الحوار الوطني في لبنان يقارب اليوم طرْح تسوية «الصفقة الشاملة»
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
12:20 ص
جاء «11 سبتمبر الفرنسي» الذي ضرب باريس في 13 نوفمبر ليجعل لبنان يتحسّس من جهة مخاطر استمرار دورانه في حلقة الفراغ المؤسساتي المفرغة، ولا سيما على مستوى رئاسة الجمهورية، وليوسّع من جهة أخرى قراءته لـ «المذبحة» التي أصابت الضاحية الجنوبية لبيروت الخميس الماضي مع التفجير المزدوج في محلّة برج البراجنة الذي خلّف 43 قتيلاً و239 جريحاً.
وبدا من الصعب فصل «خميس الموت» في بيروت عن «عاصفة الإرهاب» المتنقّل التي حوّلت باريس ليل الجمعة «فيلم رعب» حقيقياً أسدل الستارة على مشهد دموي لم تعرفه فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، لتنفتح مرحلة جديدة من الصراع مع الإرهاب والحرب عليه تشي كل المؤشرات بأنها لن تكون هذه المرّة «تقليدية».
وارتفعت المخاوف في بيروت تبعاً لذلك من ان تكون العملية المزدوجة التي طاولت برج البراجنة قبل نحو 24 ساعة من هجمات باريس في إطار قرار من «داعش» بنقْل المعركة الى مستوى غير مسبوقٍ، في غمرة اشتداد «الحرب العالمية» على التنظيم، الذي يَظهر بوضوح انه قرّر الردّ الموجع في أكثر من ساحة وصولاً الى توسيع رقعة عملياته النوعية الى أوروبا وربما أبعد.
وإذا كان تفجيرا برج البراجنة لا يشكلان معطى يفضي الى تداعيات ميدانية تغيّر قواعد الاشتباك بين «داعش» و«حزب الله» في سورية، رغم ان «عملية البرج» كانت الأكثر دموية في سياق الاستهدافات لمعاقل الحزب في الضاحية وبعض مناطق البقاع الشمالي منذ العام 2013، إلا أنّ لبنان يعاين بدقة التداعيات الجديدة التي بدأت ترتّبها العمليات المتزامنة في باريس على صعيد المواجهة بين «العالم» و«داعش»، باعتبار ان التنظيم سدّد ضربة صاعقة أصابت فرنسا والمجتمع الدولي بالذهول والإرباك، وذلك في ظل المسار المفصلي الذي دخلته الحرب السورية بعد الانخراط العسكري الروسي فيها وايضاً الضربة التي وجّهها «داعش» لموسكو بتفجير طائرة الركاب المدنية فوق سيناء.
ووسط مخاوف أوساط سياسية لبنانية من ان ما بعد أحداث فرنسا قد يكون مفتوحاً على مزيد من الفوضى التي يمكن ان تدفع البلاد ثمناً باهظاً لها في ظل الأزمة السياسية المتمادية في الداخل، فإن بيروت تأخذ في سياق قراءتها للمرحلة المقبلة، الى جانب ما كانت تلمّسته ديبلوماسياً من ان لبنان ليس على «أجندة الاهتمام الدولي»، المشهد المعبّر الذي تَناقلته وسائل اعلام عالمية عن شعورها بعد هجمات فرنسا التي استجرّت تعاطفاً إعلامياً وشعبياً وسياسياً «عالمياً» انها «منسية» او «متروكة» وان ضحايا تفجيريْ الضاحية، لا يساوون في عيون العالم ضحايا تفجيرات باريس، وهو ما اضاء عليه موقع مجلة «التايم» في مقال بعنوان «بيروت تتساءل اذا كانت بعض الاعتداءات الارهابية أهمّ من الأخرى».
وترى أوساط سياسية ان هذا «الشعور» بدأ يعزّز الاقتناع بأنه اذا لم يبادر اللبنانيون الى «نزع أشواكهم» بأيديهم، فإنهم قد يدفعون أثماناً غالية، وهو ما جعل مصادر مطلعة ترصد مآل «اليقظة» الوطنية «النادرة» التي برزت من فوق خطوط التماس السياسية بإزاء مجزرة الضاحية، واذا كان الخطر الأمني الذي أتاح في فبراير 2014 تشكيل حكومة «ربْط النزاع» برئاسة تمام سلام، سيفرض هذه المرة ايضاً تمرير الاستحقاق الرئاسي وفق قواعد مشابهة وانطلاقاً من الدعوة التي وجّهها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الى «تسوية شاملة»، تضم في سلّة واحدة رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة الجديدة وتركيبتها وقانون الانتخاب، بما يسمح بـ «الأخذ والعطاء» بين فريقيْ 8 و 14 آذار في كل من هذه الملفات، بحيث مَن يخسر في أحدها يربح في آخر.
وفي حين يُنتظر ان يُبحث طرح نصر الله للمرة الأولى اليوم على طاولة الحوار الوطني التي برز نقل جلساتها من مقر البرلمان الى مقر الرئيس نبيه بري في عين التينة، فإن غموضاً ما زال يلفّ امكانات ولوج مثل هذا الحلّ الشامل في ضوء اعتبار الرئيس سعد الحريري ان «البتّ بمصير الرئاسة هو المدخل السليم لتسوية تعيد إنتاج السلطة التنفيذية وقانون الانتخاب»، وهو ما لاقاه النائب وليد جنبلاط معلناً انه لا يمانع السلة الكاملة على «أن الأولوية ضمن تراتبية بنود هذه السلة يجب ان تكون لانتخاب رئيس الجمهورية».