سليمان فرنجية «المستعجل»... هل «يحرق» ورقته الرئاسية؟
الحريري محور لقاءات في باريس والرياض عنوانها البحث عن «تسوية لبنانية جامعة»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
10:56 م
تستعيد بيروت اليوم نشاطها السياسي بعد «استراحة الاستقلال» التي شكّلت فسحة لاتصالات على خطيْن، أوّلهما إمكان تفعيل عمل الحكومة عبر بوابة أزمة النفايات التي تقترب من «حلّ متأخّر» على قاعدة ترحيلها، وثانيهما استطلاع ملابسات وخلاصات اللقاء الذي جمع قبل ايام في باريس الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية وتداعياته الممكنة على ملف رئاسة الجمهورية.
وفي حين يُنتظر ان تشكل الساعات المقبلة اختباراً فعلياً لكل المناخ الذي أشيع حول قرب اجتراح مخرجٍ لملف النفايات يحتاج الى مواكبته بجلسة لمجلس الوزراء «العاطل عن العمل» منذ أسابيع، فإن الاجتماعات التي عُقدت في الساعات الأخيرة في الرياض وباريس والتي شكّل محورها الحريري بدت في اتجاهيْن متوازييْن: الاول محاولة تفعيل المساعي الداخلية لبلوغ تسوية للأزمة السياسية التي يُعتبر الملف الرئاسي محورها الرئيسي، وذلك بما يهيئ الأرضية إما لإمكان تكرار تجربة تشكيل الحكومة الحالية من خلال تكريس حال «ربْط النزاع» في الرئاسة و«مستلزماتها» من رئاسة الحكومة وقانون الانتخاب، او لملاقاة التحولات المحتملة في الأزمة السورية. والاتجاه الثاني استكشاف حقيقة المداولات التي جرت بين الحريري وفرنجيّة، الوثيق الصلة بالرئيس السوري بشار الأسد والمرشّح الفعلي لـ «حزب الله»، والآفاق الممكنة لهذا الحوار، الذي انطلق من موقع «الاختلاف»، الى جانب مناقشة انعكاساته المحتملة على العلاقات بين مكوّنات فريق 14 آذار التي تعاني أساساً «أزمات ثقة» بين أطرافها.
وكانت أبرز اللقاءات التي عقدها الحريري في العاصمة السعودية شملت عدداً من أركان تياره والقريبين منه، مثل الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس البرلمان فريد مكاري والوزير نهاد المشنوق، والتي وضع خلالها هؤلاء في أجواء الاجتماع مع فرنجية.
وفُهم من أجواء هذه اللقاءات ان الحريري يتعاطى مع بداية حواره مع فرنجية على انه امتداد لما سبق ان فعله مع العماد ميشال عون و«حزب الله»، اي إسقاط «الحظر» عن التواصل مع اي مكوّن لبناني، تحت سقف ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية تمهيداً لإطلاق عجلة عمل المؤسسات الدستورية، الى جانب ضرورة «تنظيم الخلافات» الداخلية بما يساعد في الحدّ من الأضرار في مرحلة الانتظار لتبلور المشهد الاقليمي.
وفي موازاة اجتماعات الحريري مع «اهل البيت» في تياره، والتي تخللتها ايضاً دعوات الى وجوب إعادة وصل ما انقطع بين بعض أطراف 14 آذار على خلفية الجلسة التشريعية الاخيرة للبرلمان، باشر زعيم «المستقبل» امس لقاءات في باريس بدأها مع رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، حيث جرى خلال اللقاء «التباحث بالاوضاع العامة في لبنان والمنطقة وبالأزمة السياسية المتمادية وما باتت تمثله من مخاطر جمة على ميثاق لبنان واستقراره وأمنه واقتصاده الوطني في ظل الأحداث الدامية في محيطنا العربي».
وبحسب المعلومات فقد «تم الاتفاق خلال اللقاء على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لإيجاد تسوية وطنية جامعة تحفظ ميثاقنا الوطني وتكرس مرجعية اتفاق الطائف وتعالج بدايةً ازمة الشغور الرئاسي وتضع حداً لتداعي مؤسساتنا الوطنية وتطلق عمل المؤسسات الدستورية وتفعل عمل الحكومة والمجلس النيابي وتؤمن المظلة السياسية والأمنية لحماية لبنان والنهوض باقتصاده الوطني من أوضاعه الحالية وتوجد حلولا للازمات الاجتماعية المتراكمة. كذلك تم الاتفاق على متابعة الاتصالات مع باقي المكونات الوطنية والقوى السياسية للبحث في سبل إطلاق وانجاز هذه التسوية بأسرع وقت».
ورغم كل التأويلات التي بدأت تعطى للقاء الحريري - فرنجية لجهة انه يعزّز حظوظ الاخير لرئاسة الجمهورية، فان اوساطاً مطلعة تعتبر ان العماد عون ما زال حتى الساعة المرشح المعلن لـ «حزب الله» الذي لم يغيّر موقفه من الملف الرئاسي الذي يتعاطى معه على انه استحقاق مؤجل ريثما ينقشع الغبار الاقليمي.
وبحسب هذه الاوساط، فان الحزب كان نصح فرنجية بعدم الاستعجال او «حرق المراحل» ومحاذَرة الوقوع في «فخ» قد يكون «المستقبل» ينصبه له بغية دق اسفين بينه وبين العماد عون، وحرْق ورقتيْ كليهما للرئاسة قبل ان يحين موعد الكلام الجدي في هذا الاستحقاق.
وكان بارزاً في بيروت موقفين صدرا عن بيئة تيار «المستقبل»، الاول لوزير العدل اللواء اشرف ريفي اعلن فيه أن «رئاسة الجمهورية هي رمز لوحدة الوطن ويجب ان تكون فوق المعارك السياسية»، معتبراً ان «من يريد ان يتبوأ هذا المركز يجب ألا يكون لا من فريق 14 آذار ولا من 8 آذار، وكل شخص مرتبط بالرئيس السوري بشار الاسد لا يمكن ان نراه نموذجاً لتولي رئاسة الجمهورية في لبنان ابداً».
اما الموقف الثاني فعبّر عنه النائب جمال الجراح الذي اكد حصول لقاء الحريري - فرنجية، كاشفاً «ان الامور في بداياتها»، موضحاً أن «فرنجية سيتحرر من التبعية لسورية، لان هذا الخط لم يعد موجوداً»، ولافتاً الى «ان التسوية لم تنضج بعد ولكن الامور بدأت تتحرك بإتجاهها وبداية الكلام عنها امر ايجابي».