توقّعات بتجرُّع عون هذه الكأس وتَرقُّب لردّ فعله
الحكومة على محكّ تمديد مزدوج لقائد الجيش ورئيس الأركان اللبنانيين
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
03:37 م
يبدو الأسبوع المقبل بمثابة اختبار إضافي شديد الغموض للحكومة اللبنانية المحاصَرة بمجموعة أزمات تتراكم تباعاً فوق معادلة صعبة تمنع استقالة رئيسها او سقوطها من جهة، وتبقي سيف التصعيد مصلتاً عليها من جهة اخرى.
ذلك أن رئيس الحكومة تمام سلام دعا مجلس الوزراء الى عقد جلسة الأربعاء المقبل، بدلاً من الخميس، لاضطراره الى المشاركة في احتفال إعادة تدشين قناة السويس بعد توسيعها، وذلك بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي سيجعل مجلس الوزراء يحسم بعد غد مسألة تعيين رئيس جديد للأركان في قيادة الجيش مكان رئيس الأركان الحالي اللواء وليد سلمان الذي تنتهي مدة خدمته في 7 الجاري، الأمر الذي سيرتّب احتمال تكرار اللجوء الى التمديد لسلمان ما لم تظهر معطيات مفاجئة من الآن وحتى الاربعاء المقبل، من شأنها تعطيل التصعيد الذي يعدّ له «التيار الوطني الحر» بقيادة ميشال عون في حال التمديد.
وتفيد المعطيات المتوافرة في هذا السياق، بأن هناك اتجاهاً لدى وزير الدفاع سمير مقبل لإصدار قرار بالتمديد لسلمان غداة الجلسة في حال عدم التوافق على تعيين رئيس جديد للأركان في مجلس الوزراء وربما يلجأ إلى إقران هذا القرار بالتمديد مرة واحدة لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي يحلّ موعد إنهاء خدماته في سبتمبر المقبل.
وفي اي من الاحتمالين، فإن سائر القوى السياسية تداولت في الأيام الاخيرة معلومات شبه مؤكدة ان عون سيلجأ الى تحريك الشارع بدعوة أنصاره الى احتجاجات واسعة هذه المرّة يصعب حصْر حجمها وتداعياتها مسبقاً.
وقللت أوساط واسعة الاطلاع عبر «الراي» من إمكان التوصل الى تسوية اللحظة الاخيرة قبل جلسة الاربعاء المقبل، على خلفية معلومات ترددت عن طرح عون مشروع تسوية أبلغه الى وزير الدفاع.
وقالت ان «المعطيات المتوافرة تشير الى اتجاهات تصعيدية لتَعذُّر اي حل سوى التمديد، سواء اقتصر على رئيس الاركان او شمله وقائد الجيش معاً».
وذكرت اوساط مطلعة لـ «الراي» ان «العماد قهوجي يفضّل بت مسألة التمديد له بالتزامن مع التمديد لسلمان وعدم الانتظار حتى سبتمبر المقبل، وذلك حفاظاً على معنويات المؤسسة العسكرية والنأي بها عن المزيد من التجاذبات السياسية ما دام توافق الأفرقاء السياسيين على تعيين قائد جديد متعذّر، وخصوصاً أن الجيش الذي احتفل بعيده السبعين، اول من أمس يواجه بشراسة تحديات متعاظمة على الحدود الشرقية وكل العيون العربية والدولية عليه لمساندته في هذه المعركة».
ولفتت الاوساط نفسها الى ان «إحياء عيد الجيش اللبناني، أول من أمس، اتسم بظاهرة لافتة تمثّلت باتساع غير عادي لحملة التأييد للجيش وقائده بما ينبئ بتمهيد واضح للتمديد لقهوجي وإبراز وجود غطاء سياسي وعسكري وشعبي واسع لهذه الخطوة، في وقت بدا التيار العوني منفرداً في حملته على قائد الجيش الى درجةِ عدم إصداره اي بيان في مناسبة عيد الجيش. كما ان وزراء التيار و(حزب الله) لم يوقّعوا مراسيم الترقية السنوية للضباط في الأسلاك العسكرية والأمنية بدعوة ربط هذه الخطوة ايضاً بأزمة آلية عمل مجلس الوزراء».
لكن الاوساط ابدت قلقها من احتمالات التصعيد التي قد تحصل عقب صدور التمديد المرجّح، وخصوصاً اذا جاء التمديد مزدوجاً لرئيس الاركان وقائد الجيش دفعة واحدة، لأن عون سيعتبر الأمر بمثابة إشعال للحرب السياسية عليه وسيمضي في المواجهة/ متكئاً على إحراج حلفائه في «8 آذار» وحشر خصومه في تهديد الحكومة الغارقة في إرباكات أزمة النفايات للأسبوع الثالث وكذلك أزمة آلية عمل مجلس الوزراء التي تشلّ الحكومة واقعياً منذ أشهر.
وفيما تؤكد هذه الاوساط ان «التحرّكات العونية المرتقبة مهما بلغت لن تؤدي الى إسقاط الحكومة التي يكرر فريق (8 آذار) نفسه ان سقوطها هو خط احمر ممنوع»، اعتبرت مصادر متابعة ان «ما من خيار امام عون سوى تجرُّع كأس التمديد لسلمان كما قهوجي، وهو ما يقطع الطريق على ايصال صهره العميد شامل روكز الى قيادة الجيش، وخصوصاً انه أدرك ان التوازنات السياسية لا تسمح بذهابه بعيداً في حركته الاعتراضية التي يمكن ان لا تتعدى (فشّة الخلق)».
ومن هنا، تشير كل المعطيات الى ان فرصة التوصّل الى اي مخرج قبل الاربعاء المقبل، باتت صعبة جداً. علماً ان هذه الجلسة ستكون امام خطوتيْن مفصليتيْن: الاولى لبتّ مسألة التعيين والأخرى لاتخاذ قرار في شأن إنهاء أزمة النفايات، التي بات شبه مرجّح ان يُعتمد مخرج تصديرها الى احدى الدول الأوروبية وعلى الارجح ألمانيا. وتحرك هذا المخرج بقوة في اليوميْن الاخيريْن بعدما ابدت سفارة ألمانيا في بيروت استعدادها للتوسّط بين الحكومة اللبنانية والشركات الألمانية المختصة بقطاع النفايات، كما ان الاتحاد الاوروبي أبدى استعداداً لمساعدة لبنان على التخلّص من هذه الأزمة ومعالجتها.