مسرحية لينا خوري تؤكد أن التاريخ يعيد نفسه

«لماذا» لم تكن ثوراتنا يوماً لشعوب ... بل لأفراد؟!

1 يناير 1970 05:54 م
منذ قدمت «حكي نسوان»، وصولاً إلى أحدث أعمالها «لماذا»، لم تدع المخرجة اللبنانية لينا خوري مجالاً للقبض على مسارها الحقيقي المحدد بأطر تدل عليها. العنوان التجاري المعتمد لمسرحية خوري الجديدة هو «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو 71»، هذا كله عنوان للمسرحية التي سبق للكاتب الكبير عصام محفوظ أن أطلقها في مطلع السبعينات، وهي تقدّم اليوم للمرة الأولى منذ ذلك الحين، مع المخرجة التي تحمل ثقافة أميركية وتتمتع بخصوصية في التفكير والتمثيل والإخراج وحتى في مجال الكتابة.

تريد المسرحية التي جرى التعتيم عليها منذ افتتاح العرض الأول لها في العام 1971، القول إن ثوراتنا لم تكن يوماً ثورات شعوب بل أفراد، لذا كانت تتعثر ولا تعرف المضي في دروبها مسافات طويلة، وجاء اختيار قصص «سرحان سرحان، وفرج الله الحلو، وأنطون سعادة» تأسيساً على هذه القاعدة، وطرح معادلة الموت ثمناً للمواقف المصيرية والتي لا تحتمل المساومة أبداً.

«أردت القول إن التاريخ يعيد نفسه، ولو أننا تعلمنا مما حصل مع من سبقونا لهانت الأمور علينا وما وقعنا في شر أعمالنا». الكلام للمخرجة خوري التي تحضّر وفق إعلانها لعمل لن يصدّقه أحد، وموعده في النصف الثاني من العام المقبل 2016.

اختار النص لإعادة فتح ملفات تلك المرحلة ثلاثة من الأسماء، التي يحمل كل منها قضية خاصة ومهمة وعميقة الأثر في محيطها والمنطقة، في وقت يتم فيه الاحتفال بالذكرى العاشرة لوفاة الكاتب عصام محفوظ، حيث سرحان سرحان شاب فلسطيني اغتال السيناتور روبرت كينيدي في 5 يونيو 1968، وكان واثقاً أنه سيلقى عقاباً شديداً، لكنه لم يتردد. أما فرج الله الحلو، فهو ركن في الحزب الشيوعي اللبناني، ذُوِّبت جثته بالأسيد في العام 1959، لأنه أعلن اعتراضه على قبول الاتحاد السوفياتي تقسيم فلسطين. فيما أنطون سعادة الأشهر بالزعيم، مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، قضى إعداماً العام 1949، وذهب هو إلى مصيره من دون خوف.

القضايا الثلاث توضع على مشرحة العرض من جديد، لكن على شكل ملهاة في ملهى ليلي بين مخرج وتلاميذه، يقومون بتجسيد الشخصيات الثلاث مع تشكيل محكمة تحاكمهم واحداً واحداً، لنجد أن الجناة هم أفراد الشعب العربي، الذين ما تعوّدوا على العمل الجماعي، وإنما تفرّجوا على مبادرات الشجعان، وظلّوا كذلك حتى سقوط المصرّين على خدمة قضاياهم، حيث الكعب العالي للنساء أكثر حضوراً في هذه الأماكن، مع ما يصاحب هذه الأجواء من إسقاطات ساخرة تحاكي واقعنا السياسي الحالي في العالم العربي.

جسّد الأدوار طلال الجردي (العريف)، أسامة العلي (سرحان)، طارق تميم (فرج الله الحلو)، سامي حمدان (الزعيم)، ومعهم لينا سحاب، ألين سلوم، أحمد الخطيب، روان حلاوي، ألين شامي، تانيا صعب، شادن فقيه، عبد جمعة، روي واكد، هبة سليمان، جواد رزق الله، فاطمة الأحمد، ريتشارد أوديشو، ماريا كركس وأيمن حموي. وهندس الديكور حسن صادق، وصمم الملابس رينيه عطا الله.