ولي رأي

اللعب في زمن الكبار

1 يناير 1970 07:59 ص
بدأت الرياضة في الكويت مع ثلاثينات القرن الماضي على أيدي مجموعة من الرجال الوطنيين، سابقين زمنهم بالثقافة والاطلاع، وبجهد وتمويل خاص منهم، وحسب إمكانيات محدودة، ولكنهم استطاعوا إيجاد كوادر قيادية متميزة تسلمت المسؤولية منهم وأوصلوا أبناء بلدهم إلى منصات التتويج آسيوياً، وحضور إيجابي في جميع المحافل الرياضية الدولية في وقت قصير نسبياً بجهد متواصل وعطاء من دون منة أو شكاية.

وليسمح لي القارئ إن لم أذكر أسماء هؤلاء الطيبين فمعرفتي بأسماء الرياضيين في تلك الفترة ليست بالكافية، وذاكرتي بدا عليها الضعف والمساحة المتاحة لي في الجريدة لا يمكنها أن تذكرهم جميعاً فهم يريدون إنساناً متخصصاً في التوثيق وسجلات تفوق قاموس المورد.

ولكن يكفي هؤلاء تقديراً واحتراماً- ممن تلاهم في المجال الرياضي- بما قدموا للرياضة العالمية من نجوم ومواهب وأبطال وأعجبوا الجماهير وألهبوا حماسهم بالتشجيع، ولكنني سأقول وحسب ذاكرتي أسماء تلك النجوم التي تلألأت في سمائنا، ووضعت الكويت البلد الصغير مساحة والقليل في عدد سكانه على الساحة الرياضية الدولية.

الأشقاء مهلي وشاكر والحلو فرهود. محمد وعلي وعبد السلام شعيب. سعود وحمد وجمال بوحمد. والمعجزة مساعد الرندي، الذي مثّل الكويت بثلاث لعبات رياضية مختلفة، والقائد الفذ في منتخب كرة القدم سعد الحوطي الذي سُئل لماذا اعتزلت وأنت في سن السادسة والعشرين؟، فأجاب بالقول: أنا قائد أول منتخب خليجي وصل نهائيات كأس العالم وأردت أن أتوقف وأنا بالقمة ولا أنزل عنها.

ومن هؤلاء من أخذ ألقاباً كانت لها صداها: المرعب- الملك- المخلص- المدفعجي- الفارس الأسمر، أسماء كانت ترعب الخصوم وتلهب أكف المشجعين الكويتيين بالتصفيق.

ومنهم مشعل السنين، عبد العزيز الهدبة، محمد غريب الزنكوي، عبد الله المزين، أسعد البنوان، فهمي الخضرا، والعديد العديد العديد.

وكل هذه الإنجازات والإبداعات كانت تحت إشراف دائرة واحدة في وزارة الشؤون بقيادة الأسير الشهيد طيب الله ثراه عادل الرقم، وميزانية لا تتجاوز المليون دينار بكثير.

وعندما اعتزلت تلك الكوكبة اللعب استمرت في العطاء في مجالها الرياضي إداريين ومشرفين، مدربين وحكاماً وإعلاميين، مهيئين من تلاهم لتحمل المسؤولية.

واليوم وبوجود وزارة للشباب والرياضة وهيئتين متخصصتين واحدة للشباب والثانية للرياضة وميزانية رهيبة بعشرات الملايين أصبحت الرياضة سكة لهدف آخر، وتسللت إليها القبلية والطائفية، ودخلت الصراعات السياسية وصارت المناصب فيها لصاحب الأصوات الانتخابية الكثيرة لا الإنجازات الرياضية الكبيرة، بل إن هذه المناصب تورث للأشقاء والأبناء، ولأسباب أخرى كثيرة تفاخرنا وفرحنا عندما اكتفت سلطنة عمان بهزيمتنا 1/0 في كرة القدم، وأصبحنا نعد من الدول التي تحتل ذيل الترتيب في تقييم المستوى، ونشارك من أجل المشاركة لا لتحقيق الإنجازات، لأن مسؤولي الرياضة هذه الأيام يحرصون على البقاء في كراسيهم بظل أحكام المحاكم المحلية والدولية، وفي ظل فوضى تشريعات قانونية تكاد تؤدي برياضتنا إلى الإيقاف.

ولأول مرة في حياتي أسمع عن حكومة تنظم بطولة كرة قدم بوجود وزارة للشباب وهيئة عامة للرياضة ولجنة أولمبية واتحاد لكرة القدم، وحتى الآن لم نتأكد من إقامة هذه البطولة أو هل ستنجح حكومتنا في تنظيمها على غير عادتها في المواضيع الأخرى؟!