تَبايُن بين نصر الله والحريري حيال «خريطة الطريق» للخروج من الأزمة

1 يناير 1970 12:26 ص
رغم تحقيق إنجاز نوعي في مطاردة الخلايا الإرهابية في لبنان على يد شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، لا يزال لبنان يعيش تحت وطأة الصدمة الأمنيّة المخيفة التي أثارها التفجيران اللذان حصلا الخميس الماضي، في منطقة برج البراجنة، واللذين جاءت العمليات الارهابية التي ضربت باريس غداتهما لتزيد تَوجُّس اللبنانيين من مرحلة استهدافات ارهابية منهجية.

ولكن هذا الواقع لم يحجب نقاط ارتياح الى المشهد الداخلي، في ظلّ مجموعة عوامل أمنية وسياسية برزت في الأيام الأخيرة، وتبني عليها أوساط سياسية واسعة الاطلاع حسابات، من شأنها ان تحصّن الوضع اللبناني الى درجة معقولة جداً في مواجهة الاستحقاقات المقبلة.

وتقول هذه الاوساط لـ «الراي» انه «ليس تفصيلاً عابراً ان يتمكن جهاز أمني لبناني هو شعبة المعلومات من القبض على الرؤوس المخططين والمنفذين للتفجيريْن اللذيْن ضربا منطقة برج البراجنة بعد اقل من 48 ساعة من حصولهما، وهو الأمر الذي لا يحصل في اكبر دول العالم وأقواها من التي تتعرض لعمليات إرهابية». وأشارت الأوساط الى ان «هذا الإنجاز الأمني الذي حرص وزير الداخلية نهاد المشنوق على ابراز أهميته وشرحه في مؤتمر صحافي امس، لاقاه الأمين العام لـ (حزب الله) السيد حسن نصرالله بترحيب خاص ومحدد، اتخذ دلالات ايجابية، من خلال الكلمة المتلفزة التي وجّهها مساء السبت، مشيداً بـ (إنجازشعبة المعلومات الذي صان الداخل من الانهيار نحو الهاوية)».

ولفتت الأوساط إلى اعتقادها ان «من شأن هذه الخطوة فضلاً عن ملامح التهدئة الواسعة التي تطبع مواقف كل من (حزب الله) و(تيار المستقبل - بقيادة الرئيس سعد الحريري)، خصوصاً، والأفرقاء اللبنانيين الآخرين عموماً، ان تحصّن المظلة السياسية والأمنية للاستقرار الداخلي في هذه المرحلة التي تطلّ على نوع آخر من التحديات والمخاوف والاستحقاقات». وأضافت ان «ثمة مشاورات بدأت مع انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب، الذي تمكّن واقعياً من تحصين الواقع الاقتصادي والمالي للدولة بالدرجة الاولى، سعياً الى محاولة إحياء او تفعيل العمل الحكومي في الاسابيع القليلة المقبلة».

وبحسب الأوساط نفسها، فإن «الجلسة التشريعية الاسبوع الماضي، تركت آثاراً ايجابية رغم كل ما أثير من انتقادات لإقرار اعتمادات مالية، بدت البديل من ضائع، عن إقرار الموازنة العامة للدولة، باعتبار ان تمرير القوانين التي كانت تحمل طابعاً مهماً على علاقات لبنان مع المنظمات الدولية المالية، أنقذ لبنان من العزلة الدولية، كما ان إقرار الاعتمادات للدولة وفّر تشريع الإنفاق للسنة المقبلة، بما يحول دون تَجدُّد أزمات متعاقبة في حال طال أمد الأزمة السياسية التي تحول دون عقد جلسات تشريعية اخرى».

وأشارت الأوساط الى ان «سعياً يجري الآن كي تنسحب التسوية السياسية التي واكبت الجلسة التشريعية على الحكومة المشلولة، ولكنها مشاورات في اول الطريق ويصعب الجزم بما اذا كانت ستوفر فرصة عودة مجلس الوزراء الى عقد جلساته لان مواقف الأفرقاء المعطلين للجلسات لا تزال على حالها ولم تحصل مقاربات جديدة بعد مع هؤلاء ولا سيما منهم (التيار الوطني الحر- بقيادة العماد ميشال عون) من اجل تفعيل العمل الحكومي، وهو الامر الذي سيبدأ هذا الاسبوع».

وكان تفجير الضاحية حضر في كلمة نصر الله، التي تركّزت على عملية برج البراجنة وموضوع الإرهاب ككل، مستعيداً كلامه قبل ايام عن التسوية الشاملة ضمن «سلة واحدة»، في ما يشبه «دوحة لبنانية» وهذه المرة «على البارد» تستعيد الاتفاق الذي أفضى في مايو 2008 بعد العملية العسكرية للحزب في بيروت والجبل الى تفاهم على الرئاسة الاولى والحكومة والقانون الذي جرت على أساسه انتخابات العام 2009 النيابية.

ودعا الامين العام لـ «حزب الله» في هذا السياق الى الإفادة من الجو الإيجابي والتعاطف الوطني الكبير بعد الانفجار «لتسوية وطنية شاملة تطال رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة وتركيبة الحكومة والبرلمان وقانون الانتخاب»، متداركاً «هذا ليس كما قال البعض إنه تعبير آخر عن المؤتمر التأسيسي، لا، بهذا الدستور، بهذا النظام، بهذا الطائف، بالآليات الدستورية المعتمدة تفضلوا، فليجلس اللبنانيون وينجزوا اتفاقاً كاملاً على هذه العناوين وعلى هذه البنود».

وكان جلياً حرص نصر الله على سحب فتائل اي توترات على خلفية تفجيريْ برج البراجنة سواء بين بيئة الحزب والمخيمات الفلسطينية في ضوء الشائعات عن ضلوع فلسطينيين من مخيم برج البراجنة في العملية الارهابية او مع النازحين السوريين.

واذ اعتبر أن هدف التفجير إثارة الفتنة والضغط على المقاومة، رفض تحميل الفلسطينيين المسؤولية عن «جرائم ارتكبها آخرون»، كاشفاً انه لم يظهر بين المتورطين الموقوفين أي فلسطيني. وقال: «حتى لو تواجد فلسطيني بين الانتحاريين، لا يوجد أي موقف ديني او أخلاقي او إنساني يدفع نحو تحميل المسؤولية للشعب الفلسطيني».

كما رفض تحميل الطائفة السنّية أي مسؤولية على خلفية ان الانتحاريين من الطائفة السنّية، مردفاً: «حتى لو تم اعتقال لبناني من طائفة معينة مثل الطائفة السنّية الكريمة في شبكة إرهابية فلا يمكن لأحد ان يتهم هذه الطائفة لأنها منزّهة عن ذلك».

وعبّر ردّ الرئيس سعد الحريري على نصر الله عن تَمايُز حيال خريطة الطريق للخروج من الازمة السياسية التي يراها زعيم «المستقبل» وقوى «14 آذار» تمر حكماً عبر اولوية انتخاب رئيس الجمهورية بمعزل عن «السلّة الواحدة» التي يدعو اليها «حزب الله» والتي تفتح الباب امام مقايضات تصل باسم رئيس الحكومة وتوازناتها اضافة الى الاحجام في البرلمان الجديد.

واعتبر الحريري في هذا السياق ان «درء الفتنة عن لبنان يحتاج الى قرارات مصيرية تجنّب البلاد الذهاب الى الحروب المحيطة». ورأى ان «البت بمصير الرئاسة هو المدخل السليم لتسوية تعيد إنتاج السلطة التنفيذية وقانون الانتخاب».