أطلقوا ذاكرتهم نحو العيد في طفولتهم ... وافتقدوا روعته حالياً

فنانون وإعلاميون لـ «الراي»: «الأضحى» تحوّل ... عن «زمان أوَّل»!

1 يناير 1970 07:27 ص
«حتى العيد تحوَّل ... وصار مختلفاً كثيراً عن قبل»!

هذا - على الأقل - ما يشعر به كثيرون، معتبرين أن هناك فارقاً كبيراً بين عيد الأضحى «في زمان أول»، والعيد الذي نشهده حالياً!

«الراي» اصطحبت جمعاً من الفنانين والإعلاميين، في رحلةٍ عبْر الذاكرة، باتجاه زمن الطفولة «حيث كان عيد الأضحى يخلب عقولهم وقلوبهم بنحر الأضحيات عقب الصلاة، والرايات البيضاء التي تشي بانتظار الأهل والأقارب عودة حجاج بيت الله»!

أهل الفن والإعلام انتهزوا المناسبة، وهنأوا الكويت والعرب والمسلمين بالأضحى المبارك ... لكنهم في الوقت ذاته تحسروا على كثير من المظاهر التي افتقدوها في الأعياد «العصرية»، والتي صارت فيها «المعايدات بالرسائل الإلكترونية، وتراجعت مظاهر لمّة الأهل في أصبوحة العيد، وبهتت مظاهر الفرحة التي كانت تملأ قلوب الصغار، الذين صاروا ينشغلون بلعبهم الإلكترونية ووجباتهم السريعة عن جمال العيد ورونقه وبهجته»!

بين الفرحة العارمة، والتحفظ عن مظاهر الحداثة التي غزت العيد وانتقصت من روعته، استعادت «الراي» مع الفنانين والإعلاميين صورة «الأضحى» في ذاكرتهم التي يستحضرونها في كل عيد بمعانيها «القديمة» التي ظلت تغالب النسيان ... بالرغم من ابتعاد الزمن!

البداية كانت مع الفنان سعد الفرج الذي تحدث مسترجعاً ذكريات جميلة يفتقدها، معبراً عن حنينه إلى أيام منطقة «الفنطاس» القديمة، وقائلاً: «دائماً الغداء في يوم العيد يكون عندي في (البيت العود)، حيث يجتمع أولادي وبناتي بأسرهم وعيالهم (أحفادي الغاليين)، ويكون غداء احتفالياً جامعاً شاملاً»!

وأضاف الفرج: «لا بد أن يكون هذا الاحتفال عندي في بيتي، سواء كان عيد الفطر أو الأضحى المباركين، وهذا شيء أحرص عليه»، مستذكراً «بعض الظواهر الجميلة التي اختفت حالياً، بينما كانت قمةً في (الوناسة)، ومنها العيد في الفنطاس أيام الطفولة، والسكيك بعد صلاة العيد تنترس بالسماط وعليها صوان بها أكل وكل النعم والخيرات، تخرج من البيوت، حيث يتبادلها الجيران في ما بينهم ... فهذا البيت طابخ (مجبوس لحم)، وذلك (مجبوس دجاج)، والثالث (سمك) والرابع (محمر)، وغيرها من الأكلات الكويتية»، ومشيراً إلى «أن كل بيت كان معروفاً بطبخته»، ومتابعاً: «كانت أياماً حلوة، وكنا نقبض العيادي من الكبار، ونفرح بما نحصل عليه مهما كان قليلاً أو كثيراً ... وعساكم من عواده».

بدوره أفاد الفنان جاسم النبهان بأن فرحة عيد الأضحى مختلفة، مردفاً: «بالرغم من أن أيام الله كلها أعياد، فإن فرحة هذا العيد تختلف عن نظيرتها في غيره من الأعياد، وحالياً نحن نشهد عيد الأضحى المبارك، تجد الجميع يتسابقون للذهاب إلى السوق لجلب الذبيحة ونحرها في صباح العيد».

وتابع: «صار العيد في السنوات الأخيرة مغايراً كثيراً عن السابق، فالحياة قديماً كانت بسيطة جداً، فلا أستطيع نسيان أجمل اللحظات عندما يطل علينا عيد الأضحى، إذ كنا نستعد له أتم الاستعداد، ونذهب إلى السوق لشراء ملابس العيد وبعض الحلويات البسيطة، وكذلك نشتري خروف الأضحية وبعد الصلاة ونحر الأضحية، نتوجَّه لزيارة الأهل والأقارب في الصباح الباكر».

النبهان أكمل: «أما في زمننا الحالي، فلم نعد نرى معظم هذه العادات التي انقطعت وأصبحت من الماضي، فالعيد يمر على الكثير من الناس مرور الكرام، خصوصاً فئة الشباب، إذ تجد الكثيرين منهم لا يستيقظون من النوم إلا بعد صلاة العصر، وبعدها يذهبون إلى المجمعات والأماكن الترفيهية»، ولافتاً إلى «أن الغالبية العظمى أصبحوا يعيِّدون على أهلهم وأقاربهم عن طريق (المسجات)، والبعض منهم انقطع به الوصل مع أفراد عائلته وأقاربه، ومنهم من لا يزورنهم لمعايدتهم في هذه المناسبة».

النبهان تذكَّر «عندما كان الاحتفال بالحجاج مغايراً، فحين كان شخص يؤدي فريضة الحج كان عدد من أفراد عائلته يهمون باستقباله في حفاوة بالغة، إلى درجة أنهم يذهبون إلى الحدود لاستقباله، فقد كان الناس يشعرون بفرحة رجوع الحجاج إلى منازلهم أفضل بكثير من هذا الوقت»، متحسراً على «أن كثيراً من الناس لم يعودوا يكترثون، بل لا يعلمون بأن أحد جيرانهم أو من أقاربهم قد ذهب إلى الحج»!

في السياق ذاته قال الفنان طارق العلي: «إن عيد الأضحى هو العيد الكبير، وهو مناسبة كبيرة وحلوة تتضمن ظواهر محببة إلى النفس، مثل الحج والصلاة والنحر»، مردفاً: «كنا في الماضي نحرص عند كل عيد على تجهيز أنفسنا، فنرتب الدشاديش، وكنا نتفقد أصحابنا، وطوال أيام العيد ننتظر العائدين من الحج، وكان هذا جواً مفعماً بالمشاعر في حد ذاته»، ومكملاً: «أتذكر إلى الآن بيت جيراننا (بو فهد)، كنا نذهب إليهم الساعة الحادية عشرة. وكنا نحرص على الأضحية بالخرفان، وتصبح زحمة في البيوت لتوزيع بركة عيد الأضحى».

العلي أكمل: «كان كل منا (يتنقص) للآخر من اللحم، فكما هو معروف، عيد الأضحى هو عيد اللحم، وكنا صغاراً نحرص على جمع (العيادي)، ونذهب إلى (الديارف) ... وحتى طموحاتنا كانت بسيطة - عكس الأطفال والشباب حالياً، حيث يشترون أشياء غالية - وكانت العادة التي نحرص عليها زيارة الأهل، وكنا نشعر جميعاً بأن (لمّتنا بالدنيا)»!

وعما يلاحظه من اختلافات بين العيد «زمان والحين»، واصل العلي: «العيد اختلف كثيراً ... كبرنا وكبرت الدنيا معنا، وأعتقد أن القناعة ذهبت ولم تعد موجودة عند الأطفال اليوم»، مستطرداً: «كنا في أيام طفولتنا نفرح ونرضى بعيدية قدرها مئة فلس، واليوم نعطي الطفل خمسة دنانير يطالعنا بعينين غاضبتين، وأتمنى أن تعود القناعة إلى الكل، لأنها بالفعل كنز لا يفنى»!

في الإطار نفسه، أوضحت الفنانة أحلام حسن أنها تحرص في الأعياد على تقديم العيدية إلى الجميع، وهي تدرك أنهم ينتظرونها بشغف، مكملةً: «فالصغار مهما أعطيتهم من مال، تبقى للعيدية في نفوسهم نكهتها الخاصة ... كما أحرص أيضاً على معايدة الكبار وإعطائهم عيدية رمزية كنوع من أنواع رسم البهجة، ليس إلا»!

وبسؤالها عما تفتقده من العادات التي انقرضت في أيامنا أجابت حسن: «أنا بصراحة، أقضي أيام العيد دائماً في المسرح، لذلك لا تُتاح لي الفرصة ولا يتوافر لديّ الوقت لأتابع ما هو مفقود لدينا من عادات وطقوس في أيام العيد»، مختتمةً بقولها: «أنتهز هذه الفرصة لمعايدة الكويت وشعبها وجميع الأمة العربية، بقدوم العيد أعاده الله علينا جميعاً بخير وسلام».

من زاويته، تحدث الفنان خالد البريكي إلى «الراي» عن رؤيته لعيد الأضحى قائلاً: «عيد اللحم، وبلا شك هو عيد الحُجاج، وعيد الأضحى يبدأ فترة الضحى، عكس عيد الفطر الذي يبدأ منذ صلاة الفجر»، مكملاً: «من الأمور التي أحرص عليها اللمة العائلية، ويكون الغداء مع الأهل، وكم أحنُّ إلى الماضي الجميل، حيث كان أصحاب البيت الذين لديهم حاج أو حاجَّة، يضعون رايةً بيضاء على البيت، إشارة على أن لديهم حجّاجاً»، مواصلاً «أن هذا المنظر اختفى، وكم كان جميلاً، ومنظر الراية البيضاء يسر النفس، وكان الجميع ينتظرون بانشغال عودة الحجيج، أما الآن فكل شيء أدركه التطور، وصار سهلاً ومتاحاً، وأخبار الحجاج تصل إلينا بالثانية، أما في الماضي فكنا لا نعرف شيئاً عنهم، ما يضاعف من شوقنا إليهم، ومن الأمور المهمة معايدة الأهل وإعطاء (عيالنا) العيدية التي تسهم في صنع الإشراق على وجوههم صباح العيد»!

وعما إذا كان الفنان البريكي يمكن أن يتقاضى عيدية من أحد زملاء المهنة، قال: «ليس هناك سوى أخي الفنان طارق العلي، أطلب منه العيدية»!

في الإطار نفسه بادر الفنان مشاري البلام «الراي» بقوله: «الزمن تغيّر ... وراح عيد الطيبين»، متابعاً: «مع الأسف أرى أن الناس حالياً لم يعودوا يحرصون على لمّة الأهل والأقارب أثناء الأضحية، خصوصاً الأطفال، إضافة إلى معايدة أفراد العائلة صباح يوم العيد»!

البلام أشار إلى حرصه الشديد هو وأفراد أسرته «على أداء صلاة العيد، ورؤية فرحة الأطفال أثناء احتشادهم خارج المسجد وأصواتهم تتعالى مستبشرةً وضاحكةً، فيما يختالون بثيابهم الجديدة»، متابعاً أنه يحرص أيضاً على ذبح الأضحية، واصفاً هذه الشعيرة بأنها تُعتبر من أسعد اللحظات إليه، ولافتاً إلى أنه بالرغم من انشغاله بالعروض المسرحية في الأعياد وذهابه إلى المسرح يومياً في المساء، فإنه يحرص دائماً على معايدة الوالدين والأهل، متمسكاً بصلة الرحم في هذه الأيام المباركة.

في هذا المضمار، تحدثت الفنانة غدير السبتي عن عاداتها التي تحرص عليها في عيد الأضحى المبارك، فذكرت: «لابد في صباح عيد الأضحى أن أجتمع على مائدة الإفطار مع أبنائي، وأهلي وإخوتي، وأحرص على وجود (الدرابيل) و(قرص عقيلي)، وهي حلويات كويتية قديمة، كما أتمسك بتهنئة المقربين مني».

وعن الأمور التي تفتقدها وتشتاق إليها قالت السبتي: «لي ذكريات في بيتنا القديم في الطفولة، بيت أهلي وجيراننا وذبائح الخرفان، كنا نشعر بالفعل بمظاهر العيد»، مكملةً: «لكن بعدما كبرتُ وعشتُ مع أبنائي في بيت مستقل، صرتُ أفتقد جونا القديم وأشتاق إليه كثيراً».

وعمّا إذا كانت تريد إعطاء هدية لإحدى زميلاتها، وتطلب عيدية بالمقابل من زميلة أخرى أجابت ضاحكةً: «أعطي صديقتي ونصفي الآخر مروة بن صغير، وحقيبتي وما فيها لها، فمروة صديقة لا تقدَّر بثمن، وأطلب عيديتي - عبر (الراي) - من صديقتي بثينة الرئيسي، أريد منها مئة دينار كاملة».

في المناسبة نفسها قالت الفنانة العراقية ميس قمر: «أحرص على وجود البيتزا، فهي مهمة جداً بالنسبة إليّ، وأحرص على مباركة جميع معارفي، لدرجة أن ينتهي من عندي الرصيد ويتوقف الإنترنت بسبب التبريكات، ومن العادات التي أفتقدها وأحنّ إليها جَمعة أهلي القديمة»، مكملةً: «أنا عاشقة متيمة للجمعات العائلة، لكن في ظل السفر الدائم صار كل شخص في مكان، لكنني أحرص على أن أبارك لهم الأعياد والمناسبات، خصوصاً عيدي الفطر والأضحى».

ولمن تعطي عيدية؟ وممن تأخذ عيديتها؟ أجابت: «سوف أهدي الفنان عبدالحسين عبدالرضا باقة من الورد، وأطلب عيديتي من الفنان العراقي سعد خليفة»، مردفةً: «أنتهز الفرصة كي أبارك اليوم لكل الذين أحبهم، ولكم مني أجمل تحية ... عيوني يا (الراي)».

على هذا الصعيد استهلت الفنانة أمل محمد حديثها بالقول: «في الحقيقة أيام الماضي الجميل لا تعوَّض، ولا نستطيع الرجوع إليها إلا من خلال الذاكرة، أما في أيامنا الحالية، خصوصاً في الأعياد - ومن بينها عيد الأضحى المبارك - فقد اختلفت الاحتفالات كثيراً وصارت مظاهر العيد (باهتةً) مع غزو تكنولوجيا التواصل الحديثة»!

وأضافت: «عندما أرى طريقة المعايدة في أيامنا الحالية بين الشباب أتعجب كثيراً، حيث أصبح الشباب الآن يعتمدون اعتماداً كلياً على النقال سواء بالمكالمة أو بالرسائل القصيرة، لكي يعايدوا الآخرين، بينما في السابق كنتَ ترى الجميع سواء من الأسرة الواحدة أو الأقارب أوالجيران يجتمعون في هذا اليوم، والجميع ينتهزون المناسبة ليزور كل منهم الآخر، ويتبادلون التهنئة والسؤال عن الأحوال».

وتابعت: «أما الآن، فقد فقدنا روح الأسرة والعائلة ولمة الأهل مع سخافة التكنولوجيا الحديثة»، لافتةً إلى فقدانها فرحة ذبح الخراف ابتهاجاً بصباح العيد، «حيث كنا (نعزم) الجيران والأقارب إلى مأدبة غداء، كي يشاركونا في هذه المناسبة لجمع شمل أبناء الأقارب والأصدقاء، وحالياً ذابت هذه البهجة، ووصل بنا الأمر إلى أن نرى مائدة الطعام (فاضية)، بينما يعتمد الكثيرون على الوجبات السريعة، أو المطاعم التي تحضر مأدبة عيد الأضحى»!

من زاويته، بدأ المذيع مشعل الشمري حديثه إلى «الراي» قائلاً: «عيد أضحى مبارك على الجميع»، متابعاً: «أحرص على زيارة الأهل وكبار العائلة في العيد، ولأنني حالياً في دولة قطر أقدم البرامج هنا، أحرص على زيارة المجالس والأصدقاء في الدوحة، وعادتنا الخليجية هي زيارة الأهل ولمة الأقارب، كما أن الصلاة في المسجد من الأمور التي أحرص عليها منذ الصغر، وكذلك تبادل الأضحية والعيادي».

الشمري واصل: «كم أشتاق إلى الماضي، حيث كانت الجَمعات تطول، وزيارة الدواوين، أما الآن فمشاغل الحياة أصبحت تحكمنا حتى في الوقت الذي صرنا نحسبه بالدقائق، فالجميع صاروا منشغلين، والارتباطات تحيط بنا وتقيدنا»! وبسؤاله عن الشخص الذي يتمنى أن يعايده الآن، وممَّن يأخذ عيدية أجاب الشمري: «لا أريد عيادي ... بل أتمنى أن أحضر في بلدي الكويت كي أعايد ابنتي الغالية ... فلها عيناي وقلبي».

• خالد البريكي: أحنُّ إلى «الراية البيضاء» التي تُعلَّق دليلاً على سفر الحجّاج

• جاسم النبهان: انقطعت حالياً معظم عاداتنا في عيد الأضحى

• سعد الفرج: أتذكَّر «وناسة» العيد في الفنطاس القديمة ... وتبادل الطعام بعد الصلاة

• طارق العلي: كبرنا وكبرتْ معنا الدنيا ... والقناعة غابت لدى الأطفال

• مشاري البلام: تغيَّر الزمن ... و«راح عيد الطيبين»!

• أحلام حسن: أحرص على إعطاء «العيدية» للصغار والكبار أيضاً

• ميس قمر: باقة ورد لعبدالحسين عبدالرضا ... وأتوق إلى جَمْعة الأهل

• غدير السبتي: أسترجع ذكريات بيتنا القديم وذبح الخرفان

• أمل محمد: اختلفتْ احتفالات الأعياد وسط «سخافة» التقنيات العصرية

• مشعل الشمري: أتمنى الحضور في الكويت لأعايد ابنتي الغالية