سلام عاود التلويح بالاستقالة: لقد طفح الكيل

الحكومة اللبنانية ترحّل مأزقها إلى ثلاثاء الانفراج أو... الانفجار

1 يناير 1970 05:24 م
بدا الاختبار الذي خاضته، امس، حكومة رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام بمثابة امتحان متجدّد للقرار الداخلي والخارجي بالحفاظ على هذه الحكومة والحؤول دون تفجيرها وانهيارها في هذه الظروف الشديدة الخطورة التي يجتازها لبنان، لا سيما في ظلّ ترحيل الخلاف المستحكم حول آلية عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور في رئاسة الجمهورية الى جلسة «الفرصة الأخيرة» الثلاثاء المقبل، فإما حلّ وإما انكشاف الأزمة على مزيد من التعقيدات في ضوء تلويح سلام بالاستقالة بعدما «طفح الكيل».

وخلافاً للمخاوف الواسعة التي سبقت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت قبل ظهر امس، من ان تفضي الخلافات المتصاعدة بين فريق وزراء «التيار الوطني الحر» (يقوده العماد ميشال عون) مدعوماً من «حزب الله» وبين الرئيس سلام والأفرقاء الآخرين في قوى 14 آذار وكتلة النائب وليد جنبلاط ووزراء كتلة الرئيس السابق ميشال سليمان الى تفجير أزمة أشدّ تعقيداً من المرحلة السابقة، حملت وقائع الجلسة مداولات اتسمت بالهدوء وإن على خلفية تَمسُّك كل من الأفرقاء بمواقفهم حيال موضوع آلية عمل مجلس الوزراء الذي أعيد طرحه بناء على تعهد سابق من سلام استجابة لطلب الفريق العوني الذي يصرّ على حق الوزراء في التدخل وكالةّ عن رئيس الجمهورية في جدول أعمال الجلسات وإصدار القرارات بالتوافق الإجماعي.

وبدا واضحاً ان سلام قطع ايّ ذريعة مسبقة للتصعيد في مستهلّ الجلسة من خلال مبادرته الى طرْح موضوع الآلية اولاً على النقاش مما أراح الفريق العوني خصوصاً حليفه «حزب الله» باعتبار ان الوزراء العونيين كانوا يشترطون مسبقاً مناقشة هذا الأمر قبل أي بند آخر وتحت طائلة تعطيل أي مناقشة لأيّ بند في جدول الأعمال ومن خارجه ما لم يتم بت هذه المشكلة في المقام الاول.

وعلى قاعدة لا انفجار ولا حلّ او «مكانَك راوِح» انتهت الجلسة بعد أكثر من ثلاث ساعات من المداولات الى إرجاء جديد لبتّ مشكلة «المقاربة المعتمَدة لعمل الحكومة في ظل الشغور الرئاسي»، اذ تقرر تحديد موعد آخر الثلاثاء المقبل لجلسة جديدة لمجلس الوزراء تستكمل خلالها مناقشة هذا الموضوع، ما يعني مزيداً من تقسيط الأزمة والإفساح امام تبريدها او على الأقل إبعاد شبح تفجيرها الذي يمكن ان يؤدي الى قلب الرئيس سلام الطاولة على رؤوس الجميع باستقالته وتالياً تحوُّل الحكومة حكومة تصريف أعمال.

وبرز هذا الاتجاه عبر ما كشفته مصادر وزارية لـ «الراي» حيال المناقشات التي اختلفت عن سيناريو جلسة 9 يوليو السابقة التي كانت شهدت صخباً ومشادات حادة بسبب سلوك وزير الخارجية جبران باسيل (صهر عون) وانتهت بصدام بين مجموعات من المتظاهرين العونيين والقوى العسكرية امام السرايا الحكومية. اذ ان جلسة البارحة خلت من هذه الأجواء ولو انها لم تفض الى اي نتائج ايجابية. وقد تعمد الرئيس سلام تقديم الاعتذار الى الشعب اللبناني علناً في المقررات الرسمية لمجلس الوزراء عن الجلسة السابقة التي جرى خلالها تَجاوُز الاصول مؤكداً ان هذه الصفحة طويت.

وحسب المعلومات فانه بعدما طرح سلام موضوع الآلية مشدداً على اعتبار رئيس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي مؤتمناً على المصلحة الوطنية ملمحاً الى رفضه اي مس بصلاحيات رئيس الوزراء، تناوب الوزراء على طرح مواقفهم المعروفة من الآلية تبعاً لمواقع كل منهم.

وقالت المصادر الوزارية لـ «الراي» ان التناقضات لم تختلف عن الجلسة السابقة ولكن بدا واضحاً ان ثمة محاذرة للتصعيد الذي يمكن ان يُخرِج الأزمة عن السيطرة وهو الامر الذي بدا «حزب الله» نفسه حريصاً عليه. ولذا جرى تأجيل البحث الى جلسة الثلاثاء المقبل، وسط معلومات عن ان سلام أبقى سيف الاستقالة مصلتاً على قاعدة «إما حل وإما اتفاق او أنا مستعدّ للاستقالة وذاهب اليها، ولا نريد ان نضحك على الناس بعد الآن، فقد طفح الكيل».

وفي حين ستشكّل الأيام الفاصلة عن الثلاثاء المقبل فسحة لمشاورات جديدة، اكتفى مجلس الوزراء امس بسماع ملاحظات بعض الوزراء حول ملف النفايات الذي يشغل البلاد وسط كارثة بيئية تتهدده وتحديداً في بيروت وضاحيتيها الجنوبية والشمالية، من دون ان تلوح أفق واضحة لحلول وشيكة له، مع ترك المعالجة لوزير البيئة محمد المشنوق. الا ان النائبة بهية الحريري حملت صباح امس الى الرئيس سلام استعداداً لمساهمة صيدا في حلّ موقت يقضي بنقل نفايات بيروت الإدارية الى مكب صيدا الى حين ايجاد حل نهائي للأزمة التي استفحلت مع قفل مطمر الناعمة (جنوب بيروت) وعدم بروز بدائل جاهزة.

على صعيد آخر، يعقد في بيروت اول مؤتمر «للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» يوميْ 28 و 29 من الشهر الجاري في قصر «الاونيسكو» ليعلن انطلاقة الاتحاد الذي يضم علماء سنّة وشيعة في العالم العربي والاسلامي وكذلك من روسيا وباكستان وأفغانستان وألبانيا وكوسوفو وتركيا والبوسنة ومرجعيات دينية وسياسية، تحت عنوان «متّحدون من اجل فلسطين».

ويترأس هذا الاتحاد الشيخ ماهر حمود، امام مسجد القدس (في صيدا)، وتضم هيئة الرئاسة الشيخ احمد بدر الدين (مفتي سورية) والشيخ تيسير التميمي من فلسطين والدكتور جعفر عبد السلام من مصر والشيخ تاج الدين الهلالي من استراليا والشيخ خالد الملا من العراق والشيخ محسن الآراكي من ايران (الامين العام) والشيخ محمد علي التسخيري المستشار الاعلى للسيد علي خامنئي والشيخ نعيم قاسم (نائب امين عام حزب الله) والشيخ احمد الزين (لبنان).