مثل صيني وراء انجازات الجمباز : «إن من يعرف الخجل ... سيصبح شجاعا»

1 يناير 1970 01:25 ص

قبل أربع سنوات، تعرض منتخب الجمباز الصيني للرجال لفشل شامل تقريبا في أولمبياد أثينا. أما الأشد وطأة فكان فقدان الميداليات الذهبية لفرق الجمباز للرجال. وبعد ذلك، قام فريق الجمباز الصيني بتدريبات شاقة، وأحرز العديد من الميداليات الذهبية في هذه الدورة . وهي ميداليات يتطلع لها منتخب الجمباز الصيني منذ أمد طويل. وعندما علقت الميداليات الذهبية على صدور الشباب الفائزين، لاحظ الكثير أنهم قد أحرزوا أشياء كثيرة ثمينة بالإضافة إلى الميداليات الذهبية نفسها.  ومنها استعادت  السمعة الطيبة.

 فمنذ أن فشل رياضيو الجمباز الصينيون في أثينا، نصبوا في قاعة تدريبهم «سور الخجل»، حيث لصقوا عليه مقالات النقد التي نشرت في مختلف وسائل الإعلام الصينية. وكانت كل كلمات الانتقاد تذكرهم دائما بالدروس المؤلمة السابقة. وفي الصين مثل يقول «إن من يعرف الخجل، فسيصبح شجاعا». لذلك عرف الفشل في أثينا فريق الجمباز الصيني وتعلم منه  كيفية إعادة النظر في نفسه، والنظر إلى منافسيه بموقف واقعي. وقبل بدء سباقات هذه الدورة، لم يتعهد المدربون ورياضيو الجمباز بالفوز بميدالية ذهبية، وبدلا منه ظلوا هادئين. في هذه المرة وفي السباقات على أرض وطنهم الأم، لم يحقق رياضيو الجمباز الصينيون تطلع جميع الصينيين فحسب، بل حظوا باحترام المنافسين والمشاهدين والحكام وبالإضافة إلى الميدالية الذهبية، فاز الجمباز الصيني بالثقة بالنفس، إذ بعد الفشل في أثينا، تعرضت ثقة الصينيين برياضيي الجمباز لضربة شديدة. ورغم عدم وجود من يشك في قوة رياضيي الجمباز الصينيين، إلا أن بعض الصينيين كانوا قلقين إزاء أدائهم ميدانيا هذه المرة. وخلال السباقات، وجد الصينيون أن هؤلاء الشباب قد أدوا كل الحركات بهدوء وثبات، وأظهروا ثقة عالية بالنفس، بالإضافة إلى الميدالية الذهبية، حقق الجمباز الصيني الأمل، حيث كان أداء الرياضيين القدامى رائعا وكان أداء الشباب الجدد مشجعا أيضا. وأمام نحو 20 ألف متفرج في الإستاد الوطني، كان الصينيان الجديدان يؤديان الحركات بهدوء، وأنجزا سباقات بشكل ممتاز، الأمر الذي جعل الصينيين يشعرون بالأمل والقوة لدى الجيل الصيني الجديد في أوساط رياضة الجمباز.

وبعد سنوات طويلة انصب اهتمام الصينيين خلالها على رياضات بعينها في مقدمها تنس الطاولة والريشة الطائرة شهدت السنوات القليلة الماضية تغيرا كبيرا في الثقافة الرياضية في البلاد حتى أصبح من الطبيعي ألا يعير المشاهدون اهتماما زائدا لرياضات كانت مفضلة لديهم قبل سنوات.

وبرغم العشق الكبير الذي سيطر على الصينيين لسنوات طويلة تجاه رياضة الريشة الطائرة على سبيل المثال لم يعد غريبا ألا يركز المشجعون في الصين اهتمامهم على مشاهدة إحدى مباريات اللعبة عبر شاشات التلفزيون حتى وإن كان ذلك في الدورة الاولمبية.

ويكشف ذلك بالتأكيد عن التغير في الثقافة الرياضية بالصين حتى وإن ظلت منافسة اللاعبين الصينيين في الرياضات التقليدية لبلادهم أكثر من منافستهم في الرياضات الاخرى في أولمبياد بكين.

ولم تشهد الصين على مدار العقود القليلة الماضية تغيرا في اقتصادها فقط وإنما كانت هناك ثورة أيضا في أنواع الرياضات التي يحب الصينيون ممارستها.

وحتى أواخر ثمانينات القرن العشرين كانت رياضة الجولف تعتبر في الصين رياضة برجوازية ولذلك نال تشاو شي يانغ الامين العام السابق للحزب الشيوعي انتقادات بسبب ولعه بها ولكنها أصبحت الان رياضة شعبية لتزايد عدد الاثرياء مما دفع الحكومة الصينية الى فرض قيود على عدد ملاعب الجولف التي تقام من آن لآخر وذلك لإيقاف التعديات على الاراضي الزراعية وتقليص استهلاك الموارد المائية.

وقال لي شيانغرو الاستاذ في معهد التربية البدنية في بكين إن التغييرات في عادات الصينيين الرياضية نتجت في توافر مزيد من الوقت لدى الناس وكذلك زيادة دخلهم المادي وتأثرهم بالنزعات الخارجية.

وأوضح «قبل الاصلاح والانفتاح في الصين كان يجب أن نعمل ستة أيام في الاسبوع وبعدها تغيرت إلى خمسة أيام.. ولذلك أصبح لدينا الان مزيد من الوقت كما ازداد دخلنا المادي.ومن ثم تغير أسلوب الحياة.. في المدن الكبيرة مثل بكين وجوانغشو وشنغهاي التي يحرص الناس فيها على ممارسة الرياضة».

وتنتقل الرغبة والنزعة الرياضية بشكل هادئ إلى صغار السن حيث شهدت السنوات الاخيرة تزايد شعبية نجوم عالميين مثل نجم كرة السلة الاميركي كوبي برايانت عن نجوم الريشة الطائرة.

وخلال الأولمبياد الحالي تتمتع رياضات كرة القدم وكرة السلة والتايكوندو بأنها الاكثر جذبا لاهتمام المواطن الصيني طبقا لتقرير نشرته إحدى الشركات التي تدرس الاشياء التي يحرص الصينيون على البحث عنها على مواقع الانترنت. وأوضح التقرير أن رياضتي الريشة الطائرة وتنس الطاولة تأتيان في المركزين الرابع والخامس على الترتيب.

ولكن العديد من الرياضات التي يتحمس لها الصينيون ليست مدرجة في الاولمبياد مثل «رقص الشارع» حيث يعتبر الصينيون الرقص وسيلة رائعة لتنشيط الجسم بأكمله إلى جانب ما يمثله من مرح.

ومن الرياضات أيضا التي يعشقها الصينيون ولم تدرج في الاولمبياد صيد الاسماك وسباقات السيارات واليوجا حيث تعتلي هذه الرياضات قائمة أكثر الرياضات شعبية في البلاد طبقا لتقرير آخر نشرته الشركة مؤخرا.

وتحدد السن والقدرات المالية بشكل كبير أنواع الرياضات التي يمارسها الصينيون خاصة مع تزايد واتساع الفجوة بين الاثرياء والفقراء.

ففي الوقت الذي لا يبالي فيه الاثرياء بإنفاق ما بين ثلاثة آلاف خمسة آلاف يوان (450 و750 دولاراً) للاشتراك السنوي في إحدى صالات اللياقة البدنية أو تأجير غرفة لممارسة الاسكواش مقابل 50 الى 80 يواناً في الساعة، لا يستطيع بل لا يتخيل العاملون الكادحون إنفاق مثل هذه المبالغ على ممارسة الرياضة خاصة وأن أجورهم تقل عن 30 يواناً يوميا بل إن الكثير من المزارعين ليس لديهم أي غرض في ممارسة الرياضة.

وفي الوقت نفسه، يفضل معظم متوسطي السن المتقاعدين أو كبار السن في المدن ممارسة الرياضة بشكل أقل قوة. ورغم استمرارهم في ممارسة تنس الطاولة والريشة الطائرة فإنهم يفضلون البحث عن أنشطة أخرى.

ففي الصباح يكتفون بوضع الكرة على المضرب ومحاولة الحفاظ على توازنها خلال ممارسة الرقص أما في المساء فيتجمعون لتأدية «الرقصات الاجتماعية».

وما زال المتمسكون بالتقاليد يلتقون في المتنزهات صباحا لممارسة رياضة المشي وما يصحبها من تمرينات تقليدية مثل تدريب استنشاق الهواء.

ورغم انتشار العديد من الرياضات في الصين فإن مبدأ ممارسة الرياضة لم يصل بعد إلى نفس القوة التي يجده المرء عليها في الدول المتقدمة الثرية.

وتحرص المدارس حاليا على غلق ملاعبها مثل ملاعب كرة السلة والمسابح مع انتهاء أوقات الدراسة في الوقت الذي يشكو فيه البعض من عدم توافر المنشآت الرياضية الكافية لهذا التعداد السكاني الهائل في الصين.

ويثق شيانغرو في أن النزعة تجاه ممارسة التدريبات بشكل أكبر ستستمر في ظل زيادة أهمية العناية بالصحة لدى الحكومة والشعب نظرا لارتفاع معدلات الاصابة بالسمنة والأمراض المتعلقة بالثراء.



ابطال الصين في الجمباز