أشار إلى معاناة الشعب الفلسطيني بسبب السياسات والممارسات الإسرائيلية والاعتداءات المتكررة

وزير الخارجية: نطالب المجتمع الدولي بإيجاد مخرج سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري

1 يناير 1970 11:38 ص
طالب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد بوقفة جادة للنظر في الاحتقان الطائفي الذي يعصف بكيان الأمة، داعيا إلى توحيد الصفوف لمكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله.

وخلال الاجتماع التنسيقي السنوي لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، قال الخالد إن القضية الفلسطينية والقدس قضية أمتنا الأولى حيث لا يزال أخوتنا في فلسطين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي وتتفاقم معاناتهم بسبب السياسات والممارسات الإسرائيلية والاعتداءات المتكررة التي تتنافي مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والقانون الإنساني الدولي.

وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب المعالي وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي

معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي السيد اياد أمين مدني

الحضور الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في بداية حديثي أود أن أعرب عن خالص التعازي والمواساة للأمة الاسلامية بوفاة عدد من حجاج بيت الله الحرام وسقوط المئات من الجرحى جراء حادث التدافع في مشعر منى والذي وقع صباح يوم الخميس الماضي أول يوم عيد الأضحى المبارك.

وإذ أعبر عن تأثرنا الشديد بهذا المصاب الجلل فإننا نثمن ونقدر جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله والحكومة السعودية في توظيف كافة طاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن داعين المولى عز وجل أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته وغفرانه ويلهم ذويهم جميل الصبر والسلوان وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل ويجنب الشعب السعودي الشقيق وضيوف بيت الله الحرام كل مكروه.

أصحاب المعالي

الحضور الكريم

يسرني أن أرحب بكم في اجتماعنا التنسيقي السنوي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذي يعقد على هامش المناقشات العامة للدورة الـ 70 للأمم المتحدة وفي هذه المناسبة لا يفوتني إلا أن أعرب عن بالغ الامتنان والتقدير للمملكة العربية السعودية على جهودها ورئاستها المتميزة خلال أعمال الدورة السابقة والتي أسهمت في تعزيز عملنا الإسلامي المشترك في شتى المجالات.

وأستذكر هنا أحد رموز العمل الدبلوماسي ليس فقط على الصعيد الإقليمي بل العالمي وهو صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل رحمه الله وزير خارجية المملكة العربية السعودية الشقيقة الذي كان أحد ركائز عمل منظمتنا هذه وكان مدافعا عن قضايا أمتنا الإسلامية وعمل من أجلها وقد قضت إرادة الله أن يرحل عنا وندعو الله أن يتقبله بواسع رحمته.

أصحاب المعالي

تشهد الأمة الاسلامية فترة صعبة من تاريخها نتيجة انعدام الأمن وعدم الاستقرار والاضطرابات التي تعصف بدول عدة في عالمنا الإسلامي وهذه الاضطرابات لها أسبابها وجذورها منها ما هو اقتصادي كندرة الموارد والديون والبطالة ومنها ما هو اجتماعي كالفقر وانتشار الأمراض وغيرها مما هو مرتبط بالسياسات المتعلقة بالقوميات والأثنيات والمذاهب وقد ساهم ذلك بشكل أو بآخر بإيجاد بيئة خصبة لانتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف وخلال أعمال الدورة الـ 42 للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في الكويت خلال الفترة 27 - 28 مايو 2015 عملت بلادي على تسليط الضوء على هذه الآفة وضرورة توحيد الجهود لمكافحتها إيمانا منها بخطورة ذلك على دولنا ومجتمعاتنا وديننا الحنيف ولذلك كان شعار الدورة «رؤية مشتركة لتعزيز التسامح ونبذ الإرهاب».

وأود في هذه المناسبة أن أستذكر ما أكده سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في كلمته أمام اجتماعنا في الكويت على أهمية أن تكون هناك وقفة جادة للنظر في الاحتقان الطائفي الذي بات يعصف بكيان أمتنا ويفتتها فهذه العصبية هي الأخطر على وجود الأمة فجميعنا نجتمع تحت لواء التوحيد وفي ظل كتاب واحد هو كتاب الله سبحانه وتعالى مهتدين بهدي رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وننطلق من تلك الحقائق لنتعاضد ونواجه التحديات الجسام التي يواجهها عالمنا الإسلامي فجميعنا خاسرون في هذه المواجهة والمنتصر هو من يريد أن يؤجج هذا الصراع المدمر لأهدافه الخاصة ونفوذه ويخطط لتشويه الإسلام وإضعافه.

