خيبة أمل لفابيوس في طهران حيال الملف الرئاسي اللبناني

«جلسة نفايات» لحكومة سلام غابت عنها «الحماوة» السياسية

1 يناير 1970 05:23 م
بغموض وإرباك غير مسبوقيْن منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، انعقدت جلسة مجلس الوزراء اللبناني أمس، وسط اتساع تداعيات إحدى أسوأ أزمات النفايات التي يعيش اللبنانيون فصولها ومشاهدها البشعة منذ نحو 17 يوماً، وسْط عدم قدرة الحكومة على إنهائها حتى الآن.

وبدت المؤشرات التي سبقت الجلسة كأنها أقرب الى ترسيخ انطباعات ومعطيات اتسعت على نطاق كبير في الأيام الأخيرة من أن الحكومة تحوّلت سلطة مشلولة ومعطّلة وأشبه بحكومة تصريف أعمال غير معلنة رسمياً، في ظلّ محاصرتها بناريْ كارثة النفايات والأزمة الحكومية المتمثّلة باستمرار الخلاف على مقاربة عمل مجلس الوزراء وقضية التعيينات الأمنية والعسكرية.

وظهر أن هذا الوضع الدراماتيكي الضاغط على الحكومة ومختلف القوى السياسية أدى الى مرونة وسكْب المياه الباردة نسبياً على المناخ السياسي الساخن، الأمر الذي تُرجم في جلسة أمس، إفساحاً أمام المداولات الوزارية لمناقشة أزمة النفايات قبل الخوض في الملف السياسي الخلافي، نظراً الى تَفاقُم الأضرار والتداعيات على امتداد المناطق اللبنانية كافة،لا سيما بيروت، التي رغم إعلان بلديتها «حال طوارئ بيئية»، فإنها باتت مهددة بشتى أنواع الآثار السلبية بيئياً وصحياً واجتماعياً وسياحياً.

واستهلّ سلام الجلسة بإطلاع مجلس الوزراء على حصيلة الاجتماعات المتعاقبة التي تعقدها يومياً منذ مطلع الاسبوع الجاري اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات الصلبة، والتي لم تتوصل بعد الى إنهاء الأزمة بسبب تَعذُّر إيجاد مطامر لنقل النفايات من العاصمة إليها، ما استدعى حلاً موقتاً يتضمّن جمْع النفايات في عقار لبلدية بيروت في الكرنتينا تبلغ مساحته 10 آلاف متر مربع.

وإذ استَهلكت المداولات الوزارية معظم الجلسة التي امتدت نحو 3 ساعات، كانت لسلام مداخلة مهمة،حيث لفت الى ان الصراع السياسي حال دون حل أزمة النفايات، داعياً القوى السياسية الى الصدق، ملمّحاً بذلك الى الازدواجية في المواقف السياسية. كما تطرق الى مسألة أشدّ حساسية وخطورة تتمثّل بالاستحقاقات المالية للبلاد، في ما اعتُبر دقّاً لناقوس الخطر في حال استمرار أزمة تعطيل الحكومة.

واشار سلام في هذا السياق، الى ان هناك مجموعة اتفاقات وهبات أُقرّت للبنان تبلغ نحو 98 مليون دولار واتفاقات قروض تبلغ نحو 244 مليون دولار ومجموع الهبات والقروض يبلغ نحو 743 مليون دولار اضافة الى موضوع إصدار سندات خزينة وتأمين الرواتب في القطاع العام ووجود نحو 200 مرسوم بحاجة الى التواقيع الوزارية. وقال إن مقاربة العمل في مجلس الوزراء عادت الى التعطيل، محذراً من اننا «إذا لم نجد حلولاً ومخارج فسنصل الى عجز كبير، وأنا مستعد للمساعدة لكن إذا اصطدمتُ بحائط مسدود فإن خياراتي ستكون مفتوحة وسألجأ إليها»، الامر الذي اعتُبر تلويحاً بالاستقالة.

وأفادت مصادر وزارية بأنه يمكن القول إن جرعة تبريد نسبية حصلت في الجلسة، أمْلتها الأزمة الدراماتيكية للنفايات، لكن مع تجميد الأزمة الحكومية من دون أي تغيير. وإذا لم يحدّد سلام موعداً للجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، فإن المصادر لم تجزم من الآن في ما إذا كان ذلك يعني أن سلام سيحدد الخميس المقبل هذا الموعد ام لا، باعتبار أنه سيترك ذلك لصلاحياته وتقديره لمسار الامور. علماً ان الجميع اتفقوا على أولوية المضي في البحث عن حل لأزمة النفايات من خلال اللجنة الوزارية واجتماعاتها اليومية، وهي التي أضحت أشبه بمجلس وزاري مصغر. كما طُرحت في الجلسة اقتراحات جديدة منها ترحيل النفايات الى الخارج عبر شركات أجنبية مختصة ريثما يتم التوصل الى حل جذري.

وفيما لوحظ ان جميع الوزراء كانوا إيجابيين في مناقشات ملف النفايات، برزت رسالة تشدُّد من خلال رفْض وزراء العماد ميشال عون و«حزب الله» توقيع مرسوم ترقية ضباط الأسلاك والمدرسة الحربية، وهو ما اعتُبر على صلة بتمسُّك عون بمطلبه تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، وهو الاستحقاق الذي يمرّ حكماً بما سيؤول اليه مصير رئاسة الاركان في الجيش، وسْط توجه شبه محسوم للتمديد للواء الركن وليد سلمان الذي تنتهي خدمته في 7 اغسطس، وهو التمديد الذي سيعني ان قراراً مكتوماً مماثلا اتُخذ بالتمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي. وهذا الأمر يفسِّر ما نُقل عن عون من أن أي تأجيل لتسريح اللواء سلمان سيطلق تحركاً لمناصريه في الشارع لا خروج منه قبل تحقيق مطالبه.

وعلى وقْع إعراب رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط عن خشيته من أن مظلّة الاستقرار بدأت تتلاشى وأنه بات يخشى على مستقبل الحكومة، كاشفاً أنه سيجري مشاورات سياسية مكثّفة سيدشّنها مع رئيس البرلمان نبيه بري في الساعات المقبلة، برزت مجموعة مؤشرات الى أن صفحة استقالة سلام طُويت، وأن أي خطوات دراماتيكية بهذا المعنى دونها مخاطر كبرى، خصوصاً في ضوء ما خلصت إليه محادثات «جسّ النبض» حيال الملف اللبناني التي أجراها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في طهران، أول من أمس، والتي أفضت الى قناعة راسخة بأن ايران ليست مستعجلة على ملاقاة المجتمع الدولي الحريص على الإفراج عن الانتخابات الرئاسية في لبنان، كرسالة حسن نية بعد توقيع الاتفاق النووي.