مقاربة «الصفقة الشاملة» لنصر الله تحتاج لإشارة بالتخلّي عن عون

هل يُفرِج الخطر الأمني في لبنان عن حكومة سلام؟

1 يناير 1970 12:22 ص
استعاد المشهد السياسي الداخلي في لبنان بعض التطبيع ولو بحذرٍ شديدٍ تُرجم امس بنقل الجولة العاشرة للحوار الوطني الموسّع من مقرّ مجلس النواب في وسط بيروت الى مقرّ رئيس البرلمان نبيه بري في محلة عين التينة.

وانعقدت هذه الجولة المقررة سابقاً من الحوار من دون أي أوهام او آمال في العملية الحوارية بمجملها وخصوصاً ان هذه العملية تسير بخطى بطيئة جداً لم تتجاوز بعدَ عشر جولات، حدودَ وضْع مواصفاتٍ مبدئية لرئيس الجمهورية ولم تُطرح فيها ولا مرة اي مناقشات تفصيلية حول أسماء المرشحين للرئاسة نظراً الى استحالة التوافق بعد على هذا الاستحقاق.

ولكن الجديد الذي طرأ على المناخ الداخلي بفعل التفجيريْن اللذين حصلا الأسبوع الماضي في محلّة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، جعل أوساطاً معنيّة بالحوار تلفت الى ان الأجندة السياسية اللبنانية ستجد نفسها مرغمة على تبديل الأولويات بتقديم الواقع الأمني على ما عداه انطلاقاً من تفعيل عمل الحكومة وإحياء جلسات مجلس الوزراء نظراً الى جملة اعتبارات أعدّت شخصيات قوى 14 آذار لطرحها في الجولة الحوارية امس في اجتماع كانت عقدته هذه القوى ليل الاثنين في دارة الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط.

وأشارت هذه الاوساط عبر «الراي» الى ان مطلب تفعيل الحكومة وجد إسناداً قوياً من جانب الرئيس بري والزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، وخصوصاً ان انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب الخميس والجمعة الماضييْن، يشكل حافزاً قوياً لإطلاق عجلة العمل الحكومي، لافتة الى ان «المعطيات الأمنية التي تجمّعت عقب تفجيريْ برج البراجنة لدى الأجهزة الأمنية ومن خلال التحقيقات الجارية مع نحو عشرة موقوفين في شبكة التفجير المتصلة بـ داعش وضعت القوى السياسية أمام استحقاقٍ داهم يصعب التنكر لموجباته لجهة تمتين التماسك السياسي من خلال السلطة التنفيذية التي تشكّلها الحكومة».

ولكن الأوساط نفسها لفتت الى ان إثارة هذا الملف لا تعني تذليل العقبات أمام إعادة انتظام عمل مجلس الوزراء أولاً، بفعل إصرار رئيس الحكومة تمام سلام على عدم الدعوة لأي جلسة قبل إنجاز الحلّ لقضية النفايات، وثانياً وهو الأهمّ نتيجة عدم سقوط الشروط التي لا يزال العماد ميشال عون يضعها للعودة الى مجلس الوزراء والمتعلقة بمطالبه القديمة الثابتة في شأن طرح التعيينات الامنية كبند اساسي أوّل في أيّ جلسة.

على ان العامل الجدي الذي دخل بقوة على مناقشات الحوار الوطني الذي استُهلت جلسته بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح ضحايا تفجيريْ برج البراجنة تَمثّل في طرْح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأخير، حول تسوية شاملة للأزمة في لبنان تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وتركيبتها وقانون الانتخاب، في ظل ردود على هذا الطرح وافقتْ على المبدأ ولكن من ضمن ترتيب للأولويات يبدأ بالرئاسة، وإعلان الرئيس سعد الحريري ان»البتّ بمصير الرئاسة هو المدخل السليم لتسوية تعيد إنتاج السلطة التنفيذية وقانون الانتخاب».

وفيما شدّد النائب جنبلاط امام المتحاورين الذين استبقاهم بري الى مائدة الغداء، على ضرورة تثمير مبادرة نصر الله على ان يبقى انتخاب رئيس جديد للجمهورية أولوية ضمن التراتبية المقترحة للتسوية، راوح موقف»المستقبل»الذي يعبّر عنه الرئيس فؤاد السنيورة على طاولة الحوار تحت سقف ان الأولوية تبقى لانتخاب الرئيس ولا يجوز القفز إلى إطار تسوية واسعة من الصعب الاتفاق على نقطة البدء فيها. اما رئيس حزب»القوات اللبنانية»الدكتور سمير جعجع (لا يشارك في الحوار) فأعلن في تصريح ان»رئاسة الجمهورية ليست مجرد قطعة غيار في النظام اللبناني بل هي الموقع الأول في الدولة وبالتالي ليست عرضة للمبادلة بأشياء أخرى بل لها حقها وموجباتها بحدّ ذاتها»، متسائلاً»لا أدري ما الدافع لربط رئاسة الجمهورية بمواضيع أخرى كرئاسة الحكومة أو قانون الانتخاب، فأيضاً لكل موقع وموضوع من هذه المواقع والمواضيع حقه ومواصفاته. وعندما نتكلم عن تسويات علينا أن لا نبادل شيئاً بشيء بل ان نقطع نصف الطريق باتجاه بعضنا البعض في الموضوع المحدد المطروح»، ومتمنياً»ألا تكون التسويّة التي يُفكر بها السيد حسن على طريقة التسويات السابقة، ونحن جاهزون لأي بحثٍ يتوافق مع نظرتنا الى التسويات».

وبدا واضحاً من مقاربة 14 آذار لطرْح نصر الله ان»جس النبض»ما زال في أوّله وان رفع السقوف يندرج في سياق تعزيز موقع التفاوض، وسط اعتبار دوائر سياسية ان 14 آذار لا يمكن ان تسلّم بمبدأ التسوية وفق اقتراح نصر الله الا بعد ان تتلقى اشارة واضحة الى استعداد الحزب للبحث بمرشح تسوية للرئاسة غير العماد عون، وعندها يمكن ان ينفتح الباب امام بحث الاسماء البديلة الممكنة انطلاقاً من بت عقدة الرئاسة اولاً وتالياً تطبيق قاعدة»الأخذ والعطاء»على البنود الأخرى ولكن وفق قواعد ما زالت عناوينها شائكة وخصوصاً في ما خصّ رئاسة الحكومة التي أدخلها 8 آذار في سياق متوازٍ مع الرئاسة الاولى على قاعدة رئيس جمهورية قريب من 8 آذار ورئيس حكومة من 14 آذار، علماً ان قانون الانتخاب يبقى»أم العقد»باعتبار انه سيرسم التوازنات في البلد ومَن يتحكّم بالمسار السياسي فيه لأربع سنوات.

وفيما سيُطرح اقتراح نصر الله على الجولة الجديدة من الحوار الثنائي بين»تيار المستقبل»و»حزب الله»في الايام القليلة المقبلة بعدما بوشرت الاتصالات لتحديد موعد هذه الجولة، قالت أوساط مطلعة لـ»الراي»ان هذا الحوار سيتخذ طابعاً أكثر أهمية من أي وقت لأن التداعيات التي رتّبتها عودة التفجيرات ومن ثم المعطيات الدولية والاقليمية المتصلة بالمواجهة الضخمة مع الإرهاب ستدفع بالفريقيْن نحو تطوير هذا الحوار ودفْعه في اتجاهات جديدة يتعيّن تَرقُّبها بدقة، مما يمكن معه الرهان على توسيع رقعة الانفراجات الداخلية على أقلّ تقدير. علماً ان ثمة انطباعاً بأن المعطيات الواقعية لا تسمح بالحديث عن»إعلان نيات»محتمل بقدر ما تشير الى امكان توسيع الانفراج ربما على أساس تفعيل الحكومة وتمتين المظلة السياسية للجيش والأجهزة الأمنية على مطالع مرحلة أمنية شديدة الخطورة، وهو ما عبّر عنه بري في افتتاح جلسة الحوار امس اذ انطلق من الإرهاب الذي ضرب بيروت وباريس، ليؤكد»ضرورة تحصين الاستقرار اللبناني بالوحدة الوطنية، وتوفير ما يلزم لدعم الجيش والأجهزة الأمنية في مواجهة هذا الخطر»، والإشادة بالسرعة القياسية في كشف خيوط تفجير الضاحية.

«النصرة»: المعرّة وفليطة مقابل العسكريين



| بيروت - «الراي» |

كشف والد أحد العسكريين اللبنانيين المخطوفين منذ 2 اغسطس 2014 لدى تنظيميْ «النصرة» و«داعش»، أن أميراً في «الجبهة» طالب بتسليم قريتي المعرة وفليطة السوريتين (في القلمون) الحدوديتين مع لبنان، مقابل إطلاق سراح الأسرى الـ 16 لديها.

وقال حسين يوسف، والد الجندي المخطوف محمد، لوكالة «الأناضول»، إن «أمير النصرة في القلمون السورية، أبو مالك التلي، أرسل مطلباً جديداً مع الأهالي، الذين يزورون أبناءهم بين الفترة والأخرى، يقضي بتسليمه قريتي المعرة وفليطة، وإطلاق سراح 5 نساء من السجون اللبنانية (بينهم سجى الدليمي، طليقة ابو بكر البغدادي ووالدة ابنته»هاجر»، وجمانة حميد) مقابل إطلاق سراح المخطوفين لديه».

وأوضح يوسف أن الأهالي أبلغوا هذا المطلب الى رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام خلال اجتماعهم معه اول من امس، مؤكداً «الثقة الكاملة برئيس الوزراء، ومدير عام الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، ورئيس الهيئة العليا للإغاثة، اللواء محمد خير، الذين يتابعون ملف الأسرى بجدية ملحوظة».

وعن كيفية التواصل مع «النصرة»، ذكر حسين يوسف وهو الناطق باسم أهالي العسكريين المخطوفين أنه يتم «عبر وسطاء»، فيما التواصل مع «داعش» مقطوع منذ عدة أشهر، بحسب المتحدث نفسه قائلاً: «نحن لا نعلم أي شيء عن أبنائنا الموجودين مع هذا التنظيم (عددهم 9)».

ومعلوم أن التلي كان طالب في سبتمبر الماضي بتسليمه المعرة وفليطة اللتين تخضعان لسيطرة الجيش السوري النظامي و«حزب الله» لنقل 12 ألف نازح ونازحة من السوريين الذين يبيتون في العراء إليهما.