إن آفة الإرهاب ومن يدعمون تلك العمليات الإجرامية من مجموعات وتنظيمات إرهابية يسعون إلى تشويه صورة ديننا الحنيف والدين منهم بريء فديننا الإسلامي أسمى وأرقى وأنبل من أعمالهم الإجرامية الدنيئة والتي راح ضحيتها آلاف المسلمين في دولنا الأمر الذي يستوجب مزيد من التعاون والتنسيق فيما بيننا كدول إسلامية من أجل محاربة هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية ودحض فكرهم وملاحقة من يمولهم ويمكنهم من تنفيذ أعمالهم المشينة التي لا تمت بصلة للدين الإسلامي مرحبين بهذا الصدد بكافة قرارات مجلس الأمن الرامية للقضاء على هذه الجماعات المتطرفة وتجفيف مصادر تمويلها.

وفي بلدي الكويت عانينا من هذه الجرائم عندما قام أحد المجرمين الإرهابيين باستهداف أحد بيوت الله وفجر نفسه وقد راح ضحية هذا العمل الجبان 26 شهيدا وفي شهر فضيل وهو شهر رمضان المبارك وفي يومٍ عزيز وهو يوم الجمع وفي أطهر مكان وهو أحد بيوت الله وفي أخشع وضع وهم ساجدين للمولى عز وجل، إن هذه الأعمال المشينة لم ولن ترهبنا بل ستزيدنا إصرارا وتلاحما وتوحدا إن شاء الله لمواجهة الإرهاب ومن يدعمه ويموله.

أصحاب المعالي

عندما نجتمع في إطار منظمة التعاون الإسلامي نستذكر ونربط نشأة المنظمة بحادثة حرق المسجد الأقصى في القدس في عام 1969 وبعد مرور ما يقارب الخمسة عقود من المقاومة والنضال والصمود الشجاع مازالت القضية الفلسطينية والقدس قضية أمتنا الأولى حيث لا يزال أخوتنا في فلسطين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي وتتفاقم معاناتهم بسبب السياسات والممارسات الإسرائيلية والاعتداءات المتكررة التي تتنافي مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والقانون الإنساني الدولي فحجم المعاناة الإنسانية يزداد سوء عاما بعد عاما مجددين في هذا الصدد دعمنا الكامل للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة بما فيها حقه في تقرير مصيره ومطالبين المجتمع الدولي ومجلس الأمن حمل إسرائيل على وقف انتهاكاتها والعودة إلى المفاوضات التي يجب أن تفضي لإقامة دولة فلسطين المستقلة على أرضها وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية.

أصحاب المعالي

شهدنا كيف أن الانقلاب على الشرعية الدستورية يزعزع أمن واستقرار الدول وهذا ما حصل في اليمن الشقيق وهذا الاستيلاء على السلطة بالقوة لم يزعزع الأمن والاستقرار في اليمن فحسب بل الأمن في المنطقة الأمر الذي دفعنا بتحمل مسؤولياتنا والعمل مع أشقائنا وحلفائنا لعودة الشرعية في اليمن الشقيق وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والوقوف مع وحدة اليمن وسيادته واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه مؤكدين على ضرورة تنفيذ نتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي وافقت عليه كافة الأطراف والقوى والأحزاب السياسية اليمنية وذلك استنادا إلى مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية كما نود أن نشيد بجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لدى اليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد وعمله الدؤوب لاستئناف المفاوضات والحوار ما بين كافة الأطراف.

وفي هذا السياق تدخل الأزمة في سورية عامها الخامس وما يبعث على القلق والأسى أن هذه الأزمة تتفاقم يوما بعد يوم ونجم عنها كارثة إنسانية غير مسبوقة وضحاياها بعشرات الألاف وفقا للتقارير الدولية فهناك أكثر من 250 ألف قتيل وما يقارب المليون مصاب وأربعة ملايين لاجئ في الدول المجاورة وسبعة ملايين نازح ومشرد وآلاف المعتقلين وقد أصبح هذا البلد الشقيق ملاذا للتنظيمات الإرهابية تنطلق منه لتنفيذ مخططاتها وعملياتها الإجرامية بحق الأبرياء والإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف دين الوسطية والتسامح.

وفي ظل ذلك الواقع المرير والتهديد السافر للأمن والسلم الإقليمي والدولي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكب من جميع الأطراف سواء من قبل السلطات السورية أو الجماعات الإرهابية فإننا نطالب المجتمع الدولي وعلى رأسهم مجلس الأمن بمضاعفة جهودهم لإيجاد مخرج سياسي شامل قائم على بيان جنيف 1 لعام 2012 من أجل تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري الشقيق للعيش بأمن وسلامة وكرامة مؤكدين دعمنا لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى سورية السيد ستيفان دي مستورا.

وانطلاقا من مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية والدينية تجاه أشقائها السوريين استضافت الكويت وبالتنسيق مع الأمم المتحدة ثلاثة مؤتمرات دولية للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية وتخفيف من المعاناة الإنسانية الكبيرة للاجئين والنازحين حيث بلغت التعهدات المعلنة فيها «سبعة مليارات وستمئة مليون دولار أميركي» ساهمت الكويت بـ «مليار وثلاثمئة مليون دولار» ونشدد هنا بأن المسار الإنساني يجب أن يكون موازيا للعمل السياسي.

وفي العراق الشقيق نؤكد دعمنا والتزامنا بالوقوف إلى جانب الحكومة العراقية في جهودها لدحر عدوان تنظيم «داعش» الذي زعزع أمن واستقرار هذا البلد الشقيق ونحن على ثقة بأن الحكومة العراقية والشعب العراقي الشقيق حريص كل الحرص في الحفاظ على وحدته الوطنية وسلامة أراضيه ولن يمكن هذه الجماعات الإرهابية بأن تحقق أهدافها الخبيثة مشيدين بهذا الصدد بالإصلاحات التي اتخذها رئيس الوزراء حيدر العبادي أخيراً آملين بأن تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق.

إن متابعة شؤون الجاليات المسلمة في جميع أقطار العالم والدفاع عن حقوقهم المشروعة وفقا لما نصت عليه القوانين والمعاهدات الدولية وميثاق الأمم المتحدة هو من صميم اهتمامات منظمتنا وفي هذا الصدد نشعر بالقلق العميق إزاء استمرار أعمال العنف والتمييز الممنهج ضد أقلية الروهينجا المسلمة وندعو حكومة ميانمار إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنحهم حقوقهم المشروعة بالمواطنة الكاملة وضمان عودة اللاجئين والمشردين إلى ديارهم ووقف ما يتعرضون له من اضطهاد وتمييز من خلال وضع حد لانتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان وعدم الإفلات من العقاب.

إن تنامي مظاهر التعصب ضد الجاليات والأقليات المسلمة فضلا عن التصوير السلبي والقولبة النمطية للإسلام والمسلمين من خلال ربطهم في وسائل الإعلام الدولية بالعنف والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان تتطلب من دولنا وقفة جادة لمكافحة هذه الظاهرة ووضع حد لانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا ونشيد بما تقوم به الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي من جهود لمكافحة هذه الظاهرة والحد من الآثار التي تترتب عليها.

أصحاب المعالي

الحضور الكريم

لقد شهدنا قبل عدة أيام انتهاء حدث تاريخي في غاية الأهمية لدولنا جميعا وهي قمة الأمم المتحدة التي اعتمدت جدول التنمية لما بعد عام 2015 ونحن مطالبين فرادا ومجتمعين من خلال منظمتنا بالقيام بدور فعال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الطموحة لمواجهة تحديات المستقبل كالفقر والمرض والأمية والجوع والأمن الغذائي وأمن المياه والطاقة والتغيرات المناخية جميعها تحديات تتطلب منا توحيد الجهود ومزيد من التنسيق لمواجهتها والعمل بموازاة ذلك على اعتماد مشروع البرنامج العشري الجديد للمنظمة للفترة 2016 - 2025 والذي من شأنه الارتقاء بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والعلمية وبما يساهم بالنهوض وتحسين حياة الملايين في عالمنا الإسلامي.

وفقكم الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.