ولي رأي
الفرس والعرب
| مبارك مزيد المعوشرجي |
1 يناير 1970
08:01 ص
إن الخصومة بين العرب والفرس ليست وليدة العصر الحديث، بل بدأت مع دخول الإسلام إلى فارس، حيث أقدم المجوسي أبو لؤلؤة- خلّده الله في قاع سقر- على قتل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، صهر النبي -صلى الله عليه وسلم- ونسيب ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها، في مسجد المدينة مع سبعة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين بخنجر مسموم، لأنه في خلافة عمر أطفئت نار المجوس، وقتل كسرى، وهدم إيوانه، وسيقت بناته سبايا يوزعهن سيدنا علي كرم الله وجهه جواري على أبناء كبار الصحابة، ما أثار حفيظة الملعون وأقدم على فعلته الشنيعة بقتل عمر وأصحابه.
ومع أن كلاب ووحوش صحراء المدينة أكلت جيفته النتنة إلا أن له مزاراً في إحدى المدن الإيرانية، ثم جاء دور أبي مسلم الخراساني الذي قتل مئات المسلمين بالشك بهدم الخلافة الأموية، صافية العروبة حكماً وقيماً وأخلاقاً وإقامة الدولة العباسية ظناً منه بأنه يمكن أن يكون للفرس دور فيها، ولكن الخليفة العباسي الثاني أبي جعفر المنصور فطن لأطماعه وقتله شر قتلة، وصادر أمواله التي فاقت أموال بني العباس أجمعهم.
ونفس العمل قام به هارون الرشيد الذي كان يحجّ عاماً ويغزو عاماً بإبادة البرامكة عندما أحس منهم سعيهم للسيطرة على الحكم، واستمر كيد الفرس للعرب حتى استطاع العلقمي وزير الخليفة العباسي الأخير المعتصم بالله إدخال المغول على قصره ليقتلوه وآل بيته وينبهوا ما في قصره من ممتلكات.
وكانت مكافأته منهم له من جنس عمله، إذ طرده المغول، واحتقره المسلمون ومات بثياب الخزي والعار، وما أن قامت الدولة العثمانية التركية وهي والدولة الصفوية الفارسية في صراع دموي ساحته الدول العربية وضحاياه العرب، حتى انهارت الدولتان، وتشكلت جمهورية تركيا بقيادة كمال أتاتورك، وامبراطورية إيران بقيادة الشاه رضا بهلوي، الذي كان أول أعماله بالغدر بحاكم إمارة المحمّرة العربية، وضم إمارته إلى دولته، ولا يزال سكانها العرب يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ليس للدين أو المذهب دور أو دخل في حالة الطمع الفارسي والتوجس العربي بل هي أمل فارسي قديم بأن تعود دولة كسرى جديدة كما كانت الحال عند آنو شروان، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى قال: «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده»، فهل يتعظون؟!