من محنة الغزو حتى جريمة تفجير مسجد الإمام الصادق

الكويت... مدرسة الوطنية وأهلها قلبٌ واحد ويدٌ واحدة

1 يناير 1970 05:34 ص
• خلال 7 أشهر عِجاف ضرب الشعب الكويتي أروع معاني اللُحمة التي أبهرت العالم

• مارس أبناء الشعب خلال المحنة الكثير من المهن ليقدموا خدمات تطوعية للأهالي

• «بيت القرين» شاهد ورمز على التضحية البطولية للشباب الكويتيين الذين استشهدوا فيه

• شباب من جميع أطياف المجتمع قدموا أرواحهم فداء لوطنهم واختلطت دماؤهم لتروي أرضهم

•الشعب كلّه التفّ حول قيادته الشرعية متمسكاً بنظام الحكم الذي اختاره منذ نشأة البلاد

• الكويتيون كرروا تماسكهم في وحدة وطنية أذهلت العالم إثر التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق

• المخطط الإرهابي الجبان اصطدم بجدار وطني لتسطر الكويت موقفاً تاريخياً بحروف من ذهب

• اصطف الكويتيون خلف سمو الأمير الذي كان أول الواصلين إلى موقع التفجير

• «هذولا عيالي» شعار يفتخر به الكويتيون ويواجهون به المتربّصين بأمن الوطن

• وزير الإعلام: الإجماع الدولي على مساندة الكويت عكس مكانتها عالمياً

• قيم البذل والعطاء والتضحية والفداء يجب أن تكون ماثلة أمام شباب الكويت وناشئتها

• مبارك الدعيج: تصميم الشعب الكويتي في مقاومة الاحتلال أذهل العالم

• الكويت أثبتت للعالم أنها دولة صغيرة بمساحتها كبيرة بشعبها الوفي ونظامها الديموقراطي العريق

• مواقف تاريخية مشرّفة لدول مجلس التعاون وكثير من الدول العربية والأجنبية الصديقة
كونا- لطالما قدم الكويتيون للعالم أمثلة تحتذى في وحدتهم الوطنية، لاسيما عند المحن التي أكدوا خلالها أن ترابطهم عصي على الكسر وتلاحمهم في وجه المتربصين بهم لا يلين وتكاتفهم يزداد قوة كلما ازدادت المحنة شدة مما جعل من الكويت مدرسة للوحدة والتآزر والدفاع عن الوطن.

فمع اللحظات الأولى للغزو العراقي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990، تجلت أواصر الوحدة والأخوة والترابط بين الكويتيين، الذين أثبتوا بعد ربع قرن في محنة تفجير مسجد الإمام الصادق، أنهم صامدون على قلب واحد ويد واحدة ولسان واحد.

ففي ذلك الصباح المشؤوم للغزو وكعادة الكويتيين في الأزمات بوقوفهم وتعاضدهم وتعاونهم، بدأت الاتصالات الهاتفية بين الأهالي والأقارب للاطمئنان بعضهم على بعض، وأخذ الجيران يطرقون أبواب جيرانهم، للوقوف صفا واحدا للخروج من هذه المحنة.

وشكلت (الديوانيات) وهي مجالس الضيافة في بيوت الكويتيين غرف اجتماعات لأهالي «الفريج» (الحي السكني باللهجة)، لكي يتعرفوا على أخبار واحتياجات الأهالي في صورة رائعة من صور التعاضد الوطني والأخوي.

وطال أمد أزمة الاحتلال لسبعة أشهر عجاف، ضرب خلالها الشعب الكويتي أروع معاني اللحمة الوطنية التي أبهرت العالم، رغم قلة عدد هذا الشعب الذي يعيش حياة رغيدة بفضل الله تعالى، حيث امتهن أبناؤه خلال المحنة الكثير من المهن، كخبازين وعاملي نظافة ليقدموا خدماتهم التطوعية لأهالي الكويت جميعا.

ويقف (بيت القرين) شاهدا ورمزا على التضحية البطولية للشباب الكويتيين الذين استشهدوا فيه، وكانوا من جميع أطياف المجتمع الكويتي، وقدموا أرواحهم فداء لوطنهم، واختلطت دماؤهم لتروي أرضهم مقاومين المحتل ومقدمين أروع الأمثلة على الوحدة الوطنية.

كما التف الشعب الكويتي كله حول قيادته الشرعية، وهو ما أكده مؤتمر جدة الشعبي الذي عقد في المملكة العربية السعودية الشقيقة في أكتوبر عام 1990، ليظهر الشعب والقيادة تمسكهم بنظام الحكم الذي اختاروه منذ نشأة البلاد، وارتضته الأجيال، مؤكدين ألا تفاوض على سيادة الكويت واستقلالها وسلامة أراضيها، ما استوجب إعجاب العالم بأسره بهذا الموقف الواحد والمتماسك.

وتطوع الكثير من طلبة الجامعات والمعاهد والمدنيين من الشباب الكويتيين في صفوف الجيش الكويتي في الخارج، وانخرطوا في تدريبات عسكرية وشاركوا في عملية تحرير أرضهم واستعادة وطنهم.

وبعد 25 عاما على محنة الغزو، كرر الكويتيون مواقفهم الصلبة والمتماسكة في وحدة وطنية أذهلت العالم، وضربت مثالا يحتذى إثر التفجير الإرهابي الجبان الذي استهدف المصلين في مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في صلاة الجمعة في ثاني أسبوع من شهر رمضان الماضي، وأوقع عشرات الشهداء ومئات الجرحى.

وقدمت تلك الوسائل الكثير من التقارير الإذاعية والتلفزيونية والصحافية، المشيدة بما رأته من سرعة اصطفاف الكويتيين جميعا بعضهم مع بعض، وخلف سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي كان أول الواصلين إلى موقع التفجير في موقف شجاع وليس بغريب على سموه حيث قال جملته التاريخية «هذولا عيالي» التي أصبحت شعارا يفتخر به الكويتيون، ويواجهون به المتربصين بأمن الوطن وسلامة أبنائه.

وبعد ساعات معدودة أعلن بنك الدم اكتفاءه وارتفاع المخزون، ومع ذلك استمرت الجموع في ذلك اليوم بالتوافد لمشاطرة إخوانهم مصابهم وحزنهم في تلك الأزمة التي آلمت جميع أهل الكويت.

وفي ذكرى الغزو أكد وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود، إن سياسة الكويت الحكيمة وعلاقتها المتوازنة مع مختلف الدول ومصداقيتها في التعامل مع القضايا الدولية التي قادها شيخ الديبلوماسية العالمية سمو امير البلاد، وتمسك الشعب الكويتي بوحدته الوطنية والشرعية بقيادته، كانت السلاح المنيع الذي أجبر قوات الاحتلال على الانسحاب من الكويت.

واضاف أن التاريخ سجل بأحرف من نور الدور العظيم الذي قام به سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد، ورفيقا دربه سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد، وسمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله، في حشد العالم لمناصرة الكويت ومساندة شعبها.

وذكر أن القيادة الكويتية استطاعت حشد أكبر تحالف دولي عرفه التاريخ للضغط على طاغية العراق واجباره بالقوة على الانسحاب من كل الاراضي الكويتية وتحرير البلاد من القوات الغازية، بعد سبعة أشهر عاثت فيها تقتيلا وتشريدا لأهل الكويت وتخريبا وتدميرا لمقدرات وممتلكات الوطن والمواطنين.

وأضاف ان الاحداث التي شهدتها الكويت عبر تاريخها، اثبتت انها عصية على اي معتد وانها قوية أمام أي أزمة، وان وحدة شعبها وتماسكه وولاءه لوطنه وأرضه وقيادته هي صمام الامان الذي ترتكز عليه الكويت وتستمد منه قوتها الآن، بقيادة سمو امير البلاد وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء، في ظل التطورات والتحديات الاقليمية والدولية الحالية.

واكد ان وحدتنا الوطنية وما تحلى به المواطنون من روح وطنية سامية من خلال محنة الغزو، عزز التكاتف والتلاحم والتمسك بروح الاسرة الكويتية الواحدة في مواجهة الغزو الاثم، رغم ترسانته العسكرية، كما استطاع افشال كل محاولات ومخططات قوات الاعتداء في شق وحدة الصف الكويتي.

وقال الحمود ان ذكرى الثاني من أغسطس وما تتضمنه من عبر وعظات في كيفية البذل والعطاء والتضحية والفداء من اجل الوطن، يجب أن تكون ماثلة أمام شباب الكويت وناشئتها، داعيا اياهم الى التمسك بقيم الوحدة الوطنية وتعزيز النسيج المجتمعي التي جبل عليها الاباء والاجداد، تفويتا للفرصة على اي كائن من كان يريد شرا أو ضررا لكويتنا الحبيبة.

واضاف ان ذلك ما أكده أهل الكويت جميعا عندما استهدفت عقول الارهاب الاسود وأياديه الآثمة نسيجنا الوطني واشاعة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد بحادث ارهابي جبان استهدف مسجد الامام الصادق أوائل شهر رمضان الماضي فكانت الكويت كلها، وكما هي دائما على قلب واحد خلف قيادتها الحكيمة والرشيدة صفا واحدا قوي البنيان عصي النيل منه.

وذكر ان الكويت يحق لها ان تفخر بأبنائها الشرفاء الذين قاوموا ببسالة وصلابة قوات الغزو وأجهزتها ورفضوا اي شكل من اشكال التعاون معها رغم قسوة هذه القوات وممارساتها الوحشية داعيا المولى عز وجل أن يتغمد شهداء الكويت الأبرار بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته.

واوضح ان شعب الكويت الوفي سيظل يذكر بكل تقدير مواقف الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ودول العالم الصديقة التي ساندت الكويت وساهمت في تحريرها من براثن القوات الغازية.

ومن جانبه، قال رئيس مجلس الإدارة المدير العام لوكالة الأنباء الكويتية «كونا» الشيخ مبارك الدعيج، إن العالم لن ينسى المواقف البطولية المشرفة التي قام بها أبناء الكويت لمواجهة الغزو العراقي الآثم الذي تعرضت له دولة الكويت في الثاني من أغسطس 1990.

وأضاف الشيخ مبارك الدعيج أن وحدة الشعب الكويتي وتماسكه والتفافه حول الشرعية كانت السبب الرئيسي في طرد قوات الاحتلال وتحرير البلاد في ملحمة بطولية غير مسبوقة.

وذكر أن تصميم الشعب الكويتي على مقاومة قوات الاحتلال، المدججة بأحدث أنواع السلاح والعتاد أذهل العالم، وأكسبه احترامه وتعاطفه ومساندة قضيته العادلة وبذل كل الجهود لإنهاء الاحتلال وتحرير دولة الكويت.

وأكد أن الكويت أثبتت للعالم، أنها دولة صغيرة بمساحتها، كبيرة بشعبها الوفي ونظامها الديموقراطي العريق وقيمها ومبادئها الأصيلة، ومواقفها الثابتة تجاه مختلف القضايا العادلة في العالم.

وقال إن دولة الكويت حصدت إبان محنة الغزو العراقي الغاشم، ثمرة الديبلوماسية الحكيمة التي أرسى قواعدها سمو أمير البلاد وسياسة الانفتاح على العالم التي حرص عليها من أجل إعلاء مكانة الكويت وتعزيز حضورها في المحافل الدولية.

وأوضح أن التاريخ سيذكر بكل تقدير الجهود التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد مع رفيقي دربه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، والأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، لحشد المواقف الدولية من أجل مؤازرة الكويت ومساندة حقها المشروع في انهاء الاحتلال.

وأضاف أن النجاح الكبير الذي حققته القيادة الكويتية، والذي أسفر عن تشكيل تحالف دولي عسكري غير مسبوق لتحرير دولة الكويت من براثن الاحتلال، سيظل علامة بارزة ومضيئة في تاريخ العالم.

وأعرب عن تقدير الكويت واحترامها لحكومات وشعوب العالم التي آزرت وساندت الحق الكويتي وحرصت على المساهمة في تحرير البلاد من القوات الغازية، وشاركت في إعادة إعمارها خلال فترة قياسية، مشيرا إلى المواقف التاريخية المشرفة التي قامت بها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وكثير من الدول العربية الشقيقة والدول الأجنبية الصديقة.