د. جلال محمد آل رشيد / لا... للنهج الإلغائي

1 يناير 1970 06:53 ص

جمعية كويتية رسمية، وعندما تريد أن تقيم مؤتمراً عن الأسس الفكرية لما تسميه هي بـ «الوحدة» الإسلامية، تقوم بـ«إلغاء وشطب» مذهب إسلامي كامل يمثل أتباعه ثلث سكان الكويت! فهل تصرفها الإلغائي هذا يعد دعماً وتقوية لـ«الوحدة» الواردة في العنوان الرئيسي لمؤتمرهم، في ما يعكس «نظرتهم الخاصة» للوحدة الإسلامية التي تقوم، عندهم، بين «بعض» المسلمين دون بعض؟ وهل يعد إلغاء المسلمين وشطبهم عن الملة «إصلاحاً اجتماعياً» حسب «الرؤية الخاصة» لتلك الجهة؟ السؤال مطروح، فعلى مَن يرى نفسه معنياً... أن يجيب عنه! ولكننا ندعو الحكومة إلى «المراقبة والتحليل» الدقيقين لما قد يرد عن تلك الجهة المعنية من إجابة عن السؤال المشروع المطروح، باعتبار أن الأمر يهدد السلم الاجتماعي في البلاد، علماً بأن إغفال الإجابة يُعد اعترافاً بالخطيئة الشرعية والاجتماعية، كما أن الكويت، وبالذات الحكومة، تطرح نفسها كدولة مناهضة للفكر الإلغائي الخطر على الوحدة الإسلامية، وعلى الوحدة الوطنية التي تدعو لها الدولة، فعلى الحكومة أن تراعي هذا الأمر. كما إننا نذكر الجميع بأن ملتقيات الأخوة الإسلامية التي نظمها «التحالف الإسلامي الوطني» لم يتم في أي منها التمييز أو الشطب أو الإلغاء، أو عدم الاعتراف بإسلام من يشهد بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فعلى المجتمع، والدولة، المراقبة الدقيقة، والمقارنة الهادفة لمعرفة بواطن الأمور وحقائقها.

وربما كانت المشكلة الأبرز، في إطار هذا الموضوع، رعاية الحكومة، على مستوى عالٍ جداً، لهذا المؤتمر، فالحكومة تعرف تماماً تاريخ الأسرة في الكويت في إطار «وقوفها على مسافة واحدة بين مختلف مكونات الشعب»، وهذه العبارة بالذات وردت على لسان الشيخ الدكتور محمد الصباح للإخوة العراقيين قبل فترة وجيزة، ولذلك، فإننا نظن أن ذلك المؤتمر، وبالشكل الإلغائي الخطر الذي ظهر فيه، كان المفروض أن تقاطعه الحكومة تنبيها لمنظميه إلى خطورة النهج الإلغائي على الوحدتين الإسلامية والوطنية.

أما الكارثة الكبيرة الثانية، فهو تورط وزارة الإعلام بمنع كثير من الكتب في معرض الكتاب الحالي، لأسباب متعددة قابلة للنقاش الذي يحفظ حقوق جميع الأطراف الثقافية في المجتمع الكويتي، على أساسين أولهما هو حفظ حق الاعتقاد للجميع، وثانيهما عدم تعدي أي طرف على أي طرف آخر، فضمن قائمة كبيرة، تم منع كتابَي «الصحيفة السجادية» للإمام السجاد (علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب – عليهم السلام) وكتاب «نهج البلاغة» للإمام علي (عليه السلام) عن معرض الكتاب الحالي! فهل يُعقَل أن تقوم جهة محايدة بعمل مثل هذا؟ وبعض الروايات تتكلم الآن عن تراجع الحكومة في قرار منع «نهج البلاغة»، ولكن المشكلة لا تزال قائمة، فمادامت اللجنة المكلفة بالمنع تمارس دورها من غير وجود «معايير» محددة للمنع، «معايير» يتم تطبيقها على «الجميع»، «معايير» يكون لها، وليس للغالبية، قوة الفيتو داخل اللجنة؛ فإن المنع سيكون على أسس غير محايدة، على أسس ضارة بسمعة الكويت داخلياً وخارجياً، مع أن المطلوب هو وجود أسس ومعايير تقوي من حيادية الدولة، وحمايتها لحرية المعتقد للجميع، مع ممارسة الدولة لواجبها في منع تعدي أي طرف على مبدأ حرية الاعتقاد لدى الطرف الآخَر. فهل ستتصرف الحكومة بالحكمة المتوقعة ممن يكون في موقعها الحيادي؟ أم أنها ستعد نفسها معنية بالوقوف مع البعض، ضد البعض الآخَر من المواطنين؟ سؤال مشروع، جوابه عند الحكومة.


د. جلال محمد آل رشيد


كاتب وأكاديمي كويتي

[email protected]