جلسة الحوار الوطني اليوم تدهمها النفايات
هل قرّر «حزب الله» إحراج سلام لـ «إخراجه»؟
|?بيروت - «الراي»?|
1 يناير 1970
10:44 م
يبدو المشهد الداخلي اللبناني أمام أسبوع مثقل بمحطات سياسية جديدة، من شأنها ان ترسم على الأرجح توجّهات إضافية في التأزيم، بدل إحلال بعض التهدئة على ما يعمل على ذلك بعض الجهات الداخلية.
ذلك أن الأصداء التي تركتها المواقف التي أعلنها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في المحطتين المتعاقبتين له، اللتين أطلّ فيهما شخصياً على جمهوره في الضاحية الجنوبية في ذكرى عاشوراء، اتسمت بكثير من السلبية لدى خصوم الحزب والأوساط المراقبة المستقلة، الأمر الذي يُنتظر ان يترك أجواء متوترة للغاية على كل المحطات المنتظرة حكومياً ونيابياً وحوارياً هذا الاسبوع.
وحملت مصادر بارزة في قوى «14 آذار» بشدّة على نصرالله غداة إطلالتيْه، فقالت لـ «الراي» انه «سعى الى شدّ عَصَب أنصاره والتغطية على الاستنزاف الذي يصيب حزبه جرّاء تورّطه في سورية، من خلال عودته الى استنفارٍ ذي طابع مذهبي صارخ، تَمثّل في استعادة شعارات مناهضة لأميركا والسعودية وصولاً الى تحقير أطراف لبنانيين».
وتابعت هذه المصادر أن «نصرالله لم ينجح إطلاقاً في إخفاء الإرباك الكبير الذي أصابه وأصاب أصحاب الوصاية على قراره، اي ايران، جرّاء تقدّم الدور الروسي على الدور الايراني، فعمد الى محاولة إخفاء هذا الارتباك بتصعيد داخلي شكلي اولاً، من خلال العراضات المسلّحة التي قدّمها حزبه خلال إحياء ذكرى عاشوراء، وسياسي من خلال هجماته على اميركا والسعودية، ومن ثم على خصومه اللبنانيين ليعود بعد كل هذا الى القول إنه لا بديل من الحوار الداخلي».
وأشارت المصادر نفسها الى ان «كل هذا التصعيد لن يعفي (حزب الله) من التحسّب لإمكان تحميله هذا الاسبوع تبعة دفْع رئيس الحكومة تمام سلام الى احتمال الاستقالة او بالحد الأدنى الى التشهير بمعطّلي عمل الحكومة لا سيما في تنفيذ خطة معالجة ازمة النفايات».
فالرئيس سلام، على ما بات معروفاً، حدّد نهاية الأسبوع الجاري مهلة لتسهيل تنفيذ خطة وزير الزراعة أكرم شهيب لمعالجة النفايات، وكان ولا يزال ينتظر من «حزب الله» تحديد موقع قابل لاعتماده مطمراً صحّياً في البقاع الشمالي، اي منطقة نفوذ الحزب.
وبدا واضحا كما تقول المصادر البارزة في«14 آذار» أن «الحزب يعتمد سياسة ابتزاز في هذا السياق، ما أثار الشكوك في انه لا ينوي تسهيل حل أزمة النفايات بل يريد تركها وسيلة ضاغطة في السياق العام». وتضيف المصادر ان «المعطيات التي برزت لدى الرئيس سلام في عطلة نهاية الاسبوع، تشير الى ان الرجل ليس في وارد القبول بعد انقضاء المهلة التي حدّدها بأن يبقى الوضع على حاله في اي شكل، واذا كان تردد، انه سيُقْدم على اعلان استقالة الحكومة بعد الخميس المقبل، فإن هذا الامر لا يبدو حتمياً، لأن سلام لم يوجّه بعد دعوة الى مجلس الوزراء للانعقاد الخميس، وإن كان ثمة احتمال كبير لذلك».
ولكن ما يمكن الجزم به، بحسب المصادر عيْنها، هو ان «سلام يبدو مقبلاً على إطلاق موقف لن يكون ممكناً للقوى السياسية، لا سيما منها التي تعطّل عمل الحكومة، ان تدير ظهر التجاهل اليه، وسيكون عليها ان تعالج الأمر قبل حصوله، وعدم المجازفة بأن سلام يهدد ولا ينفذ، لأنه ربما يقوم فجأة بما لم يحسب كثيرون له حساباً، لا سيما بعد المشهد المأسوي الذي ارتسم في عدد كبير من شوارع بيروت وجبل لبنان، التي شهدت طوفان نفايات سبحت في الطرق بسبب أول مطرة فعلية حملت معها كميات كبيرة من الأمطار، الأمر الذي تسبب بكارثة، حيث غرقت طرق رئيسة جرّاء انسداد مجاري تصريف المياه وعلقت سيارات في مستنقعات جنباً الى جنب مع النفايات، وسط مخاوف كبيرة من التداعيات الصحية لهذه الأزمة المتمادية والتي فجّرت في الساعات الأخيرة غضبة شعبية عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما في الشق الآخر من المشهد السياسي، فإن جولة جديدة من الحوار النيابي الذي تعقده هيئة الحوار الوطني ستعقد اليوم في مجلس النواب. وتعوّل بعض الاوساط النيابية على إمكان ان تُطرح في هذه الجولة مواضيع تخرج عن اولويات جدول الاعمال، وتحديداً الموضوع الحكومي وتنفيذ خطة النفايات.
وتوقّعت الاوساط عبر«الراي»ان«تشكّل الجولة فرصة لدفع الامور في اتجاه فرْملة الاتجاه الى استقالة حكومية محتملة او تصعيد سياسي أوسع، حتى لو لم تصل الأمور الى مستوى الاستقالة»، لافتة الى ان«البوصلة الواقعية حيال استمرار الحكومة والحوار - ولو من دون تَقدُّم او امكان حصول مفاجأة سياسية تقلب الأوضاع رأساً على عقب - ستتضح تماماً من خلال الحوار الثنائي الآخر بين تيار المستقبل و(حزب الله) الذي يفترض انعقاد جولته الـ 21 غداً، في عين التينة».
ومن المفترض ان يبلغ تيار«المستقبل»اليوم، الرئيس نبيه بري، ما اذا كان وزير الداخلية نهاد المشنوق سيحضر جولة الغد، ام ان احداً سواه سيحلّ مكانه، بعد الموقف المعروف للمشنوق، من تلميحه الى عدم جدوى الاستمرار في هذا الحوار، وانتقاداته لـ«حزب الله» لعدم التزامه تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع الشمالي.