احتضان دولي للحِراك اللبناني تحت عنوان انتخاب رئيس
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
07:17 م
شكّلت عودة لبنان الى سلّم الاولويات الدولية،عاملاً بارزاً في المشهد السياسي المشدود في بُعده الداخلي الى سباق محموم بين الحِراك الاحتجاجي تحت عناوين مطلبية تطلّ على السياسة، وبين مساعي لملمة الوضع سواء من خلال السعي الى سحب فتائل الغضب الشعبي، بتوفير مخرج سريع لـ «فضيحة» النفايات التي كانت «الشرارة» التي أشعلت التحركات في الشارع، او عبر طاولة الحوار التي أحياها رئيس البرلمان نبيه بري لتكون «وعاء» يحتضن كل عناصر الأزمة اللبنانية المتشابكة مع الملفات المتفجرّة في المنطقة ومحاولات «إخمادها».
وبعد نحو أسبوعين على انطلاق الحِراك المدني بزخم تصاعُدي، تزايدت ملامح الاهتمام الدولي بما يشهده لبنان وقفزت اولوية إجراء الانتخابات الرئاسية الى الواجهة خارجياً للمرة الاولى بهذه القوة منذ بدء الفراغ الرئاسي في 25 مايو 2014. فالمجتمع الدولي، الذي كان على مدار الاشهر الـ 16 الماضية يغلّب «ستاتيكو الانتظار» في لبنان، باعتباره حمايةً للاستقرار، اندفع مع احتجاجات المجتمع المدني نحو «اجندة» من اولويات جديدة يتصدّرها إجراء الانتخابات الرئاسية باعتبارها مدخلاً لمنْع انزلاق لبنان الى الفوضى ولإعادة تكوين السلطة وانتظام عمل مؤسساتها.
وتجلّت هذه الاندفاعة، التي عبّرت عنها بدرجة أساسية حركة ومواقف السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، في 3 محطات في اليومين الماضييْن هي:
* الاجتماع الخاص بلبنان الذي عقده مجلس الامن بطلب من كاغ ورعاية اميركية والذي خلص الى تثبيت اولوية الانتخابات الرئاسية بأسرع وقت.
* ملاقاة هيل موقف مجلس الأمن بإعلانه «وجوب حماية حق الاحتجاج السلمي اللاعنفي وسنستمر في دعم مبدأ حق المجتمع المدني في التعبير عن وجهات نظره وخيباته دون انحياز لأي جهة»، لافتاً الى «إن الولايات المتحدة ترحب بأي جهود لإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء والحكومة، ولكن هناك مسألة أعمق فكما أعاد أعضاء مجلس الأمن الدولي التأكيد أمس»الآن هو الوقت لمجلس النواب ليجتمع وينتخب رئيساً للجمهورية في أقرب وقت.
* إبلاغ سفراء الاتحاد الاوروبي الى رئيس الحكومة تمام سلام بعد زيارتهم له امس الدعم القوي له «في جهوده للمحافظة على استقرار الحكومة وعملها في ضوء استمرار الجمود السياسي والفراغ الرئاسي»، معربين عن تمنيهم«بانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون المزيد من التأخير وبعمل مجلس النواب سريعاً على إقرار التشريعات الملحة، بما في ذلك قانون انتخابي جديد تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعية».
وفي حين يفترض أن تشكل هذه المواقف السقف الذي سيحكم اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان على مستوى وزراء الخارجية والرئيس تمام سلام في نيويورك في 30سبتمبر الجاري، فإن تقدّم الملف الرئاسي الى المقاعد الأمامية بما يمكن أن يشكل عامل ضغط على طاولة«حوار بري»التي تبدأ اجتماعاتها في التاسع من الجاري، تَرافق مع سيناريوين للتحركات التي تشهدها بيروت يومياً والتي ستُتوّج بتظاهرة كبيرة بالتزامن مع انطلاق«حوار 2015»في مقر البرلمان.
السيناريو الأول يغمز من قناة وجود رغبة خارجية وأميركية بالدرجة الأولى بـ«الاستثمار»في الحِراك المدني وتحويله قوة ضغط نحو إنجاز الانتخابات الرئاسية، في التوقيت الذي يلائم مقتضيات مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مع ايران، سواء لجعل الساحة اللبنانية اختباراً لحُسن نيات طهران بما يسمح بفتح الطريق أمام الملفات الأخرى المعقدة في المنطقة،أو في اتجاه محاولة سحْب الورقة اللبنانية من يد ايران قبل الجلوس على طاولة المقايضات.
والسيناريو الثاني يتمحور حول ظاهرة العناصر المندسّة في التظاهرات التي كادت أن تدفع البلاد الى المحظور الامني في الايام الماضية. ذلك ان دوائر سياسية تقرأ هذه الظاهرة إما باعتبارها«رسالة»الى واشنطن تحذّر من اي محاولة للمساس بالورقة اللبنانية من خلال حركة الشارع، تحت طائلة دفع الوضع في لبنان الى الانفجار الأمني الذي لن يصب الا بمصلحة حلفاء طهران المحليين، او باعتبارها في سياق تمهيد لاعبين اقليميين ودوليين لدفع الواقع اللبناني الى«فوضى مدوْزنة» تفضي الى اضطرار كل القوى الداخلية للجلوس الى طاولة الحلّ وفق روزنامة جاهزة وتالياً تجاوُز المسار الاعتراضي للعماد ميشال عون الذي يبقى العائق الاساسي أمام أي تسوية في الملف الرئاسي.