حوار / ما زالت حيوية في الـ 84.... وفي صوتها شباب خاص
نجاح سلام لـ «الراي»: ليس معقولاً أن تغني الصبايا بمفاتنهن الجسدية
| بيروت – من محمد حسن حجازي |
1 يناير 1970
10:35 م
• لا أشعر بالوحدة... كل ما حولي يريحني خصوصاً حرارة ودفء العائلة
• منذ وعيت على الدنيا وأنا أعشق صوت وأداء وحضور «الست»
• أنا الوحيدة التي سمح لها الموسيقار رياض السنباطي بغناء كل ما لحّنه لأم كلثوم
بصلابتها وحيويتها واندفاعها وتوازن العبارات التي تنطق بها، فاجأتنا الفنانة الكبيرة نجاح سلام. فابنة الـ 84 عاماً لا تدل صورتها ولا صوتها ولا حركتها على أنها في هذه السن.
زارتها «الراي» في منزلها الذي يقع في منطقة الجناح، في الطبقة الثامنة من مبنى عملاق مطل على بحر بيروت. وإذ استقبلتنا بابتسامتها العريضة المعهودة، جلست في صدر ثلاثة صالونات رحبة المساحة، بحيث تكشف من زاويتها هذه كامل المكان ومن فيه، وبدت الجدران نظيفة جداً مع بياض ناصع ولوحات قليلة علّقت وأخرى كثيرة تنتظر دورها.
بدت مرتاحة، تتحدث بكثير من الطمأنينة، وبدت على عادتها أنيقة المظهر مع غطاء رأس يكشف كامل الوجه ويغطّي مساحة أعلى الرأس، وحديثها دائماً يأتي مترافقاً مع حركة عفوية باليدين:
«أنا منذ فترة لا أغادر المنزل، تجدني دائماً هنا، لكنني لا أشعر بالوحدة، فكل ما حولي يريحني، خصوصاً حرارة ودفء العائلة، فأنت تعرف تربيتنا الصارمة التي تصرّ على روابط العائلة وضرورة تعزيزها».
لكن «الست نجاح» لا تغيب عن الفن هذه الأيام من خلال مشاهدة بعض برامج الهواة، حيث تطمئن إلى أن الغناء ما زال بخير: «ليس معقولاً ولا مقبولاً أن تغني الصبايا بمفاتنهن الجسدية، أبداً، هناك أيضاً جمال الروح، والجمال المحترم الذي يراعي بالسلوك الحسن حرمات مجتمعنا».
وأعطت أمثلة عن نماذج دلّت على أصحابها ببعض الحركات والتأوهات الفارغة، وترحّمت على أيام زمان حيث كان الصوت أساسياً في تقييم المواهب، وإذا ما توفر الجمال فحلاوة تضاف إلى حلاوة، ومع وجود المايسترو الأستاذ أنطوان فرح (75 عاماً) الذي قاد الأوركسترا الوطنية اللبنانية الشرق عربية في حفل تكريم نجاح سلام على خشبة بيار أبو خاطر أخيراً، في صالون الفنانة الكبيرة طلبت منه أن يشهد على الفارق بين أمس واليوم فبادر:
«لا أنسى الكبار من وديع (الصافي)، صباح، جوزيف عازار، وغيرهم سواء تعلق الأمر بقدراتهم الصوتية أو سلوكهم الشخصي، كانوا كالساعة لأي انضباط واحترام وإبداع. اليوم يصعب العثور على فنانين عندهم هذه الصفات والميزات».
تسافر سلام، تزور ابنتيها ريم وسمر ما بين الكويت وعمّان، تمضي أسابيع تطول أو تقصر تعزز فيها الدفء العائلي الأساسي في مفكرتها، وتتحدث بشغف عن حساسية ورقة وفن صهرها أمجد العطافي، ومن خلاله عن الفنان جورج وسوف الذي تعرفت عليه في بداياته مع الفنان جورج يزبك، حين كانت تقطن في شقة بمنطقة سن الفيل (شرق بيروت)، وكيف أثنت على صوته ونصحته بأن يحافظ على صحته، لأن الصوت الجيد يحتاج إلى بنية صحيحة.
وتُقسم نجاح سلام أنها ما استقبلت في أي يوم من حياتها فنانة من النوع الذي لا يُحترم، لقد التزمت بصورة عائلتها سلام التي تميّزت بالتربية والخلق واحترام الغير ومساعدتهم من دون النظر إلى أي اعتبار، وتتذكر كم قالت السيدة أم كلثوم كلاماً جميلاً وراقياً وكبيراً عن صوتها، وتخجل من تكراره منعاً لاتهامها بالنرجسية:
«منذ وعيت على الدنيا وأنا أعشق صوت وأداء وحضور الست. وكنت الوحيدة من بين المطربات اللواتي سمح لهن الموسيقار رياض السنباطي بغناء كل ما لحّنه لأم كلثوم، لذا غنيت أكثر من عشر أغنيات لها، غنيتها بإحساسي فكان لها مذاقها الخاص».
لا شيء مميزاً في يومياتها، سوى أنها تعرف كيف تملأ وقتها بالمفيد من الأعمال.