ماذا لو فعلها دونالد؟

1 يناير 1970 11:13 م
ما انفك المرشح الجمهوري المثير للجدل للرئاسة الأميركية دونالد ترامب يذهلنا المرة تلو الأخرى، منذ أن نزل ساحة السباق الرئاسي. فيوزع هجماته اللاذعة ومواقفه الغريبة، داخليا وخارجيا، من دون أن يفلح وقوف غالبية وسائل الاعلام ضده، ومعها كل منافسيه الجمهوريين، وفوقهم خصومه الديموقراطيون، في الحد من التأييد المتزايد له في استطلاعات الرأي.

لم يتورّع أخيرا عن التصريح بأنه لو كان صدام والقذافي ما زالا في السلطة، لكان الوضع في الشرق الأوسط، مستقرا. ولم يتردد قبل ذلك في القول ان الولايات المتحدة دفعت أموالا أكثر مما حصّلت، نتيجة حرب تحرير الكويت، علما أنه في موقع يخوله معرفة ان بلاده لا تحارب إلا من أجل مصالحها، ومن هذه المصالح الحفاظ على النظام العالمي الذي تحكمه، أو كانت تحكمه في ذلك الحين.

يقال انه تنقل خمس مرات بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وعندما استخدم منافسه جب بوش ذلك للتشكيك في هويته المحافظة، رد عليه بهجوم على السياسة الاقتصادية لشقيقه جورج، التي كانت برأيه، سببا في الأزمة الاقتصادية العالمية، قائلاً: «نعم أنا في بعض الأمور مثل الديموقراطيين، فلم أكن ابدا مناصرا لبوش. لقد انهار الاقتصاد بشكل رهيب بسببه. ولا أعتقد ان الديموقراطيين كانوا ليفعلوا اشياء مماثلة».

والان يقبع بوش في مؤخرة استطلاعات الرأي بأقل من 8 في المئة، في حين يحلّق ترامب بـ 32 في المئة، متقدما 19 نقطة عن أقرب منافسيه الجمهوريين الـ 14، وهو بن كارسون (13 نقطة) الذي يواجه مشكلة مع السود باعتباره جمهورياً، ومع البيض كونه أسود.

ترامب يتوجه في الأساس إلى الفئة الأدنى من الجمهوريين، وليس إلى الأثرياء الذين ينصب اهتمامهم على خفض الضرائب، وهذه الفئة هي التي ترى في الهجرة تهديدا مباشرة لفرصها، ولذلك اعتمد خطا متشددا جدا إزاء الهجرة. ولتأكيد موقفه هذا، لم يجد أمامه سوى منافسه المؤيد للهجرة ماركو روبيو لكونه من فلوريدا التي يستوطنها المهاجرون الكوبيون، فانقض عليه واصفا اياه بالمهرج ومتهما إياه بعدم الانسجام مع الذات. حتى أنه لم يتردد في وصف سياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المنفتحة إزاء اللاجئين بأنها «مجنونة».

استخدم سلاطة لسانه بكفاءة عالية في الهجمات على منافسيه، فتناول المرشحة كارلي فيورينا في مقابلة بالقول «انظروا الى هذا الوجه. هل يمكنكم تخيل ان يكون هذا وجه رئيسنا المقبل»، ثم اوضح بعد ان أثار كلامه احتجاجات، انه كان يقصد شخصيتها وليس شكل وجهها، واصفا إياها بأنها «جميلة». ولم يتأثر أداؤه في الاستطلاعات نتيجة لذلك.

يستفيد ترامب من نجاحه في مجال الأعمال إلى اقصى الحدود، لتقديم نفسه كـ «مدير» ناجح للبلاد، ويساعده في ذلك تسليط الضوء على «مغامراته»، ولا سيما في مجال تملك المنازل الفارهة. وقد استضاف أخيرا بعض الوفود بجولة في منزله الذي يعيش فيه مع زوجته الثالثة، عارضة الأزياء السلوفينية ميلانيا، وهو مكون من 3 طوابق في برج ترامب في نيويورك، ومزين بالرسوم اليدوية على الأسقف، وبالتماثيل الذهبية، على نمط قصر فيرساي في باريس الذي بناه آخر الملوك الفرنسيين، لويس السادس عشر.

ويتقن ترامب الآتي من عالم الشهرة، باحثاً عن السلطة، لعبة الإعلام، فهو رغم انشغالاته وجد الوقت ليكون مقدم برنامج كوميدي على قناة «ان بي سي» قبل سنوات. ولذلك يبدو أكثر استعدادا من غيره من المرشحين للتمحيص الاعلامي الذي يتناول كل شاردة وواردة في حياة المرشحين. فحين أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى ان شعره اصطناعي وليس حقيقيا، نادى على واحدة من الجمهور خلال إحدى مناسباته الانتخابية، وسألها ان كان يعرفها من قبل فنفت، حينها قال لها تأكدي من أن هذا هو شعري الحقيقي، ففعلت وأكدت للحاضرين أنه يبدو كذلك.

يسعى لتقديم نفسه كتجسيد للحلم الأميركي، الذي لا حدود للطموح فيه، حتى لو تطلب الأمر بعض المبالغة، وحين قيل له ان مجلة «فوربس» قدرت ثروته بـ 4.5 مليار دولار، انتفض مؤكدا انها تبلغ 10 مليارات، وان خبراء المجلة لا يعرفون الكثير من ممتلكاته «مع انهم اناس طيبون».

ماذا لو فعلها دونالد وأصبح رئيسا للولايلات المتحدة؟

مواقفه و«حركاته» لا تتلاءم مع المنصب، ولكن الاستطلاعات تضعه في موقع قوي لذلك.