على مدار عشرات السنين كانت البيئة ذات أجواء نظيفة وقادرة على فرض شروطها وقوانينها على الإنسان في كل المجتمعات، مما جعل الكثير من الأشخاص يتنافسون ويتعاونون من أجل إبقائها بيئة أخلاقية ذات جودة عالية، وتتعامل مع المُثل والأخلاقيات والمبادئ في إطار قوانين موضوعية تتناسب وتتوافق مع أفراد المجتمع، لكن الأمر أخذ في التغير تدريجياً، حيث إن كثيراً من الناس أثقلوا كاهل القوانين، بتلويث البيئة الأخلاقية عن طريق التجاوز والتعدي على حقوق المجتمع وأفراده. على الرغم من سيطرة كثير من الأفراد على إبقاء بيئتهم نظيفة وذلك باتباعهم والتزامهم الأدبيات والأخلاقيات المفروضة عليهم حتى وإن تخلفوا مرات نادرة، إلا أنه مازال يوجد من فقد الشعور بالمسؤولية تجاه نفسه ومجتمعه، فبدأ بتلويث المحيط والبيئة بسلوكيات وممارسات لا أخلاقية أفقدته كل المقومات الأساسية التي فُطر وجُبل عليها، عندما خالف فطرته وتخلى عن مبادئه وقناعاته المستمدة من القواعد الثابتة، انتشر التلوث الأخلاقي بطريقة التفكير ومن ثم انعكس على المشاعر والسلوك.
أضحت المجاهرة بالأخطاء والتجاوزات هي ديدن الكثير من الأشخاص في المجتمع، لم يعد الفرد متوازناً، أصبح التطرف حاضراً ومتواجداً بحياته اليومية بكل فكرة وشعور وسلوك، حاله يتدهور، ونزيف الممارسات الخاطئة يصعب السيطرة عليه، وهذا شيء يدعو إلى الأسف والأسى، تحكي لي صديقة بأنها تعرضت لتحرش من شاب وعندما صدته وقالت له «احترم نفسك» انهال عليها بالشتائم وهما في الشارع... إن كان هذا صنيعه في مكان عام مفتوح؟!، لم يأبه ويهتم بتلويث البيئة الأخلاقية، كيف بحاله لو كان في مكان مغلق؟!
نعتقد أن الرؤية الإسلامية للحياة والأحياء تنفرد بمقومات وقواعد أساسية تجاه تنمية محيط وبيئة الإنسان الأخلاقية وحمايتها وتنقيتها من الأخطاء والذنوب، فهي أرشدت ودلت على الطريق القويم الذي يجعل محيط الفرد صافياً نقياً، وإن كان هناك تقصير من عدم الاتباع لهذه الرؤية الجليلة فهو من نفسه الدنيئة التي ألفت العيش في التلوث.
إن النصوص التي تحث الإنسان المسلم على تزكية النفس وتنقيتها وحماية بيئتها الداخلية والخارجية من الثلوث الأخلاقي وعدم الإسراف في ارتكاب الأخطاء والتجاوز على حقوق الغير كثيرة، ولكن العيب ليس في النصوص، العيب كل العيب في الفهم الخطأ للنصوص والتفسير على الهوى، أيها الإنسان لا تعبث ولا تخرب بيئة مجتمع مرتكزة الدين والعادات والتقاليد المعتدلة المتوازنة، فلنحافظ على بيئة مجتمعنا ونجعلها بيئة نظيفة خالية من الجرائم والرشاوى والتعدي على حقوق الآخرين واختراق القوانين.
[email protected] @mona_alwohaib