عوائد ثابتة ومضمونة تقدمها الشركات العقارية للأفراد المستثمرين وبنسب خيالية. هذا باختصار ما تناولته في مقالي السابق، وذلك للتوعية بضرورة توخي المواطنين والمقيمين الحذر أثناء اختيار هذه الفرص ودراستها والتأكد من جدواها والتحقق من مطوريها والقائمين عليها قبل التعاقد مع أي من هذه الشركات، والتي اكتسب بعضها سمعة جيدة، بينما تدور حول بعضها الآخر شبهات عديدة ! فالحذر مهم، حتى لا نقع في مصيدة «مادوفية» جديدة !
ولكن ما هو الدور الحكومي في هذه الحالة؟، تنبهت دول خليجية عديدة لعمليات النصب التي وقعت على عدد من مواطنيها، فاتخذت عدداً من الإجراءات الحازمة والتي لربما قد تكبح من هذا الاحتيال المبرمج. ولعل الأخذ بهذه التجارب قد يساعدنا على تجاوز ما يمكن أن يحدث ما لا تحمد عقباه مستقبلاً !
أولاً، وضعت عدد من الدوائر الحكومية شروطاً خاصة لنظام البيع على الخارطة داخل وخارج هذه الدول، كما عمدت على إنشاء حساب خاص لكل مشروع، بحيث يودع المطور أموال المشترين في هذا الحساب ويكون تحت رقابة الجهة الحكومية ويتم الإفراج عن أموال المشترين حسب نسب تقدم البناء، بحيث يلتزم المستثمر باسترجاع أموال المستثمرين في حالة تعثره، ويلتزم المستثمر حينها بتقديم تقارير دورية عن المشروع مصدقة من جهة إشرافية معتمدة لدى الجهة الحكومية، وهذه الحال تنطبق على المشاريع داخل وخارج الدولة.
كذلك، يلتزم أي مطور يرغب في بيع مثل هذه المشاريع أخذ موافقة الجهة الحكومية المختصة على تسويق المشروع وأسعار البيع التي يرغب بتسويقها مدعماً ذلك بدراسة لجدوى المشروع وبيان لملاءته المالية وإمكانياته لتنفيذ المشروع، وكل ذلك إذا ما كان يرغب بتسويق المشروع داخل الدولة، لضمان حقوق المواطنين وحمايتهم من أي عملية احتيال محتملة !
وأيضا، فإن الجهات الحكومية مسؤولة عن التحقق من دقة العقود التي يقوم المطورين بتقديمها للمواطنين، من خلال إلزام المطور باعتمادها من قبل أحد المكاتب القانونية المعتمدة والتصديق على صحة تحقق شرط العوائد المضمونة التي تقدمها بعض الشركات العقارية، دون أن يكون هناك أي ثغرات قانونية قد تساعد المطور في التملص من تنفيذ التزاماته!
كما عمدت بعض الدول إلى الاستعانة بسفاراتها، حيث أعلنت عن قيام السفارات المعنية بتقديم خدمة متابعة استثمارات مواطنيها من خلال تقديم كشوف بالمطورين والعقاريين المعتمدين في الدولة التي تقع بها السفارة، بحيث يستطيع المستثمر الشراء المباشر من هذه القائمة التي تخضع لرقابة وإشراف الجهات الحكومية في تلك الدولة، وكذلك قيام السفارة باعتماد عقود البيع والشراء والتأكد من صحتها وقانونيتها، وكل ذلك من أجل حماية مواطنيها !
إن الإجراءات والقوانين التي تنظم هذه العمليات التسويقية متعددة ومتنوعة، قد لا يسع المجال لذكرها في مقال واحد، ولكن حاولت أن أوضح أنها ليست بالعملية المعقدة أو بالجديدة! فأما آن الأوان للجهات الحكومية المختصة أن تلعب دورها المأمول في حماية المواطنين والمقيمين قبل أن نندم على ما فات؟
Email:
[email protected]