الجسار وضع استقالته في تصرف القيادة حتى تأخذ العدالة مجراها الطبيعي

شجاعـة ... وزير

1 يناير 1970 08:02 م
• خالد السلطان: شهادة حق... لديّ كتاب يثبت أن الجسار طلب إيقاف المشروع ولم يؤخذ برأيه بل تم تجميده

• النصف: يُحسب له موقفه بتحمّل المسؤولية السياسية
في حين فضل وزير الكهرباء والماء وزير الأشغال المهندس أحمد الجسار وضع استقالته تحت تصرف القيادة السياسية، نأياً بالنفس عن السجالات في حكم محكمة الجنح في قضية «طوارئ 2007» حتى تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، أشهر النائب السابق خالد السلطان «صك براءة» الوزير الجسار من أي تجاوزات أو تعدٍ على المال العام.

ما قصة «طوارئ 2007»؟

فصول قصة المشروع بدأت عندما وقعت أزمة انقطاع التيار الكهربائي في 19 أغسطس 2006 عن أجزاء كبيرة من البلاد، في هذا التوقيت أعطى الشيخ علي الجراح الذي كان يشغل منصب وزير الكهرباء والماء تعليمات بتشكيل لجنة ضمت في عضويتها 15 عضواً من بينهم الجسار، الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب رئيس مهندسي مشاريع المحطات، لتقييم عروض بعض الشركات لتنفيذ مشروع «طوارئ 2007» من أجل تغطية عجز الإنتاج الكهربائي.

وبالفعل بدأت اللجنة اجتماعاتها وتلقي طلبات الشركات لتقييم وضعها المالي ومدى قدرتها على تنفيذ هذا المشروع الاضطراري، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث تم الاتفاق على التوصية باختيار 3 شركات لتنفيذ المشروع.

ويؤكد المراقبون الذين عاصروا بدايات مشروع «طوارئ 2007» قيام الجسار بتسجيل تحفظه ورفع كتاب إلى اللجنة المشكلة لتسجيل تحفظه على اختيار بعض الشركات «لعدم مقدرتها على تنفيذ مثل هذه المشاريع»، ما أدى إلى استبعاده من حضور بقية اجتماعات اللجنة وتجميده في المكتب الفني لمدة تزيد على سنة، كإجراء على موقفه المتحفظ، واستكملت اللجنة إجراءاتها بتوقيع العقود التي كان يرفض الوزير الجسار توقيعها في تلك الفترة، إلى أن تمت في ما بعد ترقيته واختياره وكيلاً مساعداً لقطاع مشاريع الكهرباء وتقطير المياه إبان الفترة التي تولى فيها الوزير محمد العليم حقيبة وزارة الكهرباء والماء، قبل أن يتم اختياره وكيلاً لوزارة الكهرباء والماء ومن ثم وزيراً للأشغال وزيراً للكهرباء والماء.

وشمل الحكم الصادرعدداً من القياديين الحاليين في الوزارة، من بينهم من صدر بحقه حكم غيابي، وحول وضع هؤلاء قالت مصادر مطلعة في الوزارة «إن من حقهم أن يعترضوا على الحكم ويظلوا على رأس عملهم إلى حين صدور الحكم النهائي بعد الاستئناف أو التمييز».

يذكر أن الجسار الذي وضع أمس استقالته تحت تصرف القيادة السياسية، لحين البت فيها، استأنف الحكم الذي صدر ضده.

في السياق، أكد النائب السابق عضو مجلس 2008 خالد السلطان براءة الجسار من أي تجاوزات وتعدٍ على المال العام في قضية «طوارئ 2007» كاشفاً عن أن لديه كتاباً يثبت طلب الوزير عندما كان رئيس المهندسين آنذاك بإيقاف المشروع، «لكن طلبه لم يلق استجابة وقوبل بتجميده عن العمل».

وقال السلطان لـ «الراي» إن الوزير الجسار عندما كان رئيس المهندسين في وزارة الكهرباء والماء عام 2007 رفع كتاباً لوكيل الوزارة آنذاك يوسف الهاجري يطالب فيه بإلغاء مناقصة «طوارئ 2007» لعدم تنفيذها بالشكل الصحيح وأنها ليست على المستوى المطلوب، والإبقاء على مشروع «طوارئ 2008» لكن طلبه لم يلق استجابة.

وأوضح السلطان أنه عندما تم تجاهل طلبه، تقدم الجسار بطلب مقابلة وزير الكهرباء والماء آنذاك الشيخ علي الجراح، وتمت الموافقة على طلبه، وبعد اللقاء وتكرار مطالبته بإلغاء مشروع «طوارئ 2007» والإبقاء على مشروع «طوارئ 2008» فوجئ بعدها بأسبوع بقرار تجميده وإزاحته من منصبه كرئيس للمهندسين.

وأضاف السلطان «هذه شهادة أشهد بها بالحق للوزير الجسار، وهي موثقة لدي بكتب رسمية وصلتني خلال عضويتي من مصادر خاصة، وهي موجودة الآن في خزانة الأوراق والمستندات لدي، وقد تقدمت في ضوئها في تلك الفترة بأسئلة برلمانية لكن دون أن تصلني إجابة».

والجدير ذكره أن لجنة التحقيق البرلمانية في تجاوزات «طوارئ 2007» انتهت إلى وجود تجاوزات ومخالفات قام بها مسؤولون في المؤسسات والجهات الحكومية والرقابية في الدولة، ما أدى إلى «إضرار في المال العام، والتعدي على القانون واللوائح، ووضع سوابق خطيرة في إجراءات التعاقد لمشاريع طوارئ تطرحها الدولة في المستقبل».

ولفتت اللجنة إلى أنه تبين لها «وجود العديد من المخالفات والتجاوزات التي سادت إجراءات التعاقد مع الشركات غير المؤهلة فنيا وماليا في ما يلي: تضليل مجلس الوزراء، إساءة في استعمال السلطة، انحراف بالتكليف وإخلال بالواجبات، إهمال في أداء الوظيفة وغياب المهنية، انعدام الشفافية والتحايل في تطبيق القوانين واللوائح والأنظمة المعمول بها في البلاد».

وعليه أوصت اللجنة بمخاطبة وزير العدل بتطبيق نص المادة الأولى والفقرة (هـ) من المادة الثانية والمادة الثالثة من أحكام القانون رقم 88 لسنة 1995 في شأن محاكمة الوزراء، وذلك في شأن الوزيرين السابقين الشيخ علي جراح الصباح والمهندس محمد العليم، بإحالة أمر هذه العقود وتوقيع الوزير عليها رغم علمه بنواحي النقص والقصور فيها.

كما أوصت اللجنة «باتخاذ الإجراءات لتحديد المسؤولية ومحاسبة المتسبب لجميع أعضاء اللجنة الفنية المشكلة بالقرار الوزاري رقم (250) لسنة 2006 وذلك لمن وقّع منهم على التوصيات بالترسية على تلك الشركات الوسيطة وغير المؤهلة، وذلك بالنسبة لجميع أعضاء اللجنة الموقعين على نتائج تقرير أعمال اللجنة (محضر اجتماع)».

وأوصت اللجنة أيضا بمخاطبة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء المشرف على لجنة المناقصات المركزية «باتخاذ إجراءات تحديد المسؤولية ومحاسبة المتسبب في قيام أعضاء لجنة المناقصات المركزية آنذاك بالتغاضي عن تنفيذ أحكام القانون 37 لسنة 1964 في شأن المناقصات العامة، وتخطي كافة القواعد والضوابط المنظمة لشؤون طرح واستجلاب العروض والإعلان والتصنيف والتأهيل، والتأكد من الملاءة المالية والخبرات الفنية لطوارئ كهرباء صيف 2007 وإحالتهم للنيابة العامة وكلها أمور تستوجب عدم إبرام وتوقيع العقود».

من جهته، أكد النائب راكان النصف أن موقف وزير الكهرباء والماء وزير الأشغال «بتحمله مسؤولياته السياسية يحسب له»، داعياً في الوقت ذاته رئيس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك إلى «إجراء تعديل وزاري يعيد الحكومة إلى مسارها الصحيح».

وقال النصف في تصريح صحافي أمس «إن أي مشروع للإصلاح يتطلب رجال دولة قادرين على تحمل المسؤولية السياسية والتنفيذية واتخاذ القرارات الجريئة في مواجهة الفساد والحفاظ على المال العام من العبث»، مشيرا إلى أن «هناك وزراء في الحكومة باتوا يشكلون عبئاً على الإصلاح والتطوير الذي ينشده المواطنون».

وأشار النصف إلى أن «كثيراً من القضايا طرحت في دور الانعقاد الماضي وكشفت تراجع أداء بعض الوزراء، وكنا نأمل أن تكون العطلة البرلمانية فرصة لهم للعودة إلى طريق الإصلاح والتطوير، إلا أن العطلة قاربت على الانتهاء ولم نلمس أي تحرك جدي».

وأوضح النصف «أن بقاء التشكيل الحكومي الحالي دون تعديل سيعقد العلاقة بين السلطتين ويدخلها في أزمات متتالية، لا سيما وأن أكثر من وزير على قائمة الاستجوابات بسبب تراخيهم في أداء وظائفهم التنفيذية».