الاستخبارات الروسية والإيرانية تصنّف الأهداف على الأرض درجات وفئات

«الراي» داخل غرفة «4+1» في بغداد: هكذا تدار العمليات وتُحلّل المعلومات

1 يناير 1970 06:52 ص
استطاعت «الراي» معاينة غرفة العمليات المشتركة المسماة «بالأربعة زائد واحد» في بغداد، المكوّنة من روسيا وإيران والعراق وسورية زائد «حزب الله» اللبناني، لتتعرّف على أهدافها وطريقة عملها ونظرتها الإستراتيجية للحرب على الإرهاب التي تستهدف تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).

وعلمت «الراي» من مصدر قيادي داخل غرفة العمليات والتابع لجهاز الأمن القومي العراقي أنه تم تحديد «مناطق العمل» (مصطلح يُستخدم للهجوم على عكس مصطلح «مناطق المسؤولية» التي تُستخدم للدفاع) بعد توضيح المسؤوليات المنوطة بالأطراف المختلفة داخل فريق العمل الاستخباراتي في غرفة العمليات، لترقى إلى مستوى المهمة الكبيرة المنوطة بالدول الكبرى (روسيا) ولتكون جزءاً أساسياً من المعركة الكبيرة التي تدور رحاها على «أرض الشام» وأرض «بلاد الرافدين».

وتم توصيف مصطلح «الإرهابي» لكل مَن يحمل سلاحاً خارج إطار الدولة العراقية وكذلك الدولة السورية من دون تمييز بين معتدل ومتشدد تكفيري، فيما طلبت إيران من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الإذن بإنشاء هذه الغرفة، وكذلك فعلت مع الرئيس السوري بشار الأسد لترتبط الغرفة الاستخباراتية العراقية - الروسية - السورية - الإيرانية و«حزب الله» بالغرفة العسكرية التنفيذية التي تدير المعارك والأهداف في سورية. وكذلك تمّ ربط هاتين الغرفتين بكل من طهران وموسكو ليتم توفير كل الدعم تحت عنوان «محاربة الإرهاب».

ويشرح المصدر، من داخل غرفة العمليات المؤلفة من طبقات عدة ومساحة تتعدى تسمية «الغرفة»، لـ «الراي» إن «الدور الأميركي المتردّد وغير الواضح المعالم دفع بالجميع في العراق وسورية وروسيا إلى البحث عن حلول خارج نطاق السياسة الاحتوائية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة، إلا أن العراق لم يخطو خطوة غرفة دمشق، ليقتصر عمل غرفة بغداد على جمع المعلومات الاستخباراتية وإنشاء حيز جغرافي واسع على غرار وحدة التنصت وتقاطع المعلومات الإلكترونية للوحدة الإسرائيلية 8200، إذ تتسلم غرفة بغداد المعلومات الخام وتحلّل الذبذبات عبر الاتصالات الأرضية والفضائية والإنترنت وتقدّمها للخبراء من خلال أجهزة إلكترونية متطورة وتُقاطِعها مع مصادر بشرية على الأرض تغذي غرفة بغداد من خلال الأجهزة الأمنية المنتشرة وعملائها داخل مناطق وجود المجموعات المستهدَفة».

ويتابع المصدر إن «الاستخبارات الروسية والإيرانية تصنّف الأهداف على الأرض كدرجات وفئات (أولى وثانية وثالثة):

الفئة الأولى: تعنى بقيادات الصف الأول، وقد وُضعت أكثر من 50 بطاقة تفصيلية عن الهوية الشخصية لكل مسؤول وقائد مؤثّر وكذلك الحيّز الجغرافي الذي يتحرك فيه، وعلى رأسهم أبو بكر البغدادي.

الفئة الثانية: تتضمن مراكز التحكم والسيطرة ومخازن الأسلحة التكتيكية والإستراتيجية مع فريق عمل يعدّل يومياً أي تغيير أو نقل للعتاد العسكري من خلال رصْد دائم فضائي عبر الأقمار الاصطناعية والطائرة من دون طيار والعناصر البشرية (عملاء) على الأرض. وتقدّم الأجهزة الاستخباراتية الروسية وضعية عرض لمسرح العمليات العام من خلال الأقمار الاصطناعية الروسية المسخّرة لمناطق عمليات الشرق الأوسط، وتحديداً العراق وسورية وكذلك طائرات الإنذار المبكر التي يديرها سلاح الجو الروسي.

أما الفئة الثالثة: فهي تعنى بإنشاء المجموعات المسلحة وتعريف هويتها وتركيبتها القتالية واستعداداتها القتالية العسكرية ومناطق انتشارها.

ويضيف المصدر إن «العاملين في غرفة العمليات المشتركة لا يسمّون «داعش»، أو جبهة النصرة - القاعدة في بلاد الشام، أو أحرار الشام أو غيرهم من التنظيمات والمجموعات باسمهم بل يطلقون على الجميع كلمة «هدف» ويضيفون إليها الفئة (الأولى، الثانية، الثالثة)».

ويكشف المصدر نفسه لـ «الراي» إن «هذه الغرفة ظهرت في بغداد ودمشق بعدما تَأكد لجميع المعنيين بمحاربة الإرهاب أن لا جدوى عملانية وميدانية من أسلوب القتال الأميركي وأن تقليم أظافر داعش والقاعدة وحلفائهما ليس هدف العراق وسورية بل إن الهدف في العراق هو إنهاء هذه الجماعات والقضاء عليها، وإن الإيعاز لوقف قوى الحشد الشعبي العراقي من قبل أميركا يعطي الإرهابيين فرصة أكبر للانتشار وإعادة تحصين مواقعهم وإنهاك القوى المُدافِعة التي لا تملك القرار السياسي للانتقال إلى الهجوم. أما في سورية فإن سياسة تحييد جبهة النصرة وحليفتها أحرار الشام من الاستهداف دفع بمجموعات متعددة للجوء إلى هؤلاء الذين يتمتعون بالدعم التركي - العربي وكذلك بالقصف الأميركي الناعم».

وغرفة عمليات بغداد، كما عاينتها «الراي»، ليست غرفة عادية ولكنها أشبه بمعسكر ذي الهيكلية الإستراتيجية وتلبي حاجة غرفة العمليات التكتيكية المعنية بتتبع وتقاطع المعلومات في العراق وسورية ولبنان، وهي لم تستثن التهديدات الإسرائيلية كونها معنية بكل عامل يطرأ على مسرح العمليات العام، مما وسّع دائرة النفوذ الروسي في الشرق الأوسط ليتحوّل الدب الروسي إلى أخطبوط يؤسس لبقاء طويل في المنطقة، وفي أكثر من بلد شرق أوسطي.