الحسينيات أحيت العاشر من محرم وسط إجراءات أمنية طمأنت الحشود وسهلت المراسم
إشادة أميرية بجهود تأمين عاشوراء
| كتب علي العلاس |
1 يناير 1970
08:02 م
• وزير الداخلية: أصحاب الحسينيات وروادها سجّلوا موقفاً وطنياً بتعاونهم والتزامهم بالتعليمات والإرشادات الأمنية
• الجميع أدرك أهمية الإجراءات في تفويت الفرصة ضد كل من تسوّل له نفسه بالمساس بمرتادي الحسينيات
أحيت المساجد والحسينيات في الكويت صباح أمس ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) في يوم العاشر من محرم، حيث امتلأت الحسينيات وباحاتها الخارجية بالحشود الغفيرة، التي استمعت لتفاصيل واقعة الطف.
ووسط إجراءات احترازية مشددة وانتشار أمني مكثف، وعلى وقع نداءات وهتافات «لبيك يا حسين»، استقبلت الحسينيات حشود المعزين المتشحين بالسواد حزناً على ابن بنت رسول الله (ص)، حيث استمعوا إلى أحاديث الخطباء عن ذكرى عاشوراء وما تحمله من فلسفة ومعان.
ونقل نائب رئيس مجلس الوزراء وزيـر الداخليــة الشيـخ محمد الخالد تحيات صاحب السمو امير البلاد القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ صباح الأحمد لفريق العمل الميداني وثنائه السامي للقادة الميدانيين وللضباط ولضباط الصف والأفراد والمتطوعين والمتطوعات تحياته الشخصية.
وأعرب الخالد عن شكره وتقديره للجهود الامنية وعطائهم المتميز في تأمين المساجد والحسينيات والمصلين لأداء الشعائر بأمن وسلامة معاهدين سمو أمير البلاد «ان نظل على العهد أوفياء مخلصين لله ثم للوطن والأمير».
وأكد أن «رجال الأمن دائما وأبدا محل ثقة واعتزاز سموه، وهم العين الساهرة التي تحمي وتصون أمن البلد الغالي ومواطنيه الكرام في ظل الرعاية السامية لصاحب السمو امير البلاد وسمو ولي العهد الأمين الشيخ نواف الأحمد وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك».
واشار إلى ان «عملهم يحظى بتقدير وثناء إخوانهم المواطنين والمقيمين، وأن أهل الكويت يقدرون عطاءهم وتفانيهم بأداء الواجب ومتفهمون لطبيعة الإجراءات الأمنية والمرورية المتبعة وأن سلامة المواطنين والمقيمين أمانة لدى رجال الامن ونحن من نسهر على راحتهم وأمنهم».
وبناء على توجيهات سامية من صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد، واصل الخالد يرافقــه وكيـــل وزارة الداخليــة الفريق سليمان الفهد والوكلاء المساعدون الميدانيون جولاتهم لتفقد العمليات الأمنية الميدانية والتواجد بين إخوانهم وابنائهم رجال الأمن وغيرهم من أجهزة الخدمات وفرق المتطوعين والمتطوعات، حيث أكد الخالد لأصحاب الحسينيات والمصلين والعاملين وعموم أجهزة الأمن الميدانية المنتشرة خارج ومحيط الحسينيات أن «أمن المساجد والحسينيات وروادها من مسؤوليتنا وأنه لن يسمح مطلقــاً لأي شخص أن يمس أمن الوطن والمواطن والمقيم»، مشيداً بـ «الموقف الوطني لأصحاب الحسينيات وروادها وتعاونهم والتزامهم بالتعليمات والإرشادات الأمنية التي أدرك الجميع أهميتها في تفويت الفرصة ضد كل من تسول له نفسه بالمساس في مرتادي الحسينيات».
وحرص الخالد خلال الجولة مساء أول من أمس على تبادل الحوار والاستماع إلى آراء ومقترحات المواطنين والمقيمين من رواد الحسينيات وتوجيه تعليماته مباشرة إلى القيادات الأمنية المتواجدة ميدانيا نحو تطوير الأداء دون أي أخطاء أو تجاوزات «التي لن نقبل بها مطلقاً».
وشدد خطباء المنابر الحسينية على «أهمية موقعة الطف باعتبارها ملهمة لكل الثائرين»، مشيرين إلى ان «واقعة الطف لم تكن حدثا تاريخيا عابرا أو واقعة مأسوية كسائر الوقائع العادية، بقدر ما كانت تضحية للنهوض من أجل ارساء النظام الانساني العادل».
وفي حسينية معرفي قال الخطيب الحسيني سيد داخل حسن ان «ثورة الإمام الحسين كانت من أهم الوقائع الكبرى التي يهتز لها الوجدان الانساني، وقد طبعت بصماتها في سجل التاريخ».
وفي حسينية آل بوحمد قال الخطيب الحسيني صالح الفرحاني، ان «ثورة الإمام الحسين امتدت الى أقاصي أصقاع العالم لما لهذه الثورة من دروس يمكن ان يستفاد منها في كل وقت وزمان».
وبين الخطيب الحسيني فاضل اليعقوبي في حسينية مجلس أبا ذر الغفاري في منطقة الشعب ان «لثورة الامام الحسين (ع) عظمة خاصة بدليل بقائها وخلودها واستمرارها الى اليوم».
وأكد اليعقوبي ان «لأصحاب الحسين (ع) ايضا وفاء لم يملكه اي من البشرية فنادرا ما يضحي أحد بنفسه لأجل أصحابه».
وقال وكيل المرجع الأعلي العراقي علي السيستاني في الكويت ابوالقاسم الديباجي في كلمة بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين ان «الإمام يعد واحدا من ألمع القادة المصلحين بل هو امام المصلحين، الذين حققوا المعجزات على مسرح الحياة، وقادوا المسيرة الانسانية نحو أهدافها وآمالها، ودفعوا بها إلى ايجاد مجتمع متوازن تتحقق فيه الفرص المتكافئة التي ينعم فيها الناس على اختلاف قومياتهم وأديانهم».
وأضاف الديباجي: «كان الامام من أكثر المصلحين جهادا، وبذلا وتضحية، فقد انطلق إلى ساحات الجهاد مع كوكبة من أهل بيته وأصحابه مضحيا بنفسه وبهم، ليقيم في ربوع هذا الشرق حكم القرآن وعدالة السماء الهادفة إلى تفويض الظلم، وتدمير الجور، وإزالة الاستبداد، واقامة حكم عادل يجد فيه الانسان أمنه وكرامته ورخاءه حسب ما تقتضيه عدالة الله في الارض ومن ثم كانت حياة الامام في جميع العصور والاجيال رمزا للعدل، ورمزا لجميع القيم الانسانية».
واشار إلى ان «الوفاء، والإيثار، والشجاعة، وتجاوز الذات قيم مرتبطة بإنسانية الإنسان وقد سطرها آل الحسين وأنصاره في معركة القيم الخالدة، بينما اللؤم، والحسد، والجشع، والطمع، صفات دخيلة على إنسانية الإنسان وقد صرعها آل الحسين وأنصاره في مواجهتهم للعدو في يوم عاشوراء، لذا ينبغي علينا ونحن نعيش أجواء عاشوراء أن نتعرض لقيم عاشوراء فنصلح بها أنفسنا، فنحن اليوم أحوج ما نكون بأن نلتف حول الشعار الحسيني الخالد وهو قوله: (إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)، ونستخدمه لطلب الإصلاح في أمتنا».
وزاد أن «للحسين (ع) رسالة تصلح لكل عصر ومكان وزمان، وفي هذا اليوم للحسين (ع) رسالة لكل مسلمي العالم وخاصة للكويت الحبيبة وهذا البلد الطيب والتي نلمس فيها العدالة والمساواة والحرية وحرية الفكر والتفكّر وإظهار العقيدة والترابط بين الحاكم والمحكوم وبين الأسرة الحاكمة والشعب والنظام الديموقراطي والدستور الكويتي الذي يجسد أحكام الاسلام وهي أن نقدّر النعمة التي أعطانا الله إياها ومنّ علينا بها وألا نتجاوز عن الحدود المعينة التي وردت في قوانين البلد».
عاشوراء.. ثورة المظلوم على الظالم
|بقلم النائب عدنان سيدعبدالصمد|
فمذ كنت طفلا رأيت الحسين منارا إلى ضوئه أنتمي
ومذ كنت طفلا عرفت الحسين رضاعا وللآن لم أُفطمِ
ومذ كنت طفلا وجدت الحسين ملاذا بأسواره أحتمي
سلام عليك فأنت السلام وإن كنت مختضبا بالدم
تتجدد ذكرى عاشوراء لتحمل في طياتها تلك الأحداث الأليمة والفاجعة الكبرى التي هزت الضمائر الحية والإنسانية بأسرها لما حل بالإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، حينما ارتُكبت تلك المذبحة العظيمة بحقهم ومورست فيها كل وسائل التنكيل والتمثيل والترويع لآل النبي الأكرم وأطفالهم صلوات الله وسلامه عليهم على أرض كربلاء، دون أي اعتبار لمقام الرسول ولأهل بيت النبوة.
لقد قدم الإمام الحسين عليه السلام نفسه فداءً للإسلام ولطلب الإصلاح في أمة جده، فأطلقها صرخة مدوية عبر التاريخ لترفض الظلم والاستسلام للطغاة، وتعلّم البشرية جمعاء معاني العزة والكرامة والثورة في وجه الظالمين ( إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ).
وفي هذه الأيام نشهد نفس الممارسات التي قام بها قتلة الإمام الحسين من علامات التدثر بالدين وقتل الأبرياء وحز الرؤوس وسبي النساء وكل ذلك باسم الإسلام الذي هو منهم براء، وامتدت هذه الجرائم لتشجع الصهاينة على تدنيس المسجد الأقصى وارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين العزّل الذين تسلحوا بالإيمان وبالسكاكين ليطعنوا فيها الغزاة المحتلين ويوجهوا صرخة حسينية بأنهم وبقية الأحرار سائرون على هذا الدرب في وجه الظالمين والمتآمرين والخانعين، فينالوا إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة «... وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم».
( والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد).
(أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ: بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ ).
زيارة الحسين عليه السلام
| بقلم د.عبدالهادي الصالح |
في المصادر الإسلامية عامة، وفي مدرسة أهل البيت عليهم السلام خاصة، كم هائل من الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن منزلة حب الحسين عليه السلام، والتحذير الشديد من التورط في قتله أو الرضى به، حتى تتعدد المواقف التي بكاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام مرآى من المسلمين، وأن من أحبه فقد أحب جده النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بوصفه سبط النبي (ص)، وبأنه إمام مفترض الطاعة. ومن مصاديق الحب المنصوص والمؤكد عليها زيارته الشريفة سواء من بعد أو قرب، وفي أوقات ومناسبات كثيرة. وفي ذلك يكمن سر عشق المؤمنين بالحسين (ع)، وتحول هذا العشق لتبني أهدافه التي أكدها (ع) في ساحة كربلاء يوم عاشوراء حتى يومنا هذا، ولذلك جاء في الحديث الشريف (إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا) !
لتتحول هذه الحرارة اليوم إلى إثراء الفكر الإصلاحي في الأمة، وإلى أنشودة في فم الأحرار، وإلى وقود يشعل الحماس في فعال المجاهدين ضد الظالمين.
ولذلك نجد المقطوعات النصية المعتبرة التي ترشد الزائر في كيفية زيارة مرقد الإمام الحسين (ع)، تتضمن معاني تصقل و تتعمق في شخصية هذا الزائر. ومن ذلك الكثير، نقتطف القليل مما يلي:
1. البعد العقائدي: عندما تربط الحسين (ع) بالإيمان بأنه من السائرين في ركب عصمة ومنهجية أنبياء الله ورسله عليهم السلام، لا يحدو عنهم قيد أنملة: (السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك ياوارث نوح نبي الله،...إبراهيم خليل الله،.....إسماعيل ذبيح الله،.... موسى كليم الله،..... عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله... أشهد أنك، ومن قتل معك شهداء، أحياء عند ربكم ترزقون..).
2. الجانب العبادي: وهي تذكير بأن حب الحسين (ع) يعني الالتزام بالتعبد لله تعالى وحده لا شريك له: (أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، أشهد أنك قد حللت حلال الله، وحرمت حرام الله.... وأطعت الله ورسوله، حتى أتاك اليقين....).
3. المسؤولية المجتمعية: من مصداق الحديث الشريف عن النبي (ص): من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم, يقول الزائر:.. أشهد أنك أمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت إلى سبيل ربك، بالحكمة والموعظة الحسنة.
4. التفاعل العاطفي والوجداني مع مأساة كربلاء. فليس زيارة مشهد الحسين كزيارة المتاحف والمقابر: (بأبي وأمي يا بن رسول الله، بأبي وأمي يا أبا عبد الله، لقد عظمت الرزية، وجلت المصيبة بك علينا وعلى جميع المسلمين.. فيا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما).
ومن تمام الزيارة، الصلاة لله تعالى بركعتين (كصلاة الفجر) ثم إهداء ثوابها إلى الإمام الحسين عليه السلام، قائلا: (اللهم إني صليت وركعت، وسجدت لك، وحدك لا شريك لك، لأن الصلاة والركوع والسجود، لا تكون إلا لك، لأنك أنت الله لا إله إلا أنت، اللهم صلي على محمد وآل محمد، وأبلغهم عني أفضل السلام والتحية...وتقبل مني وأجرني على ذلك..).
حضور كثيف
شهدت الحسينيات حضوراً كثيفاً، وذلك يعود لحرص المعزين على الحضور شخصياً لسماع الفاجعة الأليمة الذي قضى بها ريحانة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكتفوا بسماعها أو مشاهدتها عبر الوسائل الإعلامية.
قراءة المقتل
تنحصر المراسم الحسينية في صبيحة يوم عاشوراء في قراءة مصيبة ومقتل الامام الحسين بن علي (ع)، وتبدأ القراءة بذكر مصيبة أصحاب الامام لأنهم أول من تقدموا للاستشهاد بين يديه، ثم تذكر مصيبة أقارب الامام الحسين الذين فدوا أنفسهم في سبيل اعلاء كلمة الله عز وجل ومن ثم تختم.
إشادة بتعاون الداخلية
شكر أصحاب الحسينيات تعاون وزارة الداخلية معهم وحرصها على حفظ الأمن وتنظيم السير في الحسينيات، واجمع القائمون عليها على أن رجال الداخلية سهروا لتسيير وتسهيل ليالي عاشوراء وكانوا في غاية اللياقة والتعاون مع جميع القائمين والزائرين.
خطة محكمة
نفذت وزارة الداخلية خطة أمنية محكمة لتأمين إحياء مراسم العاشر من محرم، حيث انتشرت الدوريات على مداخل ومخارج الطرق المؤدية إلى الحسينيات، فيما كانت النقاط الأمنية صارمة في تفتيش جميع رواد الحسينيات، والتثبت من هوياتهم.