دهْم شقة في جدرا بإقليم الخروب للاشتباه بإيوائها الشيخ الفار لبضعة أيام
«لغز» توقيف أحمد الأسير يتكشّف: جواز سفره المزوّر أوقع به بعد رصْد حثيث لحركته
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
05:23 م
غداة القبض عليه بينما كان يحاول الفرار عبر مطار رفيق الحريري الدولي الى نيجيريا عبر القاهرة، بقي الشيخ أحمد الأسير، امس، محور الأنظار في بيروت التي واصلت «تعقُّب» ما يرْشح عن التحقيقات الاولية معه ومحاولة فكّ «لغز» وقوعه في شَباك جهاز الأمن العام اللبناني ،بعد أكثر من عامين على تواريه في أعقاب المواجهات التي وقعت في منطقة عبرا في صيدا (جنوب لبنان) بين جماعته وبين الجيش اللبناني، وأسفرت عن مقتل 18 عسكرياً بينهم ضابطان، وهو الملف الذي يُلاحَق فيه الأسير أمام القضاء بموجب قرار اتهامي طلب له الإعدام.
وبعد سيل التقارير عن ملابسات توقيف الأسير داخل الطائرة او خارجها، والصورة التي تم التعاطي معها على انها تعود اليه بعد تغيير شكله، تقاطعت المعلومات عند الوقائع التالية:
• الأسير وصل الى مطار بيروت بسيارة يرجّح بأنها سيارة أجرة استقلّها في طريقه الى المطار، وهو كان وحيداً ولم يكن برفقة أحد، كما لم يتمّ القبض عليه في الطائرة بل عند نقطة الأمن العام ،بعدما لاحظ احد العناصر أنّ جواز السفر مزوّر.
• التوقيف تم بناء على معلومات مسبقة تتصل بجواز سفره الفلسطيني المزوّر، والامن العام لم يأخذ جهداً او وقتاً لكشف هذا الجواز وصاحبه الذي موّه شكله بعدما خضع لأكثر من عملية تجميل بينها واحدة للأنف وإلى نفخ للوجنتين
والى حقن البوتوكس، اضافة الى حلق لحيته، وهو ما ظهر في الصورتين اللتين تم تداوُلهما له بعد توقيفه من الأمن العام في المطار، علماً
أن الصورة التي نُشرت له أول من أمس اتضح انها غير صحيحة.
• الأسير لم ينكر هويته عند نقطة الأمن العام بعد انكشاف أمره، بل اعترف بأنه هو «الشيخ أحمد الأسير»، وانه أفشى عن عدد من الأسماء المتورطة في «عمليات ارهابية».
• كان يحمل معه بطاقتيْ سفر إحداهما الى نيجيريا التي رُجح انه استخدمها للتمويه عن الوجهة الحقيقة التي كان يريد الانتقال اليها والتي لم يُكشف عنها.
• قطْع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الطريق على ما تردّد عن ان جهات غير لبنانية وأجهزة أمنية خارجية كان لها دور في وقوع الأسير بقبضة هذا الجهاز اللبناني.
وقد نقل تلفزيون «أم تي في» عن ابراهيم قوله انّ «كل ما حكي عن علاقة لأجهزة أمنية خارجية في عملية القاء القبض على الاسير
غير صحيح ،والعملية قام
بها الامن العام لوحده من الألف الى الياء وهي حصلت نتيجة مراقبة حثيثة ومتابعة دقيقة».
ونفى ما تردد عن انه تم توقيف الاسير من خلال جهاز كشف بصمة العين، لافتاً الى أن الامن العام لا يملك مثل هذا الجهاز، بل يملك «بصمة الوطنية لحفظ الأمن والاستقرار في لبنان».
وفيما كان أفراد من عائلة الأسير يخضعون لأخذ عيّنات لحسم هوية الأسير بالـ DNA، علمت «الراي» ان اتصالات سياسية لبنانية فلسطينية رفيعة جرت لاحتواء تداعيات توقيف الاسير، وان جهات فلسطينية بارزة نقلت «رسائل حاسمة» الى بعض أنصار الأسير المتوارين عن الأنظار منذ أحداث عبرا (التي وقعت قبل عامين ونيف) في مخيم عين الحلوة، تحذّرهم من القيام بأي تحرك احتجاجي او ردة فعل تورّط المخيم، على اعتبار ان ما جرى شأن داخلي لبناني ،وأن من غير المسموح الزج بالوضع الفلسطيني فيه، لا سيما مع المعلومات التي تحدثت عن تعاون فلسطيني لبناني أمني لتعقب الاسير يخشى من تداعياته في المرحلة المقبلة إذا صحّ.
وإذا كانت المعلومات حول تفاصيل توقيف الأسير ما زالت غامضة، وسط تساؤل حول اذا كان فعلاً وقع في قبضة «الامن العام» نتيجة الرصد والمتابعة الامنية ام انه أُوقع به، فإن المعلومات تؤكد أن الأسير كان غادر عين الحلوة منذ فترة وأنه كان يتنقل في بعض مناطق صيدا ،وقد رُصد ذات مرة في منطقة الشرحبيل بن حسنة وكاد يلقى القبض عليه الا انه فرّ قبل وقت قصير.
وفي موازاة ذلك، دهمت قوة تابعة لجهاز الأمن العام، محلاً لتصليح السيارات في المدينة الصناعية الثانية (الجديدة) في منطقة سينيق جنوب مدينة صيدا يعود الى عبد الرحمن الشامي الذي تردّد انه أقفل محلّه وتوارى عن الأنظار، وصادرت منه بعض الموجودات فيه، وسط معلومات عن دهم منزل الشامي في جدرا في اقليم الخروب للاشتباه بايوائه الأسير بضعة ايام، وانه جرى التحقيق مع نجله المعتصم بالله. علماً ان مداهمات أخرى حصلت في منطقة سيروب (صيدا) على خلفية اعترافات الأسير الأخيرة.
وأكدت مصادر امنية لـ «الراي» ان الامن العام يحاول التحرك سريعاً لتوقيف عدد من الاشخاص المرتبطين بالأسير قبل هروبهم بعد اعتقاله في المطار، بينما لم يُسجل اي تطور أمني او ردة فعل في عاصمة الجنوب، علماً انه جرى توقيف شخصين في الساعات الماضية: الاول اوقفته القوى الأمنية على خلفية مشاركته في قطع الطريق عند مستديرة مكسر العبد عند الجهة الشمالية لمدينة صيدا (يوم السبت) ويدعى احمد.ق وباشرت التحقيق معه، والثاني الفلسطيني أحمد ع. م وقد أوقفته قوة من الامن العام التي دهمته قرب «بناية البرج» في منطقة عبرا ولم يُعرف سبب التوقيف وما اذا كان مرتبطاً باعترافات الأسير الأولية التي أدلى بها بعد توقيفه.
غير أن الهدوء قابله سيل من الشائعات «التوتيرية» عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات الإخبارية التي تحدثت حيناً عن قفل طريق أو تجمع أحياناً، فيما شهد مخيم عين الحلوة هدوءاً حيث طمأن قائد القوة الأمنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح إلى أن الوضع طبيعي جداً.