هل يفجّر «لغم» قانون الانتخاب مساعي التوصّل إلى تسوية؟
أسبوع «مفصلي» في لبنان يحدّد مصير «خيار فرنجية» الرئاسي
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
12:21 ص
يطلّ هذا الأسبوع في لبنان على أيام مصيرية، يفترض ان تحدد مسار الاستحقاق الرئاسي، الذي كان اكتسب قوة دفْع غير مسبوق، منذ بدء الشغور قبل عام ونصف العام، وذلك مع مفاجأة الرئيس سعد الحريري بفتْح الباب امام إمكان إنجاز الانتخابات الرئاسية، من خلال ترشيحه غير الرسمي لأحد صقور فريق «8 آذار» والنظام السوري، اي زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.
واذا كان خيار فرنجية صار على الطاولة، وطغى على عقدة ترشيح زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، التي تسبّبت بتعطيل الاستحقاق الرئاسي منذ 25 مايو 2014، فإن حظوظ وصول رئيس «المردة» الى قصر بعبدا وعدمه تبدو متكافئة، في ظل المسار المتوازي بين مساعي تفكيك «الألغام» التي تعترض انتخابه، وهي داخل البيت المسيحي بالدرجة الاولى، واستمرار التعقيدات التي لا يستهان بها، والتي تتصل بأكثر من مسألة مرتبطة بـ «سلّة» الانتخاب.
وما يجعل هذا الاسبوع مفصلياً، انه منذ كشْف خبر اللقاء السرّي بين الحريري وفرنجية في باريس قبل نحو عشرة ايام، بدا ان ثمة «ساعة رملية» أطلقت «عداً عكسياً» يتحكّم بمصير خيار السير بزعيم «المردة»، فإما يتم «قطف الاستحقاق عاجلاً» ومن فوق الاصطفافات الحادة بين فريقيْ «8 آذار» و«14 آذار»، او تذهب هذه الورقة ادراج الرياح، اذا تُرك لـ «الغبار السياسي» الكثيف ان يثقلها.
وثمة مَن كان يراهن على إنضاج «طبخة» فرنجيّة لتكون جاهزة بحلول الاربعاء المقبل، وهو موعد الجلسة الجديدة «الدورية» لانتخاب رئيس للجمهورية، قبل ان تبرز مجموعة وقائع سياسية، رسمت شكوكاً حول إمكان الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي في 2 ديسمبر المقبل، وصولاً الى التشكيك في ان يصمد ترشيح فرنجية، وذلك تحت وطأة فيتوات متعدّدة الاتجاه.
وبات واضحاً ان تلك الفيتوات، تصبّ في ثلاثة حسابات، يرتبط كلّ منها بجانب:
* أوّلها تموْضع رئيس «المردة»، حليف الاسد و«حزب الله»، والذي رغم الكلام عن ان ترشيحه من الحريري - اذا حصل رسمياً - سيعني انه «نسخة معدّلة» عن «فرنجية اللصيق بالأسد»، فإنه يثير «نقزة» لدى اوساط «14 آذار» عموماً وجمهورها، تستند الى مجموعة اسئلة حول موجبات مثل هذا الخيار الصادم، وبينها ماذا سيكون عليه الحال اذا قرّر الرئيس الأسد مثلاً زيارة بيروت لتهنئة «صديقه فرنجية»؟ واذا كان وقوع «القرعة» الرئاسية على زعيم «المردة» يربط بترتيبات مرحلة ما بعد الأسد في سورية، فأين الحكمة والمصلحة في الإتيان برئيس يُعتبر من «تركة» الأسد؟، بما يعني معاداة مسبقة للنظام الجديد في سورية؟ اضافة الى موقفه من القضايا الخلافية الأبرز في لبنان والمتصلة بالموقف من سلاح «حزب الله» وانخراطه العسكري في سورية.
* وثانيها يتّصل بالضمانات التي يمكن ان يقدّمها فرنجية في ما خصّ عملية تكوين السلطة، وتحديداً قانون الانتخاب الذي يبدو عالقاً بالمصاف الاول، عند المسيحيين الذين يتمسّكون برفض العودة الى قانون الستين، الذي حكم انتخابات العام 2009 ويصرّون على قانون يترجم أكثر مفهوم الشراكة الوطنية ويحقق تالياً التوازن المطلوب.
ورغم تفادي أيّ فريق مسيحي وازن إعلان موقفٍ واضح من تأييد او رفْض ترشيح فرنجية، فإن حركة حزب «الكتائب اللبنانية» في اتجاه عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، والتي تتناول في شكل متوازٍ ملفيْ الرئاسة وقانون الانتخاب، عكستْ محوريّة هذا القانون كضمانة للمسيحيين، ولا سيما مع رواج معلومات عن ان زعيم «المردة» أعطى خلال لقائه الحريري تطمينات حيال التمسّك بقانون الستين ورفض النسبية التي يعترض عليها زعيم تيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط، الأمر الذي يضيف «طبقة جديدة» الى خلفيات «الممانعة» المسيحية حتى الساعة للسير بفرنجية رئيساً.
* والثالثة، تتّصل بواقع «القفل والمفتاح» الذي يشكّله عون في الملف الرئاسي، هو الذي يرفض منذ 25 مايو 2014 البحث في اي صيغة تسْوية تفضي الى انتخاب رئيس غيره، علماً ان هذا التمتْرس يشكّل إحراجاً لحليفه «حزب الله» الذي كان التزم بعدم السير بأيّ مرشح غيره الا اذا أعلن زعيم «التيار الحر» انسحابه، وهو ما يجعل الحزب يراهن على ان يبادر الحريري الى إعلان ترشيح فرنجية رسمياً بتأييد من حلفائه علّ ذلك يدفع عون الى فتح الباب امام وصول زعيم «المردة» الذي يَطْمئن اليه «حزب الله» اساساً.
ويبدو واضحاً ان عون الممتعض من «مفاجأة فرنجية»، ليس أقله حتى الساعة في وارد تليين موقفه، متكئاً في جانب من تشدُّده على عدم سير شريكه المسيحي في «إعلان النيّات» اي جعجع، بخيار زعيم «المردة» وهو ما ينطبق ايضاً على حزب الكتائب، الذي اعلن موفده سليم الصايغ بعد زيارته امس، رئيس «القوات» ان مقاربة ترشيح فرنجية لا ترتبط بالشخص بل «بالطرح السياسي، اذ المطلوب من رئيس جمهورية لبنان أن يكون لديه موقف واضح بشأن عديد من الأسئلة، ونحن نؤمن برئيس يحتكم إلى الدستور ويؤمن بمبادئ الحرية والاستقلال»، مشيراً الى «اننا سنعمل (مع القوى المسيحية الاخرى) لتنسيق المواقف من قانون الانتخاب اذ لا يمكن ان نقبل بقانون الستين».
وفي سياق متصل، لفت كلام رئيس جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية ملحم الرياشي الى ان «لا مشكلة مع أي ترشيح سواء أكان للوزير فرنجية أو غيره فنحن مشكلتنا مع الانتخاب، ونحن ننتخب مَن يتلاءم مع مشروعنا السياسي واليوم لـ جعجع برنامج ترشيحي عنوانه (الجمهورية القوية)»، معتبراً ان «المدخل الطبيعي لانتخاب رئيس هو أن يتمتع بمواصفات تنطبع مع تطلعاتنا، والوزير فرنجية شخص (جينتلمان) ومحترم، ولكن هناك أموراً في السياسة نختلف عليها، وهذه تحتاج إلى بحث عميق»، ومؤكداً متانة العلاقة بين جعجع والرئيس الحريري وعلى تواصلهما المستمر.
وبرز في السياق نفسه، موقف للأمين العام لـ «تيار المستقبل» احمد الحريري، برر فيه ضمناً خيار فرنجية، اذ اعلن «اننا اليوم نخوض المواجهة من اجل تسوية وطنية ميثاقية لإطفاء النار الاقليمية التي تهدد لبنان بالاشتعال اذا طال امد الانتظار»، مؤكداً ان «اي تفاهم لن يكون على حساب احد، وإما ان يكون ميثاقياً على اساس ثوابت لبنان او لا يكون»، وغامزاً من قناة بعض الحلفاء وأبناء «البيت المستقبلي» بقوله: «ليتوقف البعض عن المزايدة، ولا كلمة تعلو على كلمة سعد الحريري في (تيار المستقبل)، ونحن قدّمنا ومازلنا المبادرات لإنقاذ لبنان والمؤسسات. ونحن من مدرسة رفيق الحريري، ولا احد اكبر من بلده».