حكومة سلام أمام محكّ «قرارات الضرورة» في جلسة الخميس
هل تؤشّر «شرارة» الجولان لحرب بتوقيت ... نووي؟
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
07:11 م
هل تمهّد اسرائيل لقلب الطاولة؟.. هذا السؤال تردد صداه بقوّة في بيروت في الساعات الماضية، وبدا جدياً ومقلقاً في ضوء التوتر المفاجئ في هضبة الجولان السورية، إثر عمليات صاروخية وجوية عابرة للأسلاك الشائكة هي الأكثر دراماتيكية منذ حرب اكتوبر في العام 1973.
وبدت بيروت، التي تلهو بأزمات سياسية وبيئية واجتماعية خانقة، معنيّة باندفاعة «لعبة النار» على الحدود السورية - الاسرائيلية، وخصوصاً بعدما كان «حزب الله» تحدّث في وقت سابق عن «وحدة الجبهة» في إطار ما اعتبره «قواعد اشتباك» جديدة.
ففي 28 يناير الماضي، اضطرّ «حزب الله» لتنفيذ عملية «مدوْزنة» في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وذلك بعد 10 ايام على قتل اسرائيل لخمسة من عناصره (بينهم جهاد عماد مغنية) وقائد الحرس الثوري الايراني في سورية ولبنان اللواء محمد علي الله دادي في غارة شنّتها على موكبهم في القنيطرة السورية.
وشكل حرص «حزب الله» على الردّ في حينه إصراراً منه على تثبيت قواعد الاشتباك الجديدة التي تجعل الجبهة واحدة من الناقورة في جنوب لبنان وحتى هضبة الجولان في سورية. وتبعاً لذلك تحدثت المعلومات عن اعلان الحزب استنفاره على طول الجبهة مع اسرائيل في اليومين الماضيين.
وثمة مَن يعتقد في بيروت ان ما حصل في الجولان أخيرا يؤشر الى ما هو أدهى، نظراً الى حجمه كونه التطور الاكثر حدة منذ اربعين عاماً، والى توقيته المرتبط بالترتيبات المحتملة في المنطقة في ضوء الاتفاق النووي بين ايران من جهة والولايات المتحدة ومعها دول الغرب من جهة أخرى.
واللافت في ملابسات التطور البالغ الخطورة في الجولان كان تَنصُّل الجميع من الصواريخ الاربعة التي سقطت على مناطق السيطرة الاسرائيلية، في موقفٍ يعكس إدراكاً من النظام السوري وحلفائه ولا سيما «حزب الله» لحراجة الوضع وما ينطوي عليه من خطورة قصوى.
أوساط في «خطّ الممانعة» لم تستبعد ان تكون الصواريخ التي أُطلقت على الشطر المحتل من هضبة الجولان السورية ومنطقة الجليل المحاذية، محاولة لتوفير ذرائع تمكّن تل ابيب من شنّ عدوان على سورية ولبنان شبيه بالحرب على «حزب الله» في يوليو 2006، تماماً كما كان استخدام الاعتداء على السفير الاسرائيلي شلومو ارغوف في لندن العام 1982 ذريعة لاجتياج لبنان وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية منه.
وتوقفت دوائر مراقبة في بيروت امام ما كشفته «الراي» عن ان «حزب الله» اعلن استنفاراً عاماً على الجبهة مع اسرائيل، كمؤشر على الجدية التي يتعاطى بها الحزب مع احتمال قيام اسرائيل بعملية عسكرية في توقيت ربما تعتبره تل ابيب ملائماً لها.
وتأخذ اوساط سياسية احتمال قيام اسرائيل بعملية عسكرية على محمل الجدّ لاعتقادها ان تل ابيب قد تلجأ الى هذا الخيار في المرحلة الفاصلة عن إمرار الكونغرس الاميركي للاتفاق النووي مع ايران بغية تحقيق واحد من ثلاثة أهداف هي:
* الاول فرْض وقائع ساخنة في المنطقة من شأنها التأثير على المزاج الاميركي حيال الاتفاق لعرقلة إمراره في الكونغرس.
* الثاني يرتبط باعتقاد اسرائيل ان حاجة ايران لإكمال صفقة النووي مع الولايات المتحدة تشكل فرصة ملائمة للانقضاض على «حزب الله» باعتبار ان طهران لن تكون طليقة اليدين في المواجهة المحتملة، وربما لاعتقاد اسرائيل ايضاً ان الولايات المتحدة لن تمانع منْحها «جائزة ترضية» عبر التخلص من «عدوها» الأخطر.
* الثالث يكمن في رغبة اسرائيل ربما في الجلوس على الطاولة في المنطقة في لحظة «الترتيبات الجديدة» الى جانب اللاعبين الدوليين والاقليميين كالولايات المتحدة وروسيا وايران والسعودية وتركيا، وهو الامر الذي قد يدفعها الى حجز مقعد بـ «النار» عبر عملية عسكرية يمكن ان تقودها الى التوغل في السلسلة الشرقية بين لبنان وسورية.
وهذه الاحتمالات الساخنة تطلّ برأسها فيما لبنان منشغل بأزمة النفايات التي ما زالت عصيّة على الحل وفي أزمات اخرى مالية واجتماعية تتوالد في ظل صراع سياسي شلّ الحكومة بعد البرلمان، اضافة الى الشغور في رئاسة الجمهورية.
وثمة مَن يرى في بيروت ان الملفات الملحّة قد تكون تراكمت وتشابكت على طريقة «رب ضارة نافعة» بما يسمح بمعاودة تسيير عجلة العمل الحكومي وإن على قاعدة «قرارات الضرورة» ولا سيما تلك المتصلة بقضية رواتب العاملين في القطاع العام وتأمين «الطعام للجيش» وبتّ مناقصات النفايات في ضوء فض العروض المقرر بعد غد.
وفي رأي مصادر سياسية متابعة، انه بات من الصعب على كل مكونات الحكومة ولا سيما العماد ميشال عون، المعترض على قرار التمديد للقادة العسكريين، المضيّ في سياسة التعطيل ولا سيما ان الملفات المطروحة تمسّ لقمة عيش الناس وتنذر بتداعي الواقع الاقتصادي والمعيشي وربما بانفجار في الشارع.
وترى هذه المصادر ان العماد عون، الذي يفتح الباب امام تسوية من شأنها توفير مخرج لصهره العميد شامل روكز يبقيه داخل المؤسسة العسكرية ويحفظ حظوظه بتولي قيادة الجيش، بات في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الخميس امام إما الظهور وكأنه يعاند إقرار بنود حيوية لمصالح الناس لحسابات شخصية وإما تدوير الزوايا ولا سيما في ضوء تلويح رئيس الحكومة تمام سلام مدعوماً من غالبية القوى السياسية بالسير بالقرارات اللازمة ولو بالتصويت.