عندما تخلصت من مكتبتي القديمة الداكنة اللون، التي كرهتها واستبدلتها بأخرى أنيقة وحديثة التصميم، وقعت في ورطة إعادة ترتيب المحتويات القديمة من كتب، تكاثرت عبر السنوات الماضية بشكل مخيف، داهمتني رغبة ملحة في التخلص مما هو زائد ولا حظوة له عندي حاليا، أمضيت يومين بيدي منشفة نصف مبللة أمسح بها عن أغلفة الكتب الصغيرة و الكبيرة غبار الزمن.
بعض الكتب لها ذكريات جميلة، والبعض الآخر لم أقرأ منه ولا صفحة، بعضها مذيل بإهداء وأخرى نسيت من أين اشتريتها، بعضها أشعر بالامتنان لاطلاعي عليها وأخرى ندمت علي تصفحها!
أعداد قديمة لمجلات ثقافية بعضها استمر، وأخرى تعثرت ولم تكمل الطريق، كتب علمية تغيرت نظرياتها وتبدلت جغرافيتها و خرائطها، وحقائق استبدلت بفعل التطور بحقائق أخرى، كتبي الجامعية الثقيلة في مجال لم أعمل به والصادرة في التسعينات، لم تعد تناسب الوقت الراهن، اكتفيت بالقاموس الطبي الضخم وكتب علم التشريح والسيكولوجي، والباقي لا حاجة لي به و لن أعود له يوما ما.
كتب تربية الطفل والأمومة وما يتعلق بها، والتي كنت أقرأها وأستخدمها بحماس نظرت لها بإشفاق، بعد ثلاثة أطفال لم أعد بحاجة لتلك النصائح القيمة. صار بإمكاني المساعدة في تأليف كتاب عن ذلك.
حاصرتني أيضا مجموعة كتب لم ترق لي عندما قرأتها، ولا رغبة لي بالاحتفاظ بها، علي سبيل المثال لا الحصر:
- رواية (يوم الدين) لرشا الأمير.
- (كأن العمر ما كانا) فاروق جويدة.
- (كرسي أزرق في نهاية البهو) أسماء يس.
-(عالم كله نساء) د.نبيل الحسيني.
- (مذكرات هرة) ابراهيم منصور.
- (ثلاث قصص) ايميليان ستانيف.
وعشرات الكتب لكتاب خليجيين ومحليين، أمتنع عن ذكر مؤلفاتهم منعا للإحراج!
مجموعة أخرى من الكتب في طفولتي ومراهقتي، عندما قرأتها استمتعت كثيرا بها لكن الآن... لا تثير فيّ سوى ابتسامة حنين، مثل مؤلفات إحسان عبد القدوس وأجاثا كريستي ودوستوفسكي وغازي القصيبي والاسكندر كوبرين وغيرها الكثير.
احتفظت بما رغبت به، والباقي قررت الاستغناء عنه ومعاملته علي أنه كالثياب القديمة، مهما ارتبطنا بذكريات معها ففي النهاية لا يمكننا لبسها إلى الأبد، سيأتي يوم ونتخلص منها من أجل مساحة كافية في الخزانة لصالح المقبل الجديد!
المجلات التي لا أعرف من أين تسللت لمكتبتي، والكثير من الكتيبات الصغيرة والأوراق غير المهمة، ألقيتها في سلة الصحف اليومية، التي كلما امتلأت اتصلت بشركة أعادة تدويرها (Challenge The Era)، لأخذها والاهتمام بها بطريقة تحمى البيئة وتجنبها قطع أشـــجار جـــديدة لصـــناعة الورق، الذي يستــــسهل الكثيرون الإلقاء به في سلة القمامة، دون إدراك أهمية اعادة تدويره و الاستـــفادة منه.
الكتب الأجنبية التي لا حاجة لي بها من كتب علمية وأدبية، سأتبرع بها لمنظمة أطباء بلا حدود (MEDECINS SANS FRONTIERES)
يجب شحنها لأبو ظبي هناك، لديهم مشروع لبيع الكتب والاستفادة من ريعها (أتمني لو كان لدينا المشروع نفسه)!
وأيضا ستبقى بعض الكتب الزائدة عن حاجتي على الأرفف، يتأرجح مصيرها ما بين البقاء أو الرحيل لصالح ما هو جديد!