الإفراج عن رواتب العسكريين «على مسؤولية» رئيس الحكومة
لبنان يفكّك «قنابله الموقوتة»... واحدة واحدة
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
10:45 م
شكّل صرْف رواتب العسكريين في لبنان أمس «على مسؤولية» رئيس الحكومة تمام سلام سحْباً لـ «فتيل» أزمةٍ كانت تنذر بتفاعلات قوية داخل المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وصولاً الى تَداخُلها مع الجلسة المرتقبة في الساعات الـ 24 المقبلة لمجلس الوزراء بغية إقرار خطة النفايات، وفق التعديلات التي أُدخلت عليها، وبناءً على التوزيع النهائي للمطامر الذي يُفترض ان يُحسم قبل ظهر اليوم بعد إعطاء الجواب النهائي من النائب الدرزي طلال ارسلان على اقتراح استحداث مطمر في محلة الكوستابرافا - خلدة (المدخل الجنوبي لبيروت) كبديل عن فشل الثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «امل» في توفير مطمر في البقاع او الجنوب.
ومنذ ساعات الصباح، بدت الاندفاعة كبيرة على خط بت قضية الرواتب بعد ليل من محاولات البحث عن صيغة قانونية تتيح صرف المعاشات المؤمّنة ولكن التي تحتاج الى غطاء قانوني لدفْعها من الحكومة، فكان الخيار بإمرار القرار من وزير المال علي حسن خليل على شكلٍ يشبه صدور مرسوم، وذلك بعد تلقيه رسالة من سلام في هذا الخصوص، طلب فيها تسهيل إيصال الرواتب الى العسكريين وغيرهم من الموظفين في القطاع العام، وهو ما حصل «على مسؤولية» رئيس الوزراء على أن يوقّع المرسوم في اول جلسة للحكومة وفق التسوية.
ومع إعلان خليل من مقرّ وزارة الدفاع ان «المَخرج الذي تمّ الاتفاق عليه استثنائي ولكنه قانوني»، وتشديده على انه «يجب ألا نتوقف عن تحمل مسؤولياتنا في مجلس الوزراء»، ظهر جلياً ان مختلف القوى اللبنانية تهيّبت التمادي في السماح بجعل الجيش وسائر الأجهزة الأمنية تدفع ثمن التجاذبات السياسية التي جعلت اجتماع الحكومة رهينة إنجاز توافق بين مكوناتها على خطة النفايات، واشتراط زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون حصْر اي جلسة للحكومة بملف القمامة.
ورغم تَجاوُز «قطوع» انقطاع الرواتب لشهر نوفمبر، فان وزير المال كان واضحاً في إشارته الى ان ثمة حاجة لقرار من مجلس الوزراء بنقل الأموال المتوافرة من الاحتياط الى بند الرواتب لتغطية صرف المعاشات للأشهر المقبلة كي لا تتكرّر المشكلة، وهو الأمر الذي جعل الأنظار تتّجه الى ما اذا كان فريق عون سيسهّل صدور مرسوم في هذا السياق في الجلسة المخصصة للنفايات، باعتبار انه خارجها يرفض وبغطاء من «حزب الله» عقد اي جلسة لمجلس الوزراء لبحث اي بند قبل تعيين قائد جديد للجيش.
ولم يحجب طيّ صفحة الرواتب للعسكريين لهذا الشهر، والتي جاءت بعد «غضبة» كبيرة من قائد الجيش العماد جان قهوجي، الأنظار عن المساعي التي استمرّت لتجاوُز العقبة الجديدة التي طرأت على ملف النفايات بعد الإدراج المفاجئ لمنطقة الشويفات - محلة «الكوستابرافا» على خريطة المطامر الموقتة من ضمن خطّة وزير الزراعة أكرم شهيب، وذلك بناء على اقتراح من «حزب الله» و«امل» اللذين عجزا عن تأمين مطمر يكون من «الحصة الشيعية» في الجنوب او البقاع ويوفّر التوازن مع مكب سرار (عكار - الشمال) الذي اعتُبر من «الحصة السنية» الى جانب مطمر الناعمة (من الحصة الدرزية) الذي سيعاد فتحه لسبعة ايام فقط ومعمل صيدا.
ومن المقرّر ان يطرح مطمر «الكوستا برافا» الكائن عند الساحل الشرقي للمتوسط وعلى مدخل العاصمة والقريب من مطار رفيق الحريري الدولي، على طاولة الحوار الوطني التي تلتئم اليوم بجولة جديدة في مقر البرلمان بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث يُنتظر ان يقدّم النائب ارسلان الجواب النهائي حول إقامة المطمر، وذلك بعدما كان تلقى زيارات واتصالات من الثنائي الشيعي في محاولة لدفعه الى الموافقة، فطلب ضمانات وطرح استفسارات بحيث لا تأتي نتيجة الموافقة على حساب أهالي المنطقة، أو تكراراً لتجربة مطمر الناعمة.
ووسط تقديرات بأن ارسلان سيعطي موافقته على مطمر الكوستابرافا - الذي يعتبر وزير الزراعة انه سيكون صحياً وبلا ضرر بيئي - يُفترض أن يدعو سلام الحكومة الى اجتماع يخصّص للنفايات لإقرار التعديلات المطروحة والجوانب المالية من الخطة على ان تنعقد الجلسة إما بعد ظهر اليوم او غداً، علماً ان علامات استفهام بدأت تُطرح حول مدى ملاءمة إنشاء مطمر بمحاذاة المطار، واذا كان مثل هذا الأمر يجذب الطيور ويشكل خطراً على الملاحة الجوية.
والى جانب جلسة الحوار، تنعقد اليوم هيئة مكتب مجلس النواب لاستكمال البحث في جدول أعمال الجلسة التشريعية التي يصرّ الرئيس بري على عقدها، والتي يشترط الافرقاء المسيحيون الرئيسيون ان تنحصر بما اصطُلح على تسميته «تشريع الضرورة»، وعلى ان يُدرج فيها بندا قانون الانتخاب واستعادة الجنسية.
واذا كان حزب «القوات اللبنانية» حاسماً في انه لن يشارك في جلسة للبرلمان لا تتضمن قانون الانتخاب كبند أول، فان المناخ الذي ساد عن امكان سير «التيار الوطني الحر» بجلسة يحضر فيها فقط قانون استعادة الجنسية، وذلك في ردّ تحية للرئيس بري على تغطيته تعطيل عون للحكومة، بدا مهدَّداً مع اشارتيْن بالغتي الدلالات برزتا في الساعات الماضية: الاولى ما نُقل عن مصادر بري غداة عودة العماد عون الى عنوان «البرلمان الممدد لنفسه غير شرعي» من ان إصرار القوات والتيار على وضع قانون الانتخابات على جدول أعمال جلسة تشريع الضرورة هو في إطار المزايدات المسيحية، مشيرة إلى أن «رئيس مجلس النواب قدّم تنازلاً في بند استعادة الجنسية، لكن فليسمحوا لنا، لأن ظروف البلد لا تسمح اليوم بطرح قانون الانتخابات (...)». والثانية اعلان وزير الصحة وائل ابو فاعور (من فريق النائب وليد جنبلاط) «أنّ قانون استعادة الجنسيّة لن يمرّ، وأنّ اللحظة ليست لإقرار قانون انتخاب».