بوح / أنت كما تريد!

1 يناير 1970 02:11 ص
عاد الرسول صلى الله عليه وسلم أعرابيا يتلوى من شدة الحمى فقال له مواسيا ومشجعا: طهور، فقال الأعرابي بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، لتورده القبور، فقال: «فهي إذاً».

(رواه البخاري)

إن رسولنا الذي لقي انواع الأذى من اهل الطائف في بداية دعوته، والذي لم يطلب من الله سوى الهداية لهم، لم يكن ليأتي رده بهاتين الكلمتين «فهي إذاً» على شيخ مسن، كان من المفترض ابسط ما يقوله حينما سمع كلمة طهور من لسان اشرف الخلق، هو جزاك الله خيرا، لم يكن ليأتي كنوع من انواع الرد والتعبير بغضب، بل يعني ان هذا الامر يخضع لرؤيتك الشخصية فإن شئت جعلتها تطهير ورضيت وإن شئت جعلتها هلاكا وسخطت.

ولان الانسان عبارة عن جسد وروح، فإن الاول لا يمكنه العيش من دون الاخيرة، اما مستوى هذا العيش فإنه يعتمد على درجة نقاء وصفاء هذه الروح، فكلما كانت أنقى كان عيشها اجمل، ونحن نرى الشخص منا ان ساورته خواطر مفرحة ابتسم وفرح، وان تملكته خواطر حزينة صار عبوس حزين، وان خامرته خواطر مزعجة بات قلقا جبان.

زميلي المتفوق ايام الدراسة، واجه امتحان السنة الدراسية الاخيرة وهو قلق، فلقد استسلمت نفسه لمرض «التحلطم» المنتشر بين الطلبة آنذاك تجاه هذه المادة من دون مقاومة، والتي كانت تحكم الأعراف والتصورات الطلابية عن صعوبة اسألتها سنويا، وذلك قبل الاختبار بأيام قليلة، فكانت نتيجة ذلك، أن فقد الثقة وسلم ورقة الامتحان خلال عشر دقائق، عاجزا عن كتابة كلمة واحدة، وحدث ذلك على الرغم من ان نسبة النجاح في هذه المادة في ذلك العام قد ارتفعت الضعف، مقارنة بالأعوام الماضية.

ليس مطلوبا منك ان تحب هذه الحياة ومكوناتها وتفرح فيها حتى تحبك، بقدر ما هو مطلوب منك ان تفهمها وتعرف موقعك على خارطتها، وبناء على ذلك تحدد وجهتك ورسالتك، وليس مطلوبا منك ان تتوقع منها ان تتوافق مع رؤيتك، بقدر ماهو مطلوب منك ان تعمل على تحقيق او إلغاء هذه الرؤية ان كانت ضدك او لصالحك، فأن تكون ما تريد وليس ان تريد ما هو كائن هو أقصى درجات القوة التي تتمتع بها، وان تشبه ذاتك ذلك يعني متعة حياتك.

* كاتب وإعلامي كويتي