمصلحة التصويت الى عون في حال اقتصرت الانتخابات الرئاسية على المبارزة بين زعيميْ«التيار الحرّ»و«المردة»، وهو الأمر الذي يؤشر الى عملية«خلط أوراق»كبرى تعصف بتحالفاتٍ أصبحت من الماضي.
وكان بارزاً في هذا السياق إشارتان: الأولى أطلقها نائب«القوات اللبنانية»انطوان زهرا اعتراضاً على تسوية فرنجية وأكد فيها أنه«عندما نصل إلى المفاضلة، سيكون للعماد عون الاولوية»، مشيراً الى أن«هناك شيئا ما يطبخ، والرئيس سعد الحريري لم يتشاور معنا ولا مع غيرنا في هذا الشأن»، ولافتاً الى ان جعجع«ليس بوارد أن ينتقل لأي مكان لمقابلة أي أحد».
اما الإشارة الثانية، فعبّر عنها رئيس«التيار الحر»الوزير جبران باسيل (صهر عون) وعكست حقيقة موقف عون من خيار فرنجية اذ قارن التسوية ضمناً بحقبة الوصاية السورية، لافتاً ان«مرحلة 1990 الى 2005 لن تتكرر فلن نكون سجناء ولا منفيين في وطننا ومرحلة تقاسُم الأدوار ولّت ولن نقبل بالفتات لأننا اصحاب الحصة الشعبية»، مهاجماً«المستقبل»من دون ان يسميه بحديثه عن«اننا أصحاب قضية استعادة دور ولسنا أصحاب عملية انتاج أدوار مجموعات شهدناها سابقاً وعاش لبنان في ظلها ظروفا مأسوية».
أطلق وثيقة «لقاء الجمهورية»
سليمان: «الطائف» لم يُطبَّق بالكامل فسُجن جعجع واغتيل الحريري
| بيروت - «الراي» |
شكّل إطلاق الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان الوثيقة الوطنية لـ «لقاء الجمهورية» تحت شعار «الدولة فقط» مناسبة سياسية حاشدة أطلّت على الواقع اللبناني الذي دخل مرحلة الاستعداد الجدي لإنهاء مرحلة الشغور الرئاسي التي بدأت مع نهاية عهد سليمان في 25 مايو 2014.
وخلال المهرجان الحاشد الذي أقيم للمناسبة في منطقة ضبية بحضور اعضاء «لقاء الجمهورية» وممثلين لرؤساء الاحزاب وحشد من الشخصيات، استعرض سليمان المحطات التاريخية للبنان، متوقفا عند ما يرافق المبادرة الرئاسية الحالية ولافتاً الى ان أهداف اللقاء عديدة وأبرزها «تحصين وثيقة الوفاق الوطني واستكمال تطبيق «الطائف» واعلان بعبدا الذي يعتمد سياسة التحييد وليس النأي بالنفس وهو ليس تحدياً لأحد وهدفه منع اقتتال اللبنانيين على أراضي الغير».
وإذ لفت إلى «انني كنتُ أول رئيس يأتي لتطبيق اتفاق الطائف دون وصاية»، اشار الى «ان الطائف لم يطبَّق بالكامل، اذ لم يُعِد الجيش السوري انتشاره بعد عامين على الاتفاق (وُقّع خريف 1989)، وسُجن الدكتور سمير جعجع وحصلت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشخصيات أخرى»، موضحاً «اننا لم نتعلم من الدروس السابقة وتجدد الفراغ في 25 مايو 2014».
وفيما هنّأ القوى الأمنية على تفكيكها الخلايا الارهابية والعمل على بسط الأمن على الأراضي اللبنانية كافة، جدد شكره للسعودية على الهبة المخصصة للجيش.