اجتهادات

خارج ( شبرات ) الضلال

1 يناير 1970 11:06 م
انتهى التقرير المعد من لجنة دراسة المساجد غير المرخصة والمشكلة بتكليف من مجلس الوزراء إلى حصر عدد 11 مسجدا مخالفا، ينشر القائمون عليها أفكارا ضالة ومنحرفة ومتطرفة من خلال عقد دروس وإلقاء خطب تدعو للغلو وتساهم في الانحراف عن المقاصد الحقيقية للشريعة الإسلامية. كما شمل التقرير دراسة ميدانية عن الواقع الحالي لهذه المساجد وتوصيات عديدة في هذا المجال.

جهد جميل يشكر عليه القائمون على إعداد هذه الدراسة مع ضرورة تطبيق التوصيات الواردة فيها لتحقيق الأهداف المنشودة. فكم مرة حذرنا وحذر الآخرون، من استغلال فئة الشباب وبث سموم الفكر المتطرف والوهم الضال وتوزيع صكوك الغفران ومفاتيح الجنة والحور العين وكيفما يشاء هؤلاء المنحرفون دون حسيب أو رقيب. ولكن وجب علينا هنا، أن نذكر وسنتذكر أمورا أخرى مهمة.

فالفكر الضال والمنحرف، لا يقتصر على مساجد (الشبرات) غير المرخصة، فكم مرة سمعنا ورأينا ونقل لنا خطب وأحاديث تسيء للنسيج الاجتماعي وتثير الفتن وتفكك الوحدة الوطنية من داخل منابر المساجد والحسينيات المرخصة في الماضي القريب، من دون أن يتحرك المعنيون ساكنا لوأد هذه الفتن؟ واستمر الخطباء نتيجة لذلك بنفس النهج، فمن أمن العقوبة أساء الأدب.

والفكر الضال المنحرف، ليس كما يحاول تصويره الآخرون، على أنه مقتصر على الجانب الديني فحسب، فهناك أفكار ضالة ومنحرفة اجتماعية وثقافية وسلوكية أكثر فتكا وخطورة على المجتمع من الفكر الديني المنحرف. نستذكر في كل مرة التمييز القبلي والعائلي الذي ما زال متأصلا لدى البعض، نتداول السلوكيات المنحرفة في تعامل الأفراد مع بعضهم وعدد المشاجرات التي تفضي إلى الإصابات وحتى القتل، ولا ننكر حجم التطرف في التعامل مع مواضيع أساسية كالتوظيف والتصويت في الانتخابات وغيرها من الأمثلة التي لا تعد ولاتحصى.

والفكر الضال المنحرف، أن يهاجم البعض الكويت داخليا وخارجيا ويسيء إلى مكانتها الدولية ويحاول إثارة البلبلة والطعن بسمعة البلد من دون أن تتخذ السلطات المعنية الإجراءات المناسبة ضده ويستقبل استقبال الفاتحين عند عودته للكويت! فيما واجه من سعى إلى الإصلاح السياسي إجراءات الدولة وحقها في التقاضي، وبات يقضي أغلب أوقاته في أروقة المحاكم، حتى انتهى الحال بالبعض إلى زنازين السجن. لا أقف مدافعا عن أحد، ولكن ميزان التعامل مع المواضيع ضائع لدينا مع الأسف! ونتساءل هنا، أليست هذه الأفكار المنحرفة الضالة مؤثرة على المجتمع وأمن البلد؟

والفكر الضال المنحرف، أن يقوم البعض بالتهجم على دول مجلس التعاون الشقيقة مرارا وتكرارا، وسط استهجان هذه الدول، من دون أن تكون لنا وقفة حقيقية وجادة لردع هذه التصرفات الشاذة التي قد تؤثر على علاقات الكويت المتينة مع الدول المعنية. بينما نجد في المقابل، أن العديد ممن تحدث عن دول لها علاقات أقل أهمية مع الكويت، رفعت عليه قضايا مختلفة مازال القضاء مستمرا بالنظر في بعضها! فهل هذا الفكر الضال المنحرف لدى البعض ليس خطرا كذلك على الكويت؟

ولا يسع المجال لذكر المزيد من الأفكار الضالة والمنحرفة، فالقائمة طويلة ولا يمكن حصرها في مقال واحد.

ختاما، لا أنكر أن أفكار التطرف والانحراف الديني المنتشرة حاليا هي أشد خطورة وتأثيرا على أمن واستقرار مجتمعنا، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد هناك أفكار ضالة ومنحرفة خارج منظومة المساجد والحسينيات، تحتاج إلى معالجة جذرية حتى لا تستفحل وتسيء للكويت وتضر بالمجتمع!

[email protected]