طاولة الحوار تنعقد في 6 و7 و8 اكتوبر في جلسات متتالية قبل الظهر وبعده

المساعي لإحداث خرْق في لبنان على محكّ «التعقيدات الأخيرة»

1 يناير 1970 07:12 م
شكّلت مشاركة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في الجولة الثالثة من «حوار الإنقاذ» التي انعقدت، امس، بدعوة من رئيس البرلمان نبيه بري المؤشر الأبرز الى جدية المساعي الرامية الى تفكيك عقدة ملف العميد شامل روكز (صهر عون)، وبدء أطراف عدة تكييف خطواتها وفق مقتضيات «رقعة الشطرنج» الجديدة التي ترتسم في المنطقة، انطلاقاً من الدخول الروسي «الوازن» على الأزمة السورية.

ذلك ان حضور العماد عون شخصياً الى «الحوار 3» في مقر البرلمان الذي واكبته مجدداً مجموعات الحِراك المدني باعتصام رمزي في وسط بيروت، وذلك بعدما كان عزف عن المشاركة في الجولة الثانية الاربعاء الماضي وأرسل صهره رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل، اعتُبر العنصر الأبرز في الجلسة التي استكملت مناقشة بند رئاسة الجمهورية، وقدّم خلالها مختلف الاطراف، اقتراحات تعبّر عن رؤيتهم لكيفية الخروج من الأزمة، وإنهاء الفراغ الرئاسي.

وقد كرّرت قوى 14 آذار في هذا السياق موقفها الداعي الى التزام الدستور والنزول الى البرلمان وانتخاب رئيس على ان يلي ذلك تشكيل حكومة يمكن ان تكون انتقالية تضع قانوناً جديداً للانتخاب وتشرف على الانتخابات النيابية من أجل إعادة تكوين السلطة، في مقابل تمسُّك العماد عون بمنطقه المنطلق مما يعتبره تمديداً غير شرعي للبرلمان ومن وجوب انتخاب الرئيس القوي الذي أفرزته الانتخابات النيابية الاخيرة (اي هو) وإلا تعديل الدستور لانتخاب الرئيس من الشعب او إجراء انتخابات مبكرة تفرز برلماناً جديداً يتولى إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وفي موازاة التطوّر البارز الذي عبّر عنه الإعلان عن جلسات متتالية للحوار قبل الظهر وبعده ايام 6 و 7 و 8 اكتوبر المقبل للبحث في مواصفات الرئيس العتيد للجمهورية وقانون الانتخاب، تم التعاطي مع تراجُع العماد عون عن قرار العزوف عن المشاركة في الطاولة، وتالياً تعليق اي نية له بالمقاطعة الكاملة للحوار، على انه في إطار ملاقاة المناخات الايجابية التي سادت في الساعات الأخيرة على خط ملف العميد روكز، وسط معلومات عن اختراقٍ ما تَحقق، وما زال يحتاج الى تدوير زوايا، على صعيد الصيغة التي يجري العمل عليها من خلال الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط و«تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري)، وتقوم على ترفيع ثلاثة عمداء إلى رتبة لواء، من بينهم روكز، وتثبيت أعضاء المجلس العسكري (يتألف من خمسة ضباط برتبة لواء وبرئاسة قائد الجيش العماد جان قهوجي).

وبعد الحماسة التي أبداها الرئيس بري لهذا المخرج ووضْع ثقله مع جنبلاط في محاولة لضمان بلوغ التسوية خواتيمها السعيدة، اعتبرت أوساط سياسية عبر «الراي» ان عون وجد انه لا بد من ملاقاة رئيس البرلمان - الذي تجري مقاربة موقفه على انه يعكس قراراً من «حزب الله» برصّ صفوف فريق 8 آذار مواكَبةً للوقائع الجديدة في سورية - عبر توجيه رسالة حسن نية له من خلال تدعيم «وعاء الحوار» الذي يُعتبر بري «عرّابه»، وتالياً تفادي فرْطه، فيما لو كرّر زعيم «التيار الحر» عزوفه عن الحضور.

وتشير هذه الاوساط الى ان الاتصالات لتوفير المخرج الذي يضمن بقاء روكز في نادي المرشّحين لقيادة الجيش، بما يفتح حكماً باب ايجاد حلّ للازمة الحكومية العالقة عند عدم التوافق على آلية اتخاذ القرارت في مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية وايضاً الإفراج عن العمل التشريعي في البرلمان، هي الأكثر جدية منذ بدء إثارة ملف روكز، معتبرة ان الجميع تقريباً سلّموا باستحالة كسْر حلقات التأزم من دون إعطاء شيء ما للعماد عون، وإن كانت بعض الدوائر السياسية تتعاطى مع اي «انتصار» يحققه زعيم «التيار الحر» في قضية صهره على انه قد يكون «تعويضاً استباقياً» عن اي تسوية رئاسية يمكن ان تأتي على حسابه، في مقابل اعتبار مصادر أخرى ان مثل هذا «الانتصار» لن يجعل عون إلا أكثر «شهية» لتحقيق «الفوز الاكبر» الذي يرمي اليه وهو الكرسي الرئاسي، مستشهدة بالقرار الذي اتخذه «التيار الحر» بالتظاهر امام القصر الجمهوري في 11 الشهر المقبل.

وبحسب الأوساط نفسها، فان الحسابات الرئاسية لا تغيب عن المخرج المقترح لترقية روكز، لافتة الى ان الاتصالات التي سيتولاها بري مع العماد جان قهوجي لتبديد تحفظات المؤسسة العسكرية عن مسألة الترقيات باعتبار انها تفتقد الى معيار واضح وقد تؤثر في هرَمية المؤسسة، قد لا تكون بعيدة عن الملف الرئاسي، بمعنى ان تسهيل الحلّ في قضية صهر عون يمكن ان يُقرأ ايضاً من ضمن تعزيز «نقاط» قائد الجيش الرئاسية، هو الذي يُعتبر من أقوى مرشحي التسوية. علماً ان عقدة ثانية غير سهلة ما زالت تعترض التفاهم على ملف روكز وتتمثل في الموقف المعترض لوزراء الرئيس ميشال سليمان وبينهم وزير الدفاع سمير المقبل وسط معلومات عن مساعٍ يمكن ان يبذلها تيار «المستقبل» مع سليمان متى اكتملت حلقات «سلة» التوافق (على قضية روكز والحكومة والبرلمان) التي نوقشت امس في خلوة على هامش جلسة الحوار وضمت كلاً من بري والرئيس تمام سلام وعون وجنبلاط والرئيس فؤاد السنيورة والنائب محمد رعد.

ولم تغفل هذه الأوساط إشارة بارزة جرى التعبير عنها أمس في معرض الاضاءة على حيثيات مشاركة عون في الحوار وتتصل برغبته في إبقاء جسور التواصل قائمة مع مختلف المكونات اللبنانية عبر «طاولة بري» التي يمكن ان تشكّل «الحاضنة» لإنهاء الفراغ الرئاسي، ولا سيما وسط تقاطُع المعلومات عند ان زعيم «التيار الحر» يعتبر ان التحولات في سورية تصبّ في نهاية المطاف في خانة زيادة حظوظه الرئاسية. ذلك ان صحيفة «النهار» نقلت عن جهات في 8 آذار ان الرئيس بشار الأسد بعث برسالة الى عون قبل اسابيع مضمونها: «اصمد الى أكتوبر المقبل وستلمس مفاجآت».

وفي حين تتّجه الأنظار الى إطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيّد حسن نصر الله مساء بعد غد على شاشة «المنار»، برزت المعلومات عن اتجاه للسير خلال الساعات الـ 72 المقبلة بخطة النفايات التي وضعها وزير الزراعة اكرم شهيب بمعزل عن بعض الاعتراضات من هنا وهناك على اقامة مطامر في عكار والسلسلة الشرقية ومعاودة استخدام مكب برج حمود، وهو ما تمّ التعاطي معه ايضاً على انه من الاشارات الايجابية التي يمكن ان تلاقي المسار المتصل بملف روكز.