سلام إلى نيويورك في 24 الجاري وهولاند يزور بيروت أوائل اكتوبر
الحوار والشارع «وجهاً لوجه» في لبنان اليوم
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
07:12 م
اكتملت معالم مشهد مشدودٍ الى أقصى درجات الإثارة والترقّب وربما يكون مفتوحاً على كثيرٍ من المفاجآت في الساعات المقبلة في ظل تَحوُّل موعد الحوار الذي ستنعقد جولته الاولى قبل ظهر اليوم في مبنى البرلمان اللبناني في ساحة النجمة الى موعد آخر للاحتشاد الاحتجاجي في الساحات والشوارع اللصيقة في وسط بيروت.
وعشية 9 سبتمبر، الذي بات يشكل موعداً تراكمياً آخر للحركة الاحتجاجية المدنية يُعتقد انه سيقارب بحشده يوم التظاهرة الكبيرة لهذه الحركة في 29 اغسطس المنصرم، اتخذ حبس الأنفاس ذروته نظراً الى السباق الحارّ الجاري بين الاستعدادات لإنجاح الحشد من جهة والتحضيرات السياسية لجعل الحوار خطوة انفراج سياسية من جهة ثانية.
واذا كان المعنيون بالحوار من سائر الجهات يرفضون إسباغ طابع المواجهة بين المتحاورين السياسيين وبين الحشد الاحتجاجي الذي سيعتصم بالتزامن مع الحوار ومن ثم ينظم تجمعاً كبيراً مساءً بعد انتهاء اولى جلساته، فان الوقائع تدلّ على ان المواجهة ستبرز كعنوان أساسي في ساحات الاعتصام والتغطية الاعلامية الواسعة المحلية والخارجية التي ستكون ساحات وسط بيروت ومبنى مجلس النواب مسرحاً مفتوحاً لها اليوم.
وعلى مستوى الاستعدادات للحوار، وقبل ساعات من انطلاقه، بدا من الصعوبة التكهن بالمسار الذي ستسلكه هذه التجربة الجديدة، التي تُعتبر الثالثة منذ العام 2006 بعد تجربة أولى في مجلس النواب في ذاك العام، ومن بعدها جولات الحوار في قصر بعبدا خلال ولاية الرئيس ميشال سليمان، علماً ان ثمة مَن يضيف الى سلسلة التجارب الحوارية مؤتمر الدوحة الذي انعقد اثر عملية 7 مايو 2008 المسلحة التي قادها «حزب الله» في بيروت.
ويحضر الجولة الاولى اليوم 16 مدعواً الى الحوار برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري فيما يقاطعه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وستشكل الجولة الاولى وفق ما يقول مدعوون الى الحوار لـ «الراي» الاختبار الأولي للتفاعل الذي سيحصل بين أجندات وروزنامات متناقضة حول الأولويات المتلازمة، التي ضمّنها بري جدول أعمال الحوار والتي من أبرزها الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخابات النيابية وتفعيل العمل الحكومي والبرلماني وقانون استعادة الجنسية ودعم الجيش.
ويشير هؤلاء الى ان الجميع يدركون ان لكل فريق اجندته المختلفة عن الآخر، ولكن الرهان بات الآن على امكان ان تَجمع الاطراف رؤية مشتركة الى الأخطار المتصاعدة بقوة في البلاد والتي فجّرت التحركات الاحتجاجية للمجتمع المدني واجتذبت دعماً شعبياً واسعاً يعكس حجم الغضب الشعبي التصاعدي من القصور والعجز والفساد لدى الطبقة السياسية.
وسيكون الحوار من هذه الناحية الاختبار الأقوى لإمكان تجاوز القوى السياسية تناقضاتها وانقساماتها، ولكن ثمة شكوكاً كبيرة في امكان تخطي هذه الاجندات المتناقضة للتوافق مثلاً على اولوية الانتخابات الرئاسية او التوافق على قانون الانتخابات النيابية، وخصوصاً ان ملامح حذر أحاطت بفريق 14 آذار لدى تلميح الرئيس بري الى احتمال القفز فوق اولوية الانتخابات الرئاسية الى الانتخابات النيابية. علماً انه نُقل عن مصادر في «تيار المستقبل» الذي يقوده الرئيس سعد الحريري ان «أولوية التيار في الحوار انتخاب رئيس للجمهورية ونقطة على السطر»، فيما كانت مصادر في كتلة «المستقبل» تشير الى ان هذا الفريق ليس في وارد اكمال جلسات طاولة الحوار إذا لم يتم الاتفاق على بند انتخاب الرئيس، «وستضطر عند ذاك إلى الانسحاب من الجلسات»، مشيرة إلى ان هذا الموقف يسري على كل مكونات قوى 14 آذار.
اما على صعيد التحركات الاحتجاجية، فقد بدت اوساط معنية بالجانب الأمني من هذا اليوم مطمئنة نسبياً الى استبعاد مواجهات او اختراقات في ظل الاستعدادات الكثيفة التي ستتخذها قوى الامن الداخلي مدعومة بالجيش في الصفوف الخلفية للحفاظ على المنطقة الامنية المحيطة بمجلس النواب من جهة، وعلى أمن المتظاهرين من جهة اخرى.
ولم تحجب وقائع الحِراك السياسي والتحرك في الشارع أهمية الزيارة التي اعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند انه سيقوم بها لبيروت بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ستشكّل ترجمة عملية لعودة البلاد الى سلّم الاولويات الدولية انطلاقاً من المخاوف التي أيقظتها الاحتجاجات من وقوع لبنان في فخ الفوضى والتي جعلت مجلس الامن والاتحاد الاوروبي يرفعون شعار «الانتحابات الرئاسية الآن».
والأكيد ان زيارة هولاند، التي يرجّح ان تحصل اوائل اكتوبر من شأنها تزخيم الاهتمام بلبنان وسط معلومات غير مؤكدة عن ان هذه المحطة ستواكبها اتصالات مع ايران والسعودية وان الفاتيكان يبارك الزيارة والجهود التي تبذلها باريس في محاولة لإخراج البلاد من «عنق الزجاجة»، رغم القناعة بأن معاودة مدّ الجسور بين الرياض وطهران عقب انتهاء استحقاق تمرير الاتفاق النووي في الكونغرس دونه تعقيدات عدة تتصل بملفات المنطقة المتشابكة من اليمن الى سورية التي تزداد الصعوبات المتصلة بامكان إنهاء الحرب فيها بالمدى المنظور.