في الكويت، لم يعد الحدث الغريب مستبعداً، ولا الفشل مستغرباً ولا الإخفاق كذلك مرفوضاً، وتأجيل خليجي 23 لمدة سنة، بقرار فردي وعشوائي، شكل صدمة جديدة، ولكنها أصبحت معتادة، لإخفاقات وإحباطات متتالية عانى منها الشارع الكويتي!، وأثرت سلباً على مكانة الكويت بين أشقائها في دول الخليج، خاصة وأنها قد بدت، كما أرادها البعض، عاجزة عن استضافة هذا المحفل الخليجي الذي ينتظره الجميع على أحر من الجمر.
حالة التخبط والصراع المستمر في جميع المجالات والسعي وراء التكسب الشخصي على حساب مصلحة الوطن، أضحى السمة الأبرز، وكان السبب الأساسي لتراجع الكويت المستمر!، وتأجيل دورة الخليج هي آخر دليل وإن لم يكن الأخير على ذلك.
الشرارة الأولى من المعركة انطلقت بعد إقرار مجلس الوزراء ميزانية البطولة، وتقرر معها تشكيل لجنة خاصة لإدارة الأمور المالية للبطولة بالتنسيق مع الاتحاد، ويبدو أن ذلك لتلافي الشبهات التي حدثت في دورة الخليج الماضية، وإن كان لا أحد يعرف حتى الآن ما الذي حصل بالتحديد!، لم يتفق الاتحاد مع هذا الإجراء، فما كان من أعضاء اللجنة سوى الانسحاب.
ولأننا مللنا من التحليل والتوجيه والاقتراح والنصح وبذل الأسباب، وكذلك أيضا في بعض الأحيان التنظير أو بالعامية (التفلسف) في نفس الموضوع، حاولت أن أسرد الأحداث وفقاً لما جاء على لسان أصحابها، ليتمكن من خلالها القارئ أن يكتشف بنفسه ما أعنيه من حالة الإخفاق والتخبط واللامسوؤلية التي نعانيها، مع استمرار صاحب القرار في المضي قدما بدور المتفرج! فإليكم الأحداث.
نبدأ بالشيخ طلال الفهد الذي أعلن يوم الثلاثاء الماضي تأجيل بطولة الخليج وقال «الشيخ أحمد المنصور متفهم للوضع ولا توجد بيننا وبين الهيئة أي مشاكل... أنا وأبومنصور نبي العنب وليس الناطور....»، إلى هنا والكلام جميل، ولكن لنأتي إلى ما حدث في ما بعد، على أن نتمعن جيداً في تصريح الشيخ طلال.
بعدها بيوم واحد فقط، يصرح نائب مدير الهيئة العامة للشباب والرياضة، أحمد الخزعل بأن الهيئة فوجئت بتوصية الاتحاد بتأجيل «خليجي 23» وأن الهيئة مستعدة لاستضافة البطولة وأن الملاعب جاهزة، وعلى رأسها استاذ جابر، كما صرح جاسم الهويدي، وهو الآخر نائب مدير الهيئة العامة للشباب والرياضة، أن قرار التأجيل جاء فردياً، ووصفه بعدم الالتزام بالمصداقية.
المضحك جداً في الموضوع أن الشيخ طلال ذكر قبلها بيوم «أنه لا توجد مشاكل بيننا وبين الهيئة»!، ويبدو أن معنى كلمة مشاكل لدى «بومشعل» بعد تصاريح ممثلي الهيئة ليست كتلك التي، على الأقل، أفهمها شخصياً!
ولأن بومشعل كذلك ذكر أنه متفق تمام مع بومنصور في جني العنب وليس الناطور، فإن بومنصور قد صرح بعد تصريح بومشعل بيومين أن الكويت تأمل في استضافة بطولة الخليج في موعدها، مؤكدا أن جميع الملاعب ستكون جاهزة في موعدها لتلك الاستضافة وأن الكويت جاهزة لكل الترتيبات والتجهيزات المطلوبة!
الشاهد في الموضوع، أن العنب الذي يقصده بومشعل مختلف عن عنب بومنصور، فالحقيقة الغائبة لدينا هنا أن العنب أنواع !
ولأن الموضوع متعلق بسمعة الكويت، أكد وزير الإعلام الشيخ سلمان الصباح أن الكويت قادرة على استضافة بطولة الخليج، وشدد على أنها ستتخذ إجراءات صارمة بحق من يسيء إلى الرياضة الكويتية وسمعتها، ولكن المضحك أيضا، أن بومشعل وفي نفس يوم تصريح الوزير أرسل رسائل شكر وتقدير إلى الاتحادات الخليجية لتفهمها الوضع الصعب في عدم قدرة الكويت تجهيز الملاعب في الوقت المطلوب!
هذا هو المختصر المفيد لثلاثة أيام فقط من تصاريح مستغربة وفي الوقت نفسه مؤلمة تعكس حال التخبط في البلد، وكل ما نملكه أن نقول اللهم لا اعتراض!
Email:
[email protected]