يوم النحر ويوم الحج الأكبر ويوم الأذان ببراءة الله ورسوله من كل مشرك
اليوم عيد... آخر «المعلومات» وأول «المعدودات»
اعداد:عبد الله متولي
1 يناير 1970
05:59 ص
• العيد موسم فرح وسرور وأفراحنا وسرورنا في الدنيا إذا فزنا بإكمال الطاعة وحزنا ثواب أعمالنا بفضل الله ومغفرته
•في هذا اليوم المشهود يتقرب العباد إلى ربهم بإراقة دماء الأضاحي والهدي وهذا من أفضل القربات وأجل الطاعات
•فضل الله يوم النحر بأن جعله يوماً من أيامه المشهودة وهو عيد من أعياد المسلمين وهو أعظم أيام العام عند الله تعالى
تعيش الأمة الإسلامية في هذه الأوقات أياماً شريفة، وليالي فاضلة، وأزمنة عامرة بذكر الله عز وجل وشكره، وموسماً عظيماً من مواسم طاعة الله وعبادته.
هاهم حجاج بيت الله الحرام قد وفدوا على مكة من شتى بقاع الأرض جواً وبحراً وبراً يجسدون مشهداً رائعاً من مشاهد العبودية، يستمطرون رحمة الله ويستجلبون عفوه ومغفرته، ويسألونه من فضله، ويتوجهون إليه بالذكر والدعاء والاستغفار والمناجاة، معترفين بالذل والعجز والفقر والمسكنة، صارفين كل معاني العزة والقوة، والسلطان والغنى والعلو لله تعالى وحده لا شريك له.
الله أكبر الله أكبر الله اكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أقبل علينا يوم عظيم من أيام الله، وهو خير أيام السنة عند الله، يوم يشترك المسلمون جميعاً فيه بالفرح والسرور، يجتمعون على ذكر الله وتكبيره والصلاة له ثم يذبحون عقب ذلك نسكهم، ويقربون قرابينهم بإراقة دماء أضاحيهم، فيكون ذلك شكر منهم لهذه النعم.
العيد موسم فرح وسرور، وأفراحنا – نحن المسلمين – وسرورنا في الدنيا إنما هو بخالقنا ومولانا، إذا فزنا بإكمال الطاعة، وحُزنا ثواب أعمالنا بفضل الله ومغفرته كما قال تعالى: «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون».
قال ابن القيم – رحمه الله -: يوم النحر هو يوم العيد، وهو يوم الحج الأكبر، وهو يوم الأذان ببراءة الله ورسوله من كل مشرك. قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر). ويوم القر: هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر.
فيا أمة الإسلام: إن يومكم هذا يوم عظيم، هو يوم الحج الأكبر، وهو آخر الأيام المعلومات، وأول الأيام المعدودات، في هذا اليوم العظيم يجتمع الحجاج ليؤدوا فيه معظم مناسك الحج، ويتقربوا إلى الله، فيه يرمون الجمرة الكبرى، وينحرون الهدايا، فيه يحلقون رؤوسهم، ويطوفون بالبيت العتيق، ويسعون بين الصفا والمروة بسكينة وتحقيق، في هذا اليوم يشترك الحجاج وغير الحجاج بإراقة دماء الهدي والأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل، قال تعالى: «لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم».
فضل يوم النحر
لقد فضل الله يوم النحر بأن جعله يوماً من أيامه المشهودة، وهو عيد من أعياد المسلمين، كما جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يومُ عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهلُ الإسلام …).
وهو أعظم أيام العام عند الله تعالى، كما جاء في حديث عبد الله بن قُرْط رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أعظم الأيام عند الله تعالى يوم النحر، ثم يوم القَرِّ). ويوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر؛ لأن الناس يقرون بمنى.
فهو أفضل أيام العام؛ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «أفضل أيام العام هو يوم النحر، وقد قال بعضهم: يوم عرفة، والأول هو الصحيح؛ لأن فيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره: كالوقوف بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة وحدها، والنحر، والحلق، وطواف الإفاضة، فإن فعل هذه فيه أفضل بالسنّة واتفاق العلماء».
ويقول ابن القيم رحمه الله: «فخير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر».
وقد جاء تسميته بـِ: «يوم الحج الأكبر» في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} (سورة التوبة).
وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر في الحجة التي حج فيها، فقال: (أي يوم هذا؟) فقالوا: يوم النحر، فقال: (هذا يوم الحج الأكبر).
في هذا اليوم المشهود يتقرب العباد إلى ربهم بإراقة دماء الأضاحي والهدي، وهذا من أفضل القربات، وأجل الطاعات، فقد قرن الله الذبح بالصلاة، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (سورة الكوثر:2)، وقال جل وعلا: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (سورة الأنعام:161، 162).
أحكام وآداب عيد الأضحى
الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا - صلى الله عليه وسلم - لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحب فعلها أو قولها في يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها في نقاط هي:
التكبير:
يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال - تعالى -: ((واذكروا الله في أيام معدودات)). وصفته أن تقول: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) و جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
ذبح الأضحية:
ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى عليه وسلم:«من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح» رواه البخاري ومسلم،. ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«كل أيام التشريق ذبح». انظر: السلسلة الصحيحة برقم 2476.
الاغتسال والتطيب للرجال:
ولبس أحسن الثياب من دون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد من دون تبرج ولا تطيب، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.
الأكل من الأضحية:
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته. زاد المعاد 1/ 441.
الذهاب إلى مصلى العيد ما شياً أن تيسر:
والسنة الصلاة في مصلى العيد إلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلى في المسجد لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة: والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة لقوله - تعالى -: ((فصل لربك وانحر)) ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيَّض والعواتق، وتعتزل الحيَّض المصلى.
مخالفة الطريق:
يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
التهنئة بالعيد:
لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:
* التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص يقول التكبير.
* اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.
* أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يضحي من أراد الأضحية لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
* الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله - تعالى -:((ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)) الأنعام: 141.
وختاماً: لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم. نسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام - أيام عشر ذي الحجة - عملاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم.