حوار / «عادل إمام ذكي ... وحسن حسني يتفوّق على أي فنان»
محمد نجم لـ «الراي»: المسرح حياتي... وسأموت على «خشبته»
| القاهرة - من سهير عبدالحميد |
1 يناير 1970
06:12 ص
• حوربت كثيراً... وأسست فرقتي الخاصة حتى لا أكون فريسة للمنتجين وأصحاب الأهواء
• ليس لي أصدقاء في الوسط الفني ... لأنني لا أحب السهر وخلافه
• ما يقدمه أشرف عبدالباقي ليس مسرحاً ... وما حققه «نجاح بإلحاح»
صمته الإعلامي رحمة، كما أن وقوفه على خشبة المسرح يشبه البركان.
إنه الفنان المصري محمد نجم قليل الإطلالات الإعلامية، لكنه دائماً ما يثير جدلاً لا ينتهي من خلال هذه الإطلالات القليلة. وفي حواره مع «الراي» صوّب نجم في جميع الاتجاهات، وتحدث بصراحته المعهودة إلى حد الصدمة عن الجميع، مؤكداً أنه تعرّض لحروب كثيرة، متهماً الإعلام في الوقت نفسه بمحاولات تشويه تاريخه والنيل من سمعته.
ووصف نجم ما يقدمه الفنان أشرف عبدالباقي حالياً بأنه ليس مسرحاً، متهماً «السبكية» بإغراق السينما في أفلام المقاولات، ومتسائلاً من هو محمد رمضان حتى يحصل على 20 مليون جنيه أجراً في العمل الواحد؟!
وسواء اتفق الجميع أو اختلفوا معه وحوله، يظلّ محمد نجم ظاهرة فريدة قلّ نظيرها في المسرح الجماهيري العربي. ففضلاً عن أنه من الفنانين القلائل الذين ارتبط اسمهم بمسرحهم الجماهيري الخاص على مدار عقود طويلة، فقد ظل نجم قابضاً على جمر المسرح مخلصاً له، حتى في أحلك اللحظات التي قلب فيها الزمن «ظهر المجن» لـ «أبو الفنون»، وفي أوج الدعوات التي كانت تصرّ على أن المسرح مات «على الأقل في مصر».
وفيما كان المسرح المصري يعاني تراجعاً حاداً، كانت طوابير الجماهير تكاد تغلق الشوارع المحيطة بمسرح نجم الشهير في ضاحية الدقي، في ظاهرة لافتة ونادرة بالنسبة إلى مسرح خاص، ينفق صاحبه عليه من جيبه ومن دون دعم من أي جهة، باستثناء مردود شباك التذاكر الذي ظل مفتوحاً على الدوام.
لذلك، فلا غرابة في أن يرى نجم أن المسرح وحده هو من صنع شهرته وتاريخه، بعيداً عن السينما والتلفزيون بسحرهما الكبير وجماهيريتهما الطاغية. وقال نجم، في حوار مع «الراي»، إنه لهذا السبب يعطي للمسرح كل وقته. وبرر ابتعاده عن الإعلام بأنه يريد تشويهه واستغلال تاريخه، لذلك فضّل الابتعاد وتقديم أعماله في صمت، معلناً، وفي قوة، رفضه لفكرة الاعتزال، وأنه طالما يمتلك الصحة سيظل يمثل ويقف على خشبة المسرح حتى آخر يوم في عمره.
وتحدث عن رأيه في جيل الشباب من «الكوميديانات»، وأحوال المسرح المصري، وأسباب هدمه لمسرح نجم الذي أنشأه منذ 40 عاماً، وأسباب عدم تقديمه لأعمال سينمائية وتلفزيونية. وهذا نص ما دار معه من حوار:
? في البداية، لماذا أنت بعيد عن الإعلام ولا نراك في أحاديث تلفزيونية أو صحافية؟
- لست بعيداً عن الإعلام، ومن وقت إلى آخر أظهر في البرامج، لكن الموضوع أن هناك قنوات تريد أن تستفيد مني وتستغلني من دون تقدير لي ولتاريخي. والحال نفسها للصحافيين الذين يريدون أن يشوّهوا حياتي الشخصية، ويجعلونها مادة للتشهير، لذلك لا أفضّل إجراء أحاديث صحافية كثيرة.
? وهل فعلاً قمت بهدم مسرحك لبناء عمارة سكنية مكانه بعد تقلص جمهور المسرح؟
- هذه إحدى محاولات التشويه الإعلامي التي أتحدث عنها، فكل ما حدث أنني وجدت أن جمهور المسرح أصبح قليلاً جداً، فقررت هدم المسرح وبنائه من جديد، ولكن بمساحة أصغر، حيث إن الصالة سيكون فيها 200 كرسي فقط، وسأخفض أسعار التذاكر بشكل كبير، حتى تستطيع العائلة المتوسطة مشاهدة مسرحياتي وهذا سيسعدني. أما المتبقي من مساحة الأرض، فسوف أقوم ببناء مجمع دور سينما عليه.
? بدايتك هل كانت تلفزيونية أم مسرحية؟
- بدايتي كانت من المسرح وحققت من خلاله نجاحاً وشعبيةً كبيرة، والأعمال التي قدمتها في السينما أو في التلفزيون قليلة جداً ولا تُعدّ عاملاً أساسياً في مشواري.
? وكيف كانت بدايتك مع المسرح؟
- ستتعجبين عندما تعلمين أن أول أعمالي في المسرح كانت بطولة، فقد قدمني الصحافي الكبير عبدالفتاح البارودي للفنانة نجوى سالم التي اقتعنت تماماً بموهبتي، فأخذت معها دور البطولة في مسرحية «موزة و3 سكاكين»، وكانت في ذلك الوقت من كبار الفنانات في مصر، فبدأت بأول عمل معها كبطل واستكملت نجاحي أيضاً كبطل.
? لماذا لا نراك في أعمال سينمائية في الوقت الحالي؟
- السينما في الوقت الحالي أصبحت محتكرة من «السبكية»، والحقيقة هم عرضوا عليَّ أفلاماً كثيرة ولكنني رفضت، لأنني لا أقدم أفلام مقاولات يكون محتواها راقصة وبلطجي ومطرب. وحدثني السبكي في إحدى المرات وأصرّ على أن أقابله في مكتبه، وعندما ذهبت له وجدت أحمد آدم جالساً معه، وطلب مني أن أقدم فيلماً معه فرفضت الأمر بشدة، لأن أحمد آدم يقلدني تماماً ويعرف ذلك جيداً. وقلت له إنك لن تستمر، لأنك ليس لك شخصيتك المستقلة، وهو ما يحدث الآن.
? وهل ترى أن هناك أزمة إنتاجية في صناعة الفن في مصر؟
- لا توجد أزمة إنتاجية نهائياً، إنما توجد أزمة في المنتج الذي لا يفهم في الإنتاج. فكل منتج يجد فناناً يكسب من خلاله، نجده يقدمه في أكثر من عمل سينمائي، إلى أن يقع هذا الفنان ولا يحقق أي إيرادات، بعدها يبحث عن بديل له.
? هل رفضك تقديم أعمال تلفزيونية... لأنك تنتظر تقديم عمل من بطولتك؟
- الأمر ليس كذلك، فعندما كنت أقدم أعمالاً مسرحية في وقت نجاحي الشديد، عرض عليَّ العديد من البطولات السينمائية والتلفزيونية، فقد طلبني نور الدمرداش في عمل تلفزيوني ورفضت ولكن لم أندم لأن كل شيء نصيب.
? هل ترى مستوى المسرح الذي تقدمه الآن مثل سابق عهده؟
- المسرح هو الأفضل والأقوى، ولو لم يكن هكذا فكيف صنع نجوميتي؟! فقد قدمت ما يقرب من 28 عملاً مسرحياً جماهيرياً، جميعها حقق نجاحات كبيرة وإشادات عديدة عند عرضها. أما الآن، فحال المسرح ليست جيدة، وما يقدمه أشرف عبدالباقي وفرقته ليس مسرحاً على الإطلاق. والنجاح الذي حققه هو «نجاح بإلحاح»، بالرغم من أنه فنان متميّز.
? ما أبرز ذكرياتك مع المسرح؟
- عندما كان يعرض عليّ عمل مسرحي كنت أذاكره جيداً، ولكن الحركات والألفاظ الكوميدية من اجتهادي الشخصي وليست من المؤلف، وبالتالي صنعت لنفسي شخصية كوميدية مميزة.
? ومن صاحب مقولتك الشهيرة «شفيق يا راجل» في مسرحية «عش المجانين»؟
- هناك أعمال مسرحية كثيرة قدمتها أفضل بكثير من هذا العمل، ولكن هذه الجملة علقت مع الجمهور، لأنها لازمة مميزة ومضحكة وكانت من اجتهادي الشخصي، والحقيقة أنني لم أتوقع النجاح الكبير الذي حققته هذه الجملة، وهي لا يمكن أن تضحك الناس إلا اذا قلتها بنفسي. وطُلِب مني أن أقولها في عروض أخرى كثيرة، وحتى في الشارع أصبح الناس ينادونني بـ «شفيق يا راجل».
أعتقد أنها حققت نجاحاً أكبر من مسرحية عادل إمام «شاهد ما شافش حاجة»، لأنها متواجدة بين الناس حتى الآن.
? متى اتخذت قراراً بتكوين فرقة خاصة بك؟
- هذه الخطوة اتخذتها بعد تفكير عميق، وكان سبب ذلك حتى لا أكون فريسة للمنتجين وأصحاب الأهواء. وأنشأت الفرقة والمسرح وحققت من خلالهما نجاحات كبيرة حتى الآن، وحاربني الكثيرون بعد تأسيسي المسرح والفرقة، ولكن كانت حرباً بلا مردود.
? من أفضل فناني المسرح الذين تحب مشاهدتهم؟
- أستمتع بمشاهدة الأعمال المسرحية للفنانين وحيد سيف وسيد زيان وسمير غانم قديماً، والفنان عادل إمام، إذ إنه قدم أعمالاً مسرحية حققت أعلى إيرادات في المسرح.
? ما رأيك في فناني جيلك الذين ما زالوا يقدمون أعمالاً حتى الآن؟
- عادل إمام فنان كبير ومحترم وأحبه على المستوى الشخصي، وشاهدت جميع أعماله التلفزيونية وكلها أعمال مميزة ونالت نجاحاً كبيراً، فهو فنان ذكي جداً لأنه اختار التلفزيون الذي يعتبر الورقة الرابحة الآن. أما المسرح، فيحتاج إلى نشاط وانفعالات، والسينما أصبحت لفئة معينة من المنتجين والفنانين الذين لهم جمهور خاص، ومن الفنانين الذين يعجبني أداؤهم أيضاً الفنان حسن حسني، وأرى أنه صحيح لا يقدم عملاً من بطولته، لكنه يتفوّق على أي فنان كوميدي يظهر معه.
? وما رأيك في الجيل الجديد من الفنانين؟
- الحقيقة لفت نظري أجور الفنانين الخيالية، فمثلاً محمد رمضان ما الذي قدمه أو ما هي قدراته كفنان، ليحصل على أجر 20 مليون جنيه، خصوصاً أن غالبية جمهوره من البلطجية وسائقي «التوك توك»، بالإضافة إلى أنه لا يملك شخصية فنية مميزة. أما الفنان عمرو سعد، فأرى أنه يقلد الفنان أحمد زكي. ولكن على الجانب الآخر، يعجبني الفنان محمد سعد وأعتبره من أشطر فناني جيله، لأنه صنع لنفسه شخصية سينمائية مميزة، وأبدع في شخصية «اللمبي» التي لم يأخذها من أحد.
وأتعجب من توجيه اللوم له واتهامه بأنه يكرر نفسه، فمثلاً إسماعيل ياسين ظل يقدم نفس الأعمال بنفس الشكل ولم ينتقده أحد، وهو من أقوى فناني الكوميديا. وأيضاً يعجبني الفنان أحمد مكي، فأرى أنه موهوب ومتنوّع وله شخصية مميزة. أما الفنان أحمد حلمي، فهو متفوّق، ولكنه لم يقدم حتى الآن العمل الذي يظهر موهبته الحقيقية.
? ومن أقرب أصدقائك في الوسط الفني؟
- ليس لي أصدقاء في الوسط الفني، لأنني لا أحب السهر وخلافه، لكن جميع الفنانين الذين تعاونت معهم يجمعني بهم احترام وحب متبادل.
? وما رأيك في ظاهرة أبناء الفنانين؟
- ظاهرة ليست سيئة، فمنهم من هو موهوب ويستحق أن يستمر ويقدم أعمالاً فنية، ومنهم من لا يستحق أن يمثل نهائياً، حتى إن كان موهوباً لا ينجح.
? وهل ساعدت ابنك في دخول الوسط الفني؟
- شريف نجم فنان متميّز وله شخصية فنية ونال إعجاب الكثيرين، وقدمت معه أعمالاً مسرحية حققت نجاحات كبيرة، وهو يعتمد على نفسه ولم أساعده نهائياً، لكن تربيته ونشأته وسط المسرح صنعت منه فناناً محترماً وشريفاً.
? ألا ترى أن نجاحك وشهرتك أثرا على نجاح ابنك شريف؟
- هذا ليس صحيحاً، فشريف صنع لنفسه شخصية مستقلة وله أعمال ناجحة، وهو أول من جمع أبناء الفنانين في عمل مسرحي من بطولتهم، وهو أيضاً مؤلف مسرحي رائع.
? ألا تفكر في الاعتزال؟
- لماذا أعتزل وأنا ما زلت قادراً على تقديم أعمال مسرحية وتلفزيونية وسينمائية، ولكن أين المنتج والعمل المناسب. فأنا يعرض عليَّ الكثير من الأعمال وأرفضها لعدم مناسبتها لطبيعتي كفنان، لأني لا أستطيع أن أفرّط في تاريخي وسمعتي بعد هذا العمر في أفلام مقاولات أو مسلسلات هابطة.
? وما هوايتك المفضلة؟
- أحب كرة القدم وأعشق النادي الأهلي وأتابع جميع مبارياته، وحزنت على خسارته الأخيرة من أحد الفرق الأفريقية، ولكن سعدت بفوزه بكأس السوبر المصري. وأحب الاستماع إلى الموسيقى والأغاني القديمة، أما طبقي المفضل فهو محشي الكرنب.
? هل تغضب من الفنانين الذين يقلدونك؟
- «كنت زمان» أشعر بالضيق، لكن في الوقت الحالي هذا لا يغضبني نهائياً، لأنني صنعت مدرسة كوميدية يسير على نهجها الكثيرون. وقد أخبرني أحد أصدقائي أن هناك شاباً أميركياً يقلدني،
وأنه جمع ملايين طائلة من تقليدي، وهذا دفعني إلى التفكير في الذهاب إلى أميركا وتقديم أحد عروضي هناك خلال الفترة المقبلة.