د. وائل الحساوي / نسمات / كادر لكل موظف

1 يناير 1970 10:06 م

نخطئ إذا اعتقدنا بأن اضراب الطيران المدني او غيره قد شل البلد، والحقيقة هي ان تلك الاضرابات قد كشفت حقيقة بلد مشلول منذ زمن طويل بسبب التخبط في سياسات حكومته، وعجزها عن استيعاب الواقع وطرق التعامل مع الفوائض المالية التي انعم الله بها عليها، أقول هذا الكلام لأني أشعر بأن «مسباح» الحكومة قد انقطع وبدأت الخرزات بالانتشار، فزيادة أي كادر دون الكادر الآخر ليس لها ما يبررها، وكل تخصص لا شك بأهميته حتى عمال النظافة الذين لا بقاء لنا داخل البلاد من دونهم وحتى حفاري القبور وغيرهم، ومن شأن الرضوخ للفئة التي تهدد باستقالتها وبالاضراب او الاعتصام دون الفئة المسالمة ان يفتح باب الجحيم على البلد كما يحدث اليوم.

لقد ذكرنا مراراً بأن سياسة ديوان الخدمة االمدنية في اقرار الكوادر هي سياسة خاطئة تقوم على نظرية ليّ الذراع والتهديد أكثر مما تقوم على دراسة واعية لحاجة البلد من التخصصات ومقارنتها بالدول المجاورة، ومن شأن ذلك التخبط ان يؤدي في النهاية إلى صرف ميزانيات ضخمة لإرضاء بعض الفئات على حساب التخطيط المالي السليم وكذلك زيادة سخط كثير من الموظفين الذين لا تتم مساواتهم بزملائهم الآخرين.


وماذا عن إخواننا في هيئة التعليم؟!

في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب قام ديوان الخدمة المدنية مشكوراً بإقرار كادر أعضاء هيئة التدريس وزادهم زيادات مرضية فاحتج بعض المدرسين ممن لا ينطبق عليهم الكادر ويعملون في كليات الهيئة واعتصموا، فرضخ الديوان لمطالباتهم وأدخلهم في كادر التدريب (التابع للمعاهد) فزال الغبن الواقع عليهم، ولكني أشعر بالحزن لإخوان وأخوات لنا في ديوان الهيئة من موظفين وإداريين ومديرين وغيرهم ممن يعملون بجد لخدمة أعضاء هيئة التدريس، لكنهم لا يتقاضون الا جزءاً بسيطاً من رواتبهم ومكافآتهم، وقد يبذلون جهوداً أكبر بكثير من اعضاء هيئة التدريس، وهم من يحولون رواتب الهيئة التدريسية شهرياً إلى حساباتهم ثم يرون انفسهم بعيدين كل البعد عن المساواة بهم، لا شك ان في ذلك ظلماً مضاعفاً على تلك الفئة، وان الوقت قد حان للاستماع إلى مطالبهم، وتعديل رواتبهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر أشد التحذير ممن يشبع بينهما جاره جائع.


الظلم على الجميع عدل

مع ان الاقتصاديين يحذرون من زيادة الرواتب خمسين او مئة دينار لجميع الموظفين، وأن التجار سيبتلعونها عن طريق زيادة الأسعار، لكنني ارى ذلك الحل أسلم بكثير من الانتقائية القائمة اليوم في توزيع الكوادر «على ناس وناس»، وبالمقابل الانتقائية القائمة على اسقاط قروض بعض المواطنين ممن غامروا واستلفوا من البنوك وأخذوا قروضاً ربوية، بينما المواطنون الذين «مشوا عند الساس» ولم يستدينوا حتى مع حاجتهم الماسة لذلك، فإذا كانت أموال البلد يتم توزيعها على المواطنين ولا بد فلتكن تلك الغنيمة للجميع من دون تفرقة.


إذا حبتك عيني!!

يحدثنا وكيل وزارة مساعد بأنه وبعض زملائه قالوا لوزيرهم وقبل ان يدخل إلى اجتماع مجلس الخدمة المدنية: لماذا لا تطالب لنا بالكادر الفلاني؟! فقال لهم: أبشروا، وبعد انتهاء الاجتماع جاء يبشرهم باعتماد الكادر المطلوب.

وقد تناقشت مع وزير سابق من اعضاء مجلس الخدمة المدنية أخذ يهاجم المطالبين بإقرار كوادر مالية لا يستحقونها وان في ذلك هدراً لأموال البلد، فقلت له: إذاً لماذا أقررتم كادر الجيش والشرطة سابقاً؟ فقال: هذه أوامر عليا لا نستطيع رفضها، فقلت له: إذاً فالعملية لا دخل لها بهدر الأموال ولكن بقانون «إذا حبتك عيني ما ضامك الدهر».




د. وائل الحساوي

[email protected]