أهالي العسكريين المخطوفين أطلقوا «موجة متدحرجة» من التصعيد بقطعهم طريق المطار
العراضة الروسية في سورية تُفاقِم أزمة الحكم في لبنان
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
09:03 م
عشية أسبوع سيَتَقرّر فيه على نحو حاسم مصير الحوار النيابي الجاري في لبنان منذ بضعة أسابيع، أبرزت أوساط وزارية قريبة من رئاسة الحكومة تشاؤماً لافتاً حيال مجمل المشهد الداخلي، وما يمكن ان يحصل من تطورات في الأيام القليلة المقبلة.
واكدت الأوساط لـ «الراي» ان كل المحاولات التي بُذلت من اجل التوصل الى تسوية في شأن ترقيات ثلاثة عمداء عسكريين في الجيش اللبناني من بينهم العميد شامل روكز صهر زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون باءت بالإخفاق وتضاءلت فرص تعويم هذه التسوية الى أدنى منسوب، الأمر الذي سيلعب دوراً سلبياً كبيراً في توجيه سلوك عون تجاه الحوار ومحاولات تفعيل عمل الحكومة في الأيام المقبلة.
وأشارت الأوساط الى انه اذا كان وزراء الرئيس ميشال سليمان وحزب «الكتائب» هم الذين أحبطوا مباشرة مشروع تسوية الترقيات عبر رفضه، فإن العماد عون وُضع أمام معادلة وهي العودة الى اعتماد القرارات الحكومية بالأكثرية الدستورية، اي تبعاً لطبيعة البنود التي تُطرح على مجلس الوزراء، بحيث لا تبقى هذه القرارات مكبّلة بالإجماع او تحت رحمة مكوّن او مكوّنين في الحكومة، ولكن اي موقف لم يبرز بعد من الجانب العوني فيما بدأت تتكثف التسريبات عن ترجيح مقاطعة عون جلسات الحوار المحددة أيام الثلاثاء والاربعاء والخميس المقبلة، رغم عدم استبعاد بعض المصادر إمكان ان يحضر زعيم «التيار الحر» او ان ينوب عنه صهره وزير الخارجية جبران باسيل.
وفي اعتقاد الاوساط نفسها انه في حال مقاطعة عون فعلاً، فان الأمر سيكتسب دلالات شديدة السلبية، لانه سيؤدي اولاً الى إجهاض كل عملية الحوار مما يضعه امام مواجهة حتمية مع راعي هذا الحوار رئيس مجلس النواب نبيه بري، خصوصاً ان الاحتدام بينهما عاد ليتصاعد اخيراً في ظل الحملات التي تبادلها عون مع وزير المال علي حسن خليل (مستشار بري) قبل أيام.
اما الأهمّ من ذلك في رأي هذه الاوساط الوزارية، ان توجيه ضربة قاسية الى الحوار سيشكل مؤشراً الى صحة مخاوف بدأت تساور كثيرين من تَسلُّل رهانات وحسابات سياسية جديدة لدى فريق التحالف بين عون و«حزب الله» على التدخل الروسي في سورية لتصعيد الضغط على الحكومة والخصوم السياسيين بما قد يعمّم حالة الشلل الحكومي تماماً.
ولفتت الاوساط الى ان رئيس الحكومة تمام سلام الذي عاد من قبل أيام مثقلاً بانطباعات سلبية عن انعكاسات العراضات العسكرية المتصاعدة في سورية في ظل التدخل الروسي، صارح كل مَن تشاور معهم بأن الوضع لم يعد يحتمل المضي في ترك الوضع الحكومي عالقاً على دوامة التعطيل، وهو يدفع بقوة مع الرئيس بري نحو تفاهم الحد الأدنى لإعادة تفعيل الحكومة انطلاقاً من فرصة الحوار الجاري، أقلّه لمعالجة المشاكل والأزمات التي تعني المواطنين، بدءاً بوضع خطة معالجة أزمة النفايات على طريق التنفيذ.
لكن بوادر الحزم التي أبداها سلام لتنفيذ هذه الخطة،سرعان ما اصطدمت بدورها بالعراقيل بدليل إحباط محاولته السبت لاقناع المجتمعين في دار الأزهر في البقاع الاوسط، بالقبول بإقامة مطمر صحي في منطقة المصنع الحدودية، اذ رُفضت المحاولة وأُحبطت في مهدها.
وتشير الأوساط الى ان المناخ السياسي الداخلي يبدو عشية استنئاف الحوار غداً في مجلس النواب شديد التوتر وان العماد عون يحتفظ بورقة المقاطعة في اللحظة الاخيرة فيما هو يعدّ لاعتصام كبير دعا اليه أنصاره في 11 اكتوبر الجاري على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، لإحياء ذكرى عملية 13 اكتوبر 1990 التي أطاحت حكومته العسكرية آنذاك، وهي المحطة التي تتزامن مع اقتراب موعد إحالة العميد شامل روكز على التقاعد في 15 الجاري، الأمر الذي سيضاعف حدة خطاب عون التصعيدي ما لم يتم التوصل الى تسوية للترقيات في اللحظة الحاسمة قبل هذا الموعد.
ولا تخفي الأوساط خشيتها من ان يؤدي فشل الفرصة الأخيرة التي يقدمها الحوار في أيامه الثلاثة المحددة هذا الاسبوع، الى تَفاقُم واسع في الأجواء الداخلية قد تحاصر الحكومة بشلل مطبق لان عدم بت الاتفاق على آلية عمل مجلس الوزراء، سيعني حتماً تَحوُّل الحكومة الى واقع تصريف أعمال مقنّع، كما ان موجات الحراك الشعبي المدني ستعود الى وتيرة ضغط أوسع من السابق، علماً ان الحراك المدني دعا الى تنظيم اعتصام حاشد مساء الخميس المقبل في وسط بيروت.
وكان بارزاً امس عودة ملف العسكريين المخطوفين منذ 2 اغسطس 2014 لدى تنظيميْ «جبهة النصرة» و«داعش» الى الواجهة، مع التحرك الذي قام به أهلهم في وسط بيروت وعلى طريق المطار في إطار الضغط على السلطات اللبنانية لمتابعة هذه القضية، التي سبق ان دخلت على خطها قطر وتركيا، والتي أوكلت الحكومة أمر التفاوض في شأنها الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
وقد بدأ اهالي العسكريين تحركهم بقطع شارع المصارف في وسط بيروت القريب من مكان اعتصامهم المفتوح، حيث انتقدوا ما وصفوه بـ «الإهمال في حلّ في ملفّ أبنائهم»، قبل ان ينتقلوا ويقطعوا طريق المطار بالإطارات المشتعلة لبعض الوقت ما جعل المسافرين يتوجّهون من المطار وإليه سيراً.
وأكّد الأهالي أنّ «خلية الأزمة التي شكّلتها الحكومة لا تبذل جهداً حيال ملف أبنائنا، وسنقوم بالتصعيد»، وتابعوا: «لا خبر عن أبنائنا لدى داعش منذ 8 أشهر، والحكومة اللبنانية لا تتصل بنا لانشغالها بملفّ الحراك الشعبي الذي نؤيّده، لكنّ ملف العسكريين يمثّل الشعب اللبناني بأسره، ولا يجوز أن تغطّي ملفات أخرى عليه».