أجهزة أمنية غربية تستطلع ما لدى لبنان من شبكات إرهابية

بين الأشرفية وطرابلس واللبوة وبرج البراجنة تكشّفت كل خيوط «تفجير البرج»

1 يناير 1970 12:22 ص
يشهد لبنان سباقاً بين الإجراءات الأمنية المعززة التي يتخذها تَحسُّباً لاستكمال مسلسل التفجيرات الذي كان أطلّ بـ «رأسه» مجدداً من برج البراجنة، وبين التحقيقات التي تستمرّ مع الشبكة السورية - اللبنانية التي تقف وراء التفجير المزدوج والتي بات أفرادها في يد الأجهزة الأمنية من مخطّطين ومموّلين وناقلين.

وفيما شكّل كشْف شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي كل خيوط «جريمة البرج» في أقلّ من 48 ساعة محط اهتمام ومتابعة من أجهزة أمنية دولية أشارت تقارير في بيروت الى انها تستطلع لبنان ما لديه من وقائع تتصل بالشبكات الإرهابية، فإن مصادر متقاطعة أكدت ان البلاد نجت رغم الحصيلة الدموية لتفجير الضاحية من كارثة أكبر لو نجح الانتحاريان في استهداف مستشفى الرسول الأعظم، لافتة الى ان مخطط الشبكة كان يشمل في «بنك أهدافه» توجيه ضربات مع اقتراب أعياد نهاية السنة، وهو ما استدعى اتخاذ تدابير أمنية مشددة وغير مسبوقة لحماية نقاط حساسة ودور العبادة وتعزيز مراقبة العناصر المشبوهة وتوسيع دائرة التوقيفات في أكثر من منطقة.

وفي موازاة ذلك، وغداة كشْف وزير الداخلية نهاد المنشوق عن توقيف الشبكة التي تقف وراء عملية برج البراجنة، تقاطعت المعلومات عند ان عدد الموقوفين في هذه القضية لدى شعبة المعلومات كما جهاز الامن العام هو 12 (8 سوريين وأربعة لبنانيين).

وبحسب التقارير فان «الانتحاري» ابرهيم الجمل الذي أوقفته شعبة المعلومات في طرابلس فجر الخميس وكان يحمل حزاماً ناسفاً معداً للتفجير في محلة جبل محسن، بالتزامن مع تفجير سيارة مفخخة (ضبطها الجيش)، شكلّ «الصيد الثمين» الذي أتاح الوصول الى الشبكة التي تقف وراء تفجير الضاحية.

فبعد وقوع انفجاريْ «البرج»، اشتبهت شعبة المعلومات في امكان ان يكون هناك رابط بين الجمل وانتحارييْ الضاحية، ولا سيما بعدما ظهر ان الحزام الذي ضُبط مع الاخير مطابق للذي كان يحمله الانتحاري الذي قضى في الضاحية بانفجار الدراجة النارية قبل ان يفجر حزامه.

وخلال تكثيف التحقيقات مع الجمل، اعترف بأنه كان يعلم بأن تفجيراً سيقع في الوقت نفسه (لتفجير جبل محس الذي اُحبط) في الضاحية، ثم أقرّ بأنه يعرف الانتحاريين اللذين نفذا عملية البرج (سوريان)، ليتكفّل رصد «داتا» الاتصالات بكشف أفراد الشبكة من مخططين وممولين ومهرّبين، وبدأت التوقيفات التي شملت 3 سوريين قُبض عليهم داخل شقة في برج البراجنة، كما جرى دهم الشقة في الاشرفية، التي جرى فيها تحضير الأحزمة الناسفة والتي كان يسكن فيها الانتحاريان، وسط تقارير اشارت الى ان الجمل قطن فيها معهما ايضاً لفترة.

وفي شقة الأشرفية، التي تقع في شارع يارد في الطبقة الاولى من مبنى قديم (3 طبقات)، تم توقيف ع. ش. الذي وُصف بأنه العقل المدبّر للتفجيرات فيما ذكرت تقارير صحافية ان مهمته كانت استقبال الانتحاريين وإحضارهم إلى هذه الشقة ثم تأمين مكان لمبيتهم، وانه أقرّ بأن لديه لائحة أهداف في الضاحية الجنوبية يختار منها ما يُريد، وأن من ضمن المهمات الموكلة إليه استطلاع المنطقة المستهدفة، ثم نقل الانتحاري إلى المكان المحدد. أما بقية الموقوفين السوريين، فغالبيتّهم من العاملين في مجال البناء ودخلوا إلى لبنان خلسة، وكانوا يشاركون في نقل المتفجرات و«طبخ» الأحزمة الناسفة وتسليمها للانتحاريين.

وفي سياق متصل، نجحت شعبة المعلومات في دهم بلدة اللبوة (البقاع الشمالي ذات الغالبية الشيعية المؤيدة لـ «حزب الله») وقبضت على عدنان سرور ووالده سعد، وسط معلومات عن انه عُثر في منزل عدنان على مبلغ 450 الف دولار وهويات واخراجات قيد مزورة، كان يعمل من خلالها على نقل متورطين الى العاصمة وبعضها لارهابيين قادمين من سورية.

وفيما عُلم ان سرور هو الذي تولى تهريب ابراهيم الجمل من القصير السورية الى لبنان عبر الهرمل، ذكرت تقارير صحافية ان سرور ووالده قريبان من النظام السوري، وان عدنان كان يملك بطاقة من الامن السوري تسهل عبوره من سورية واليها من جهة الهرمل الى القصير.

ونُقل عن رئيس بلدية اللبوة رامز أمهز ان عدنان سرور درس الهندسة وتخرج حديثاً وهو كان يتردد الى سورية ويعبر «عبر الخط العسكري». واضاف «ان العائلة متحدرة من بلدة عسال الورد السورية وتعيش في اللبوة منذ عقود الى حيث نقلت نفوسها».

وعلى الخط نفسه، أوقف «الأمن العام» اللبناني ابراهيم احمد رايد، والسوري مصطفى أحمد الجرف. وبحسب بيان هذا الجهاز «اعترف الأول بمشاركته مع آخرين في التخطيط لعملية برج البراجنة حيث قام بنقل أحد الانتحاريين من الأراضي السورية إلى شمال لبنان ومن ثم الى منطقة بيروت وتسليمه المتفجرات التي جرى نقل كميات منها إلى داخل لبنان بالاضافة إلى صواعق وأسلحة فردية، وكان يتلقى أوامره وتعليماته مباشرة من أحد امراء تنظيم داعش الأمنيين في الداخل السوري المدعو»س. ش»، ويدير شبكته الارهابية الموزعة في طرابلس والأشرفية وبرج البراجنة. واعترف الثاني بإقدامه على تحويل أموال لصالح أعضاء الشبكة المشار اليها، وضبط بحوزته كمية كبيرة من الأموال».

وذكرت تقارير ان رايد اعترف بأن الخطة كانت تقضي بأن ينقل انتحارييْن إلى برج البراجنة كي ينفّذا هجوماً مزدوجاً. وفي موازاة ذلك، ينتظر انتحاريان آخران على أبواب مستشفى الرسول الأعظم قدوم سيارات الإسعاف ليُفجّرا نفسيهمان الا انه لسبب ما لم يصل سوى انتحارييْن من الأربعة، فارتأى أن يكون الهدف شارعاً مكتظاً في برج البراجنة.