نصر الله لعون: أنت وأنا واحد ولن نمضي بأية تسوية لا توافق عليها

تسويق فرنجية لرئاسة لبنان يُسابِق الوقت والاعتراضات

1 يناير 1970 12:21 ص
يلتهب المشهد السياسي الداخلي في لبنان تباعاً على وقع التسوية التي حصلت بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لترشيح الأخير الى الانتخابات الرئاسية، والتي أثارت في الأيام الأخيرة ملامح غير مسبوقة من الاضطراب والتشنج وخلط الأوراق بشكل حادّ للغاية.

وعكست التحركات الجارية في كواليس القوى السياسية اتجاهات شديدة الغموض بدا معها كلٌّ من فريقيْ 14 آذار و8 آذار يقفان أمام مرحلةٍ مفصليّة تهدّدهما سواء بسواء، للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ذلك ان ظهور فرنجية بمظهر المرشح العلني «ولو غير الرسمي» خلال جولة الحوار الوطني التي انعقدت اوّل من امس، في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، زاد في إشعال الحمّى الإعلامية والسياسية الصاعدة حول لقائه والحريري، في وقتٍ تكثّفت الإيحاءات والمعطيات التي تتوقّع إقدام الحريري في أيّ وقت على إعلان ترشيحه فرنجية بصورة رسمية، بما يثبت مضي زعيم «تيار المستقبل» في هذه الخطوة، رغم بروز معارضة حادة لها من أقرب حلفائه كما حتى من داخل تياره.

واتجهت الأنظار بقوّة نحو معراب والرابية لتَبيُّن ما سيكون عليه الموقف النهائي والحاسم لطرفي «إعلان النيات»، اي رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ورئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون، اللذين يُعدّان الفريقين الأشد إصابة بالخسائر من جراء اي فرصة محتملة لانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية.

واذ تأكد ان دورة مساعٍ محمومة بدأت على كل المحاور والاتجاهات بين كل من الحريري وحلفائه في قوى 14 آذار من جهة، وبين «حزب الله» وعون وفرنجية من جهة أخرى، فان الأوساط القريبة من محور معراب - الرابية بدأت تلمح بقوة الى رصْدها فتْح خط تنسيق ساخن بين عون وجعجع، الأمر الذي ينذر بصفحة تصعيدية واسعة قد تكون برسْم التطورات المقبلة، في اي لحظة يعلن فيها الحريري رسمياً تبنيه لترشيح فرنجية.

وأشارت هذه الأوساط التي تواكب مجمل حركة الاستنفار السياسي في البلاد الى ان المشهد بات ينقسم بين اربع زوايا: الأولى تلحظ اندفاعاً مرتقباً في استكمال السعي الى ترشيح فرنجية على أسس تسوية سياسية واسعة تشمل مبدئياً إنهاء الفراغ الرئاسي والاتفاق على الحكومة المقبلة وقانون الانتخاب الذي يتردّد ان فرنجية تعهّد للحريري بأن يكون على أساس قانون الستين، الذي جرت على أساسه الانتخابات السابقة، بما يُسقِط اعتماد النسبية ويريح الحريري والنائب وليد جنبلاط، ولا يمانع فيه فريقا بري وحزب الله. والثانية تتمثّل في إحراج واسع لدى «حزب الله» الذي وجد نفسه وسط مطرقة اختيار فرنجية الحليف الذي غالباً ما اعتقد كثيرون انه المرشّح المضمر النهائي للحزب، وبين سندان دعمه العلني المتواصل للعماد عون، بما يشكل تالياً أكبر مأزق يجد الحزب نفسه في مواجهته. والثالثة تكمن في منازعة فريق 14 آذار إحدى أخطر الحقبات التي عرفها منذ نشأته، اذ ان تَفرُّد الحريري بترشيح فرنجية أحدث تصدّعات خطيرة بين مكوناتها الأساسية.

أما الزاوية الرابعة فتتمثل في ملامح تكوين تحالف بين «القوات اللبنانية» و«التيار العوني» لا يزال الحديث عنه يتسم بحذر شديد، وتربط الأوساط إمكان حصوله بالتداعيات التي قد تظهر في حال فشلت محاولات اقناع الفريقين باعتماد المرونة والتعامل برويّة مع موضوع ترشيح فرنجية، وإشراكهما تالياً في وضع أسس التسوية التي يقبلان على أساسها بانتخابه.

وفي ظل هذا التأجج السياسي، تقول الاوساط نفسها لـ «الراي» انه يصعب التكهن بمسار هذه العملية التي تغلب معها احتمالات التأزيم مع احتمالات اكتمال التسوية وإنجازها. ولعلّ ما يزيد في تفاقم الغموض، ان اي طرف لا يجزم بوجود مظلة اقليمية إيرانية - سعودية تحديداً لترشيح فرنجية. علماً ان لسان حال المدافعين عن التسوية يردّد ان الحريري ما كان ليُقْدم عليها لولا وجود دعم او غطاء سعودي لمبادرته.

وتبعاً لذلك، فان الترقب المشوب بتوتر سياسي تصاعُدي، يبقى عنوان الساعات والأيام المقبلة التي ترشّحها الاوساط لمزيد من التطورات التي تضع الواقع الداخلي برمّته أمام صفحة اخرى من المتغيّرات المتسارعة، وسط انطباعٍ بأن سباقاً مع الوقت انطلق على قاعدة انه كلّما طال أمد الأخذ والردّ للتفاهم على «مستلزمات» بلوغ فرنجية الرئاسة، كثرت احتمالات نجاح المعارضين لها، بعد «امتصاص صدمة» طرْح خيار رئيس «المردة»، في اجتراح خطوات لعرقلة مثل هذه التسوية، او حصول تطورات دراماتيكية في المنطقة ولا سيما سورية من شأنها ان تغيّر في «المزاج» الاقليمي الذي إن لم يكن داعماً فهو على الأقل «غير ممانع» لسير «قطار» التسوية.

ونقلت صحيفة «الاخبار» عن أحد موفدي الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله إلى الرابية قوله لعون عن لسان نصرالله: «أنت وأنا واحد. ولن نمضي بأي تسوية رئاسية لا توافق عليها. وما دمت أنت مرشحاً، فنحن ندعم ترشيحك».

كما برز في سياق المواقف ذات الدلالات، إكمال النائب جنبلاط، الذي يتردّد انه أحد «عرّابيْ» خيار فرنجية المحليين مع الرئيس بري، اشاراته الايجابية باتجاه زعيم «المردة»، بتأكيده انه لا يمانع وصوله إلى الرئاسة الأولى «إذا كان يخرج لبنان من المأزق ويساهم بفصل استقراره عن التطورات الدموية في المنطقة».

اما نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الذي كان حضر اجتماع الحريري في الرياض مع عدد من قادة «المستقبل» غداة اللقاء الباريسي مع فرنجية، فكشف بعض حيثيات تشجيع زعيم «المستقبل» خيار زعيم «المردة»، موضحاً ان «الرئيس الحريري جدّي في طرحه ترشيح سليمان فرنجية ولكن ضمن سلة متكاملة»، ولافتاً الى «ان الحريري يرى ان التوافق على رئيس يرضي الجميع لم ينجح طوال السنة ونصف السنة الماضيين وهو تلقف مبادرة السيد حسن نصرالله الاخيرة»، وواصفاً فرنجية بأنه «المرشح المتقدم اليوم على سائر المرشحين للرئاسة».