باسيل: اجتماع فيينا بداية صحيحة لمسار طويل فيه الكثير من المطبّات
لبنان «يتلاءم» مع موجبات المسار الجديد للأزمة السورية
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
11:10 م
يترقّب لبنان في الأسبوع الطالع مجموعة استحقاقات من شأنها رسْم مسار واقعه السياسي في ملاقاة محاولات ترتيب الملف السوري الذي وُضع على سكةٍ وصفها وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل العائد من اجتماع فيينا بأنها «بداية صحيحة لمسار طويل فيه الكثير من العقد والمطبّات».
فيوم غد، يفترض ان يلتئم مجلس الوزراء لإقرار خطة النفايات التي وضعها وزير الزراعة أكرم شهيّب والتعديلات عليها، بعدما رست الخطوط العريضة لحلّ هذه الأزمة على توزيع المطامر طائفياً بين منطقة سرار (عكار - الشمال) ذات الغالبية السنية وإحدى مناطق الجنوب الخاضعة لنفوذ الثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة «أمل» (على الأرجح الكفور)، على ان يتقاسما نفايات المناطق المسيحية في المتن وكسروان، فيما تكون حصّة المكوّن الدرزي معاودة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة ايام يستقبل خلالها نحو مئة ألف طن من النفايات التي تراكمت في الطرق على مدى مئة يوم من الأزمة قبل قفله نهائياً.
وتحضيراً لجلسة مجلس الوزراء المفترضة غداً، تحوّلت السرايا الحكومية يوم امس «خلية أزمة» لمتابعة آخر تفاصيل خطة النفايات وآلياتها الإجرائية والمالية، وسط «حبْس أنفاس» ساد خشية حصول مفاجآت في اللحظة الأخيرة تعيد هذا الملف - الكارثة الى نقطة الصفر، ولا سيما مع تسريب معلومات عن اقتراح لـ «حزب الله» و«أمل» باستحداث مطمر في ساحل خلدة قرب البحر وتحديداً في منطقة الكوستابرافا على تخوم المدخل الجنوبي لبيروت وهي النقطة التي تقع على تماس مع مطار رفيق الحريري الدولي. وقد قوبلت هذه المعلومات باعتراض بالصوت العالي من فاعليات الشويفات والنائب طلال ارسلان الذي اعتبر إقامة مثل هذا المطمر خطاً أحمر معلناً انه سينزل شخصياً الى الشارع للتظاهر ضد هذا الأمر بحال تَأكد ان الحكومة ستسير به.
وبلغت أصداء اعتراض إرسلان السرايا الحكومية، حيث نُقل عن مصادر وزارية استغرابها الضجّة المثارة حول «مطمر الكوستابرافا» متسائلة: «مَن قال ان هناك حديثاً عن إقامة مطمر في خلدة؟»، في حين سُجلت زيارة لوفد من «حزب الله» و«أمل» للنائب ارسلان، وهو ما أوحى بأن فكرة ضمّ خلدة الى خريطة المناطق التي ستحتضن مطامر غير قابلة للحياة.
وفي حين تنفّذ مجموعات الحِراك المدني اليوم تحركاً اعتراضياً في الشارع ضدّ خطة النفايات لاعتمادها خيار المطامر، فإن من المرجّح ان يقابل الانفراج المرتقب بملف النفايات على طاولة الجلسة المنتظرة لمجلس الوزراء تأزُّم في القضية الداهمة المتمثلة برواتب العسكريين مع إصرار وزير المال علي حسن خليل على عدم دفع أي أموال بصيغة غير قانونية من دون مرسوم من مجلس الوزراء لنقل الاموال اللازمة من الاحتياط إلى بند الرواتب.
ووسط معلومات عن ان القسم الأكبر من الوزراء يفضّل طرح ملف الرواتب على جلسة الحكومة المخصصة لقضية النفايات لقطع الطريق على تفاعلات عدم صرف الرواتب للسلك العسكري داخل الجيش وقوى الأمن الداخلي، فان مخاوف سادت من ان يكون هذا العنوان دخل بقوة على خط التجاذب السياسي مع رفْض فريق العماد ميشال عون إدراج اي بند الى جانب خطة النفايات، وتمسُّكه بمنْع عقد اي جلسة أخرى للحكومة قبل تعيين قائد جديد للجيش.
وفيما لفتت امس، حركة قائد الجيش العماد جان قهوجي في اتجاه رئيسيْ الحكومة تمام سلام والبرلمان نبيه بري في محاولة لاستكشاف المخارج لقضية الرواتب، بدا واضحاً ان ملامح اشتباك جديد يلوح في الأفق بين عون وبري في ضوء إصرار وزير المال على الحصول على غطاء قانوني من الحكومة للصرف مقابل اعتبار فريق عون ان «لا حاجة للعودة للحكومة لصرف الرواتب»، مستشهداً بما كان يحصل خلال حكومة الرئيس فؤاد السنيورة اذ «كانت الرواتب تُصرف من دون قرار من مجلس الوزراء، وكذلك الأمر استمر دفع الرواتب على مدى أكثر من 11 شهراً إبان حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي من دون الحاجة إلى مثل هذا القرار» كما نُقل عن وزير التربية الياس بو صعب.
وتخشى دوائر سياسية ان يؤثر اي توتر جديد في العلاقة بين بري وعون على محاولات رئيس البرلمان عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب سيُستكمل مناقشة جدول أعمالها في اجتماع هيئة مكتب البرلمان بعد غد، علماً ان مناخاً كان ساد ويشير الى ان عون يتجه الى توفير «الميثاقية» لجلسة التشريع تحت عنوان «الضرورة» وإن من دون إدراج قانون الانتخاب على الجدول والاكتفاء بطرح قانون استعادة الجنسية، وذلك في معرض «مقايضة» ضمنية مع بري الذي وفّر الغطاء لقرار عون بتعطيل الحكومة.
ورغم كل هذا الأخذ والردّ، فان ثمة انطباعاً سائداً بأن الواقع اللبناني يتجه نحو الانضباط تحت سقف موجبات مرحلة البحث عن حل سياسي للأزمة السورية، بمعنى تطويل عمر الانتظار «على البارد» الى ان حين جلاء الصورة اقليمياً واقتراب ساعة التسوية الفعلية.
وعاينت بيروت امس، خلاصات اجتماع فيينا حول سورية، ولا سيما من زاوية مشاركة الوزير جبران باسيل الذي أخذت عليه اوساط سياسية من «14 آذار» انه تعمّد تقديم مقاربة للملف الرئاسي في لبنان تنطبق على عمّه العماد عون، وذلك من خلال ربْطه الحل في سورية «بوجود قيادة لبنانية قوية تتمتع بشرعية شعبية تلتزم بمحاربة الارهاب» وقوله ان «لبنان القوي هو أحد أهم الضمانات لاستدامة الحل الثابت في سورية».