بري وجنبلاط يبذلان مساعي للخروج من «عنق الزجاجة»
النائب اللبناني أحمد فتفت لـ «الراي»: سلام لن يدعو إلى جلسة لا تكون منتِجة
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
07:11 م
بدا أن حكومة الرئيس تمام سلام أخذت استراحة، بانتظار بلورة نتائج الاتصالات الجارية في الكواليس لتفكيك لغم التمديد للقادة العسكريين، وذلك على قاعدة إيجاد مخرج، يحفظ لزعيم «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون ورقة الإبقاء على حظوظ صهره العميد شامل روكز، بتولّي قيادة الجيش، خلفاً للعماد جان قهوجي، وذلك بعدما تم تأجيل تسريح الأخير لمدة سنة، فيما اقترب روكز من إنهاء خدمته منتصف أكتوبر المقبل.
وفيما علمت «الراي» أن «رئيس الحكومة تمام سلام حسم أمر عدم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس»، أوحت المعطيات التي توافرت أن ماكينة الحكم بمحرّكيْها، الحكومي والتشريعي، باتت عودتها إلى العمل مرتبطة ببلوغ تسوية في ملف التمديد للقادة العسكريين، بما يجنّب البلاد إما انتقال الحكومة التي ورثت صلاحيات رئاسة الجمهورية الى وضعية تصريف الأعمال المقنّع، أو اللجوء إلى خيارات صِدامية داخلها، من مثل تجاهُل اعتراضات عون على اتخاذ القرارات من خارج التوافق الإجماعي، وتالياً اعتماد منطق التصويت بالأكثرية (النصف زائد واحد أو الثلثيْن حسْب طبيعة المواضيع) وفْق ما ينص عليه الدستور، فيما لو كان رئيس الجمهورية موجوداً.
ومن الواضح أن العقلاء في لبنان يفضّلون إعطاء فرصة لتأمين جسر عبور لعون يعيده الى الأرض ويوقف سياسة القفز من شجرة الى أخرى أعلى منها، التي يعتمدها منذ إقرار التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، وهي السياسة التي وجد «حزب الله» نفسه معها مضطراً لملاقاته بالحدّ الذي يوفّر لعون الدعم السياسي الذي يُشعِره بأنه ليس متروكاً في المعركة التي يخوضها، ولكنه في الوقت نفسه لا يُسقط، أقلّه في الوقت الحاضر، الخطوط الحمراء القائمة حول الحكومة، كآخر درع حماية للبلاد، من الوقوع في الفوضى الكاملة في لحظة إقليمية ودولية لم يحن معها بعد أوأن استثمار أوراق القوة في لعبة تقاسُم النفوذ في المنطقة في ضوء الاتفاق النووي بين إيران والغرب.
ولعلّ تريث رئيس الحكومة في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع، يشكّل التعبير الأفضل عن عدم رغبة سلام في تكرار سيناريو الجلسات العقيمة، وعدم استعداده لاستعجال السير بخيارات تدير الظهر لعون داخل الحكومة، وهو ما سيعني، في حال الوصول اليه، انتهاء مرحلة الحرب الباردة في لبنان، وفتْح الأمور على جولات من المواجهة القاسية التي تبرز خشية من إمكان أن يكون ثمة مَن لا يمانع دفْع البلاد اليها، في إطار التحضير لوضع لبنان على طاولة المقايضات الإقليمية، ولا سيما في ظل المناخ المتشنّج الذي ساد البلاد بعد التحرك العوني في الشارع الاربعاء الماضي، ثم إعلان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله أن الحزب لن يقبل «بكسر عون»، تاركاً إمكان الالتحاق به في الشارع واحداً من «خياراتنا المفتوحة».
وفي حين أبلغ النائب احمد فتفت (من كتلة الرئيس سعد الحريري) إلى «الراي» بُعيد زيارته رئيس الحكومة أمس، أن سلام لن يدعو الى جلسة للحكومة «إلا اذا كان متأكداً من انها ستكون منتِجة»، موضحاً ان تكرار مشهد الجلسات السابقة «لا معنى له، بل سيكون مسيئاً أكثر»، أشارت معلومات الى ان «الاتصالات مستمرة في محاولة لكسْر المأزق وتفادي دفْع البلاد الى الخيارات الصعبة، وسط سباق يرتسم بين مساعي الحلول وبين استحقاق ملفات معيشية ومالية داهمة باتت بمثابة قنابل موقوتة».
وعلمت «الراي» في هذا السياق، ان «رئيس البرلمان نبيه بري والنائب وليد جنبلاط يشكّلان المحرّكين الرئيسيْن في الاتصالات، ولا سيما أن كلمة نصر الله الجمعة الماضي، اعتُبرت بمثابة ضوء أخضر لفرْملة تصدُّر بري خط المواجهة مع عون، التي يخوضها خصومه ضدّه داخل الحكومة، كما أعطت مؤشراً إلى أن موافقة زعيم (التيار الحر) على فتح دورة استثنائية للبرلمان قد تكون المقايضة الممكنة لتوفير مخرج لعون يحفظ له ماء الوجه بملف التعيينات العسكرية ويعطي لبري في الوقت نفسه الهدية الكبرى بفتح البرلمان».
وفي معلومات «الراي» أن «المساعي ما زالت مستمرة للوصول الى حل في ملف العميد روكز»، وان «خيار رفع سن التقاعد للضباط إلى 3 سنوات الذي يرفضه في شكل قاطع (تيار المستقبل) والنائب جنبلاط وقيادة الجيش، بات في حكم الميت، من دون إعلان دفنه، في حين ان خيار ترقية 12 ضابطاً الى رتبة لواء، بمن فيهم روكز، ما زال قيد التداول، وسط درْس لمدى تأثيره أو الأضرار التي قد يلحقها بالتراتبيّة في المؤسسة العسكرية، إضافة إلى موقف الضباط الآخرين منه